كتب داني حداد في موقع mtv:
في مسرحيّة "شي فاشل" لزياد الرحباني، يتنبّه منتج المسرحيّة التي ستُعرض في "المنطقة الغربيّة"، بتعابير تلك المرحلة، الى ضرورة إضافة مقطع عن الجنوب لإرضاء الجمهور. فيضيف الكاتب والمخرج الى نصّه عبارة تبدأ بـ "يا جنوب، يا جرح الوطن الصغير"، ثمّ يتنبّه ويصحّح "الكبير".
كان الجنوب فعلاً، طيلة عقود، الجرح الكبير في هذا الوطن، نظراً لقربه الجغرافي من الأرض التي احتلّتها إسرائيل، فنشأت على أرضه مخيّمات للفلسطينيّين وتحوّلت الى قاعدة للمنظمات الفلسطينيّة، كما للجيش المتعامل مع إسرائيل، وللمقاومة بأشكالها المتعدّدة، وصولاً الى نشوء حزب الله وسيطرته، السياسيّة والعسكريّة، على جزءٍ كبير من الجنوب.
عانى الجنوب طويلاً، وعدا عن الأغنيات والقصائد التي كُتبت له وحيّت صموده، وعدا عن مجلس الجنوب الذي كان باباً للإنماء ومدخلاً للفساد في آن، دفع الجنوبيّون أثماناً كبيرة، وكم من منزلٍ تهدّم وبُني مرّات عدّة، وكم من موسمٍ زراعيّ ضاع، ومن شجرة زيتون حُرقت بنيرانٍ إسرائيليّة...
يعاني الجنوب اليوم أيضاً. ومؤسفٌ كلام كثيرين، ولو عن غير قصد، عن ضرورة حصر المواجهة مع إسرائيل في مناطق جنوبيّة، وعدم تمدّدها، وكأنّ أبناء تلك المناطق من واجبهم أن يدفعوا ثمناً نيابةً عن لبنان كلّه. ولعلّ هذا الأمر نتيجة حتميّة لاحتكار حزبٍ واحد خيار المواجهة مع إسرائيل، والقرار والسلاح...
وهنا يجدر السؤال: هل يذهب الجنوبيّون الى هذه المواجهة مختارين أم مرغمين؟ والى متى ستبقى هذه الأرض "جرح الوطن الكبير"؟
لا يتحمّل حزب الله وحده المسؤوليّة هنا، فالسلطة السياسيّة تخلّت عن دورها واستقالت منه. ستّ سنوات أمضاها ميشال عون في قصر بعبدا، ولم يزر فيها الجنوب مرّةً واحدة. رئيس الحكومة قام بزيارة خاطفة الى مركزٍ للجيش في الجنوب، ولم تبادر الحكومة الى عقد جلسة لها على أرض الجنوب في مبادرة دعم، ولو رمزيّة. على وزير الدفاع، مثلاً، أن يقصد المنطقة ويستطلع الوضع، ليقول "الدولة هنا"، أو ما تبقّى منها ومن هيبتها.
يبرع السياسيّون في إصدار البيانات الشعريّة. يتضامنون مع الجنوب كلاماً. لا ننتظر من أيٍّ منهم أن يداوي "جرح الوطن الكبير". هم، كما عنوان المسرحيّة، "شي فاشل".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك