اعتبرت مصادر واسعة الاطلاع لصحيفة "الراي" الكويتية ان الحكومة منيت بضربتين موجعتين متتاليتين عقب اتخاذها موقف الامتناع عن التصويت. فهي من جهة أظهرت نفسها في موقع تبعي بالكامل للنظام السوري ولم تنجح في الاحتماء وراء المظلة العربية رغم ان لبنان يمثل هذه المجموعة في مجلس الامن، فكانت المضاعفات الديبلوماسية والمعنوية محصورة به ولم تطول العرب مجتمعين نظراً الى الانطباع الراسخ لدى المجتمع الدولي من ان الحكومة اللبنانية الحالية هي "من صنع سوريا".
اما من جهة اخرى، فان الضربة الاكبر غير المباشرة جاءت من موقف روسيا تحديداً وخصوصاً مع التصريح المثير للاهتمام الذي ادلى به الرئيس الروسي ديميتري ميدفيديف والذي تنبأ للرئيس السوري بشار الاسد بـ "مصير حزين".
وتفيد المصادر في هذا المجال، ان مصيراً حزيناً اخر ارتسم في هذا السياق للحكومة اللبنانية التي واجهت حقيقة تحول اكبر حليف دولي للنظام السوري وبداية انخراطه في الضغوط الدولية الفعلية المتصاعدة على الرئيس السوري، في حين يبدو لبنان وحده على يد حكومته عرضة لعزلة وتهميش من جراء عدم تحلي الحكومة بالشجاعة الكافية لمجاراة إجماع دولي كان يمكن ان يشكل حماية لها خصوصاً ان البيان الرئاسي لا يعدو كونه موقفاً ضد العنف واتسم بتوازن واضح حتى بين السلطات السورية ومعارضيها.
وتضيف هذه المصادر ان هذه الضربة المعنوية والديبلوماسية للحكومة في اول انطلاقتها ستشكل بطبيعة الحال مؤشراً واضحاً على الطريق الصعبة والشائكة التي ستواجهها تباعاً، خصوصاً ان الوقائع الثابتة في الازمة السورية ترسم خطاً بيانياً دراماتيكياً وممعناً في توقع التطورات التي لا تحمل اي ملامح سارة للحكومة اللبنانية.
واذا كان من الطبيعي ان تتلقف قوى المعارضة هذا التطور وتضاعف تصعيدها السياسي في وجه الحكومة التي اعتبرتها "شريكة في الجريمة ضد الشعب السوري"، فان المردود السلبي الاساسي لذلك سيصيب رئيس الحكومة تباعاً ولو أظهر نفسه مظهر المتماسك وسعى الى تسجيل نقاط لمصلحته في جوانب داخلية اخرى. ذلك ان المصادر تلفت في هذا السياق الى انه حتى في الجانب الداخلي أظهر ملف قانون ترسيم الحدود البحرية الذي اقره مجلس النواب قبل يومين الحكومة ورئيسها في صورة ضعيفة للغاية مع نجاح رئيس مجلس النواب نبيه بري في تعميم صورة "العراب" الفعلي لهذا القانون الذي "خطفه" من الحكومة وبدا رئيس الحكومة متنازلاً عن صلاحيات السلطة التنفيذية لمصلحة رئاسة البرلمان. واذ تزامن هذا الامر مع مسألة موقف لبنان في مجلس الامن، فان هذين التطورين وحدهما يكفيان للاضاءة على ما ستواجهه الحكومة في المرحلة المقبلة المحفوفة بمزيد من الاستحقاقات التي ستثقل عليها خصوصاً ان جدول الاستحقاقات الداخلية من تعيينات ومشاريع قوانين ومعالجات تتعلق بأوجه مختلفة من الخدمات ينذر بكشف حقيقة مواقع القوى التي تتحكم بإرادة الحكومة وتوجهها حيثما تريد، وهو امر سيكون له تداعيات متعاقبة وتصاعدية اسبوعاً اثر اسبوع.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك