بين الفراغ السياسي والبلبلة الأمنية المتنقلة، ووسط استمرار معاناة اللبنانيين في ساحل العاج، خرقت جولة البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي على القيادات السياسية والروحية الجمود السائد على مستوى الوضع الداخلي، وتحديداً الاستحقاق الحكومي العالق في دوامة الشروط وموجات السجالات، ما ينعكس مزيداً من الضبابية لصورة الحكومة العتيدة، شكلاً وتوقيت إبصار نور. فيما أمل رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري بعد لقائه البطريرك "أن تنجلي الأيام الصعبة التي نعيشها بأخرى أفضل لأنه يجب أن ننظر الى مصلحة المواطنين اللبنانيين"، مؤكداً "الاستمرار في الانفتاح والعيش المشترك الذي نتكلم عنه دائماً".
وسط هذه الصورة، بحث الرئيس الحريري في أنقرة مع رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان في آخر المستجدات الإقليمية والدولية والعلاقات الثنائية بين البلدين، كذلك التقى وزير الخارجية أحمد داوود أوغلو على مأدبة عشاء أقامها في منزله.
جولة الراعي
جولة الراعي شملت معظم القيادات الروحية والسياسية الإسلامية، وأكد الرئيس ميقاتي خلال لقائه، استمراره في جهوده لتشكيل حكومة "تتصدى للمشكلات الكبرى وتسعى الى تبديد الهواجس"، مؤكداً أن "مفتاح الحلول للأزمات السياسية هو التمسك بتطبيق نصوص الدستور وروحيته التي تحفظ لكل الفئات موقعها ودورها المتكامل مع مواقع الشركاء في الوطن وأدوارهم بما يطمئن الجميع الى أن أحداً لا يستطيع إلغاء الآخر أو الانتقاص من حضوره الفاعل في الوطن ومؤسساته".
وفي ما يشبه الرد على النائب ميشال عون الذي أشار الى وجوب تغيير الطائف، قال الرئيس المكلف "ارتضينا الدستور المنبثق عن اتفاق الطائف صيغةً للحكم ونحن حريصون على التمسك بها وحمايتها وصيانتها لأن أي إخلال بهذه الصيغة يعيدنا الى مرحلة صعبة جداً ويفتح الباب أمام مشاريع وصيغ لن يكون سهلاً التوافق عليها.
وكان البطريرك الراعي أمل في "أن تبصر الحكومة النور لكي تحل قضايا لبنان المتراكمة والكبيرة"، لافتاً الى "أننا في أمس الحاجة للسلطة التنفيذية التي تتولى المسؤولية في البلاد"، داعياً الى "أن نصلي معاً ونتشاور ونحمل مسؤوليتنا المشتركة".
التشكيل.. مكانك راوح
من جهة أخرى، ظلّت الاتصالات في شأن تشكيل الحكومة تراوح مكانها، وقالت أوساط مطّلعة إن ثمة انتظاراً للموقف الذي سيعلنه اليوم النائب ميشال عون في هذا الموضوع، لأن الأساس هو انتظار معالجة المسألة المتصلة بما يتمسك به عون. وقد أُبلغ أكثر من طرف أن هناك تحركاً من "حزب الله" في اتجاه عون، وثمة انتظاراً لإنهاء الموضوع معه. فإذا أثمرت هذه المساعي فإن هناك دفعاً جديداً في اتجاه بلورة الموضوع الحكومي. أما في حال لم تثمر فإن الأمور ستبقى متعثرة، و"حتى الآن لم يظهر أن هناك شيئاً من الحلحلة".
مواقف سياسية
سياسياً، دعا رئيس حزب "الكتائب" أمين الجميل الى "إنشاء هيئة انقاذ وطني لتأمين التواصل بين اللبنانيين"، معتبراً في مؤتمر صحافي أن "الوضع الأمني لا يمكن أن يبقى على ما هو عليه نظراً لانعكاساته الخطيرة"، لافتاً إلى أن "لبنان على شفير الهاوية ونحتاج الى انقاذه"، داعياً الرئيس المكلف إلى "مصارحة اللبنانيين بأسباب تأخير التشكيل".
بدوره، أبلغ وزير العمل في حكومة تصريف الأعمال بطرس حرب "المستقبل" بعد لقائه أمس الرئيس سليمان، أن اللقاء بحث في "عقبات عملية تشكيل الحكومة، والتي باتت تشكّل ضرراً على مصالح المواطنين، وبالتالي لا يمكن تحمّل هذا الفراغ السياسي إلى ما لا نهاية". وإذ لفت إلى أن "حكومة تصريف الأعمال بصلاحياتها، لا يمكن أن تلبّي حاجات المواطنين"، دعا إلى "ضرورة حسم موضوع التشكيل"، مؤكداً أن "قوى 14 آذار تتمسك بالحفاظ على الدستور وصلاحيات كل من رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، ولا تقبل المسّ بهما، كما ترفض المساومة عليهما لأن المساس بهما يعني اكتمال الانقلاب على البلد، كما أن إلغاء دور رئيس الجمهورية يتناقض مع مضمون خطاب القسم".
وكان حرب أكد في حديث إذاعي أن "رئيس الجمهورية لن يتنازل عن وزارة الداخلية لأي فريق"، وشدد على أن "الرئيس سليمان يمثّل أكثر من النائب عون".
من جهتها، رأت النائب بهية الحريري أن "الكل مأزوم في لبنان ويتعامل مع حل الأمور بعقل مأزوم، ولو كانوا غير ذلك لكانوا ألفوا الحكومة"، معتبرة أن مشاركة الرئيس ميقاتي في اجتماع دار الفتوى "لتأكيد تمسكه بالثوابت التي انطلقت من هذه الدار"، لافتة إلى أنها "لم تقطع التواصل مع الرئيس بري، وتباعد اللقاءات بينهما لا يعني القطيعة".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك