قالها يوما الرئيس الشهيد بشير الجميل وكان عندها المسيحيون في خضم الصراع من اجل الوجود والحياة في زمن كانت فيه كل قوى الارض متخالفة مع الضلال والباطل على حساب حفنة من المقاومين المسيحيين الشرفاء.
نعتذر بداية من الصديق والحليف لكلامنا الطائفي هذه المرة، ولكن للظروف احكام تحتم علينا بين الحين والاخر تذكير بعضهم وفي طليعتهم "حزب الله" بأن المسألة اللبنانية والصيغة اللبنانية والكيان اللبناني والهوية اللبنانية لم توجد يوما الا بفعل حقيقة مسيحية ومارونية بالتحديد - شاء من شاء وأبى من أبى.
فلا يحاولن احد في "الحزب" او من حلفاء الحزب اليوم ان يقفزوا فوق الحقائق التاريخية والوقائع اللبنانية الثابتة سواء بدأ من وظائف الفئة الاولى في الدولة ووصولا الى لاسا واخواتها.
فأولا، لا بد من تذكير "حزب الله" بأن لبنان لم يقم الا ضمانا للاقليات الدينية الحضارية ومنها بالدرجة الاولى الاقليات المسيحية ليس فقط في لبنان، بل في الشرق - وبالتالي من كان لبنانه حرية وكرامة ولاهوت ارض وسماء لا يستطيع اي احد مهما علت عقيدته وتغلب سلاحه ان يطيح بالحقيقة - ونذكر السادة في "حزب الله" بأن من كان على الدوام صلة الوصل والتواصل بين المناطق والقرى اللبنانية المسلمة الحساسة هم المسيحيون وعندما هجر المسيحيون من تلك المناطق والقرى تزعزع استقرار لبنان وانهارت مقومات العيش المشترك.
وثانيا، نذكر "حزب الله" ان من قاوم مشاريع بيع وشراء الهوية اللبنانية والدولة اللبنانية والسيادة اللبنانية تارة لجيراننا في الشرق وطورا لاصدقائنا في الغرب كانوا المسيحيين: فكم كان سهل على المسيحيين يوم جاءهم دين براون (المبعوث الرئاسي الاميركي عام 1976) ان يقبلوا بعرضه الهجرة الى دنيا الغرب الشاسعة وترك لبنان للفلسطينيين حلا للقضية الشرق اوسطية العضال - ومع ذلك رفض المسيحيون هذه المؤامرة وفي احلك الظروف قاوموا وفي ظل ميزان قوى انتحاري عليهم صمدوا وربجوا رهان الدولة والهوية والسيادة ... ربحوا لبنان اولا الذي ما لبث وان انضم اليه كل اللبنانيين منهم بالسر ومنهم بالعلن حتى كانت ثورة 14 اذار 2005 اللبنانية الصافية مئة في المئة.
وكم كان سهلا على المسيحيين ان يقبلوا في زمن التقارب مع نظام حافظ الاسد بالمن والسلوى الدمشقي انذاك وكان النظام السوري وقتها مقتنع بتحالف المصالح الاستراتيجية مع المسيحيين - والجبهة اللبنانية تحديدا في حينه - ومع ذلك انتفض المسيحيون ضد الحليف عندما قرر الحليف الانقلاب على السيادة اللبنانية ودعم الوجود الفلسطيني في لبنان وادخال لبنان في اتون الصراعات العربية - العربية والعربية - الاسرائيلية بما كان سيؤدي لو نجح الامر الى سقوط لبنان وتقسيمه وانهيار صيغته الفريدة في العيش المشترك. فلو قبل المسيحيون باللعبة الاقليمية والدولية لما كان هناك اليوم "8 اذار" ولا "حزب الله" تحديدا ...صدقونا ...
ثالثا، نذكر "حزب الله" واعوانه بأن الجبل المسيحي تحديدا هو الذي صمد عبر التاريح للحملات والفتوحات والغزوات ليبقى للبنان الصغير انذاك شبه حكم ذاتي دفع بالسلطنة العثمانية الى حد البحث عن صيغ خاصة لادارة هذا اللبنان الصغير تارة بنظام القائمقامية وطورا بنظام جبل لبنان المتصرفية مرورا بترتيبات شكيب بك افندي الشهيرة. فلولا صمود المسيحيين في ارضهم وتجذرهم فيها سواء في الشمال او جبيل او كسروان او المتنين لما قضى الغاصب على الهوية اللبنانية ولما بقي للبنان قيامة من بعد ذلك لان لكل سائر الطوائف والمذاهب مراجعها وانظمتها فيما للمسيحيين وخاصة الموارنة مرجع واحد واخير هو لبنان ... فلو اردنا العيش ذميين وقد كانت مسيرة الحضارات يومها بدائية وظالمة ومظلمة - لما ارتضينا الذمية منذ ذلك التاريخ ولما كنا اليوم ازلاما ومتزلفين وعبيدا لسوانا... فمسيرة 1400 سنة من التضحيات والترسخ في الارض والكرامة خير شهادة على دور الوجود المسيحي الحر في هذا الشرق ..مهما حاولوا تضليل الناس...
رابعا، والاهم من كل ما سبق ان للمسيحية المشرقية قديسوها كما ان في غيابها تسعير للعب الشياطين انطلاقا من ضمانة ارض الحرية وملجأ المضطهدين في لبنان - فالرافعة المسيحية هي التي اسست للفكر القومي العربي رفضا للتتريك والعثملة - والرافعة المسيحية هي التي اسست للبعث الاشتراكي العربي في كل من سوريا والعراق - والرافعة المسيحية هي التي كانت ولا تزال تشكل ضمانة كبيرة في عدم وقوع الصراع السني - الشيعي في المنطقة على الشكل الذي يسعى اليه بعض المتهورين في انظمة واحزاب محيطة ومجاورة... والضمانة الاكبر في رفض تذويب كيانات ودول في اخرى ....
فكما ان التجارب اثبتت عبر التاريخ الدور البناء والايجابي للمسيحيين اينما وجدوا كذلك اثبتت ان حيث يغيب المسيحيون يكون الضلال والانقسام ...
فليراجع الحزب حساباته لان المسيحيين هم قديسو هذا الشرق وشياطينه ... ولا قداسة تعلو على من اعطي مجده من السماء ...
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك