كتب نادر حجاز في موقع mtv:
يغرق لبنان بالانهيار المتواصل اقتصادياً ونقدياً، كما بالفشل السياسي في تقديم رؤية جديدة تخرجه من أزماته بدءاً من الاستحقاق الرئاسي. فالأفكار التقليديّة والمعادلات الفاشلة المجرّبة لا تزال تتحكّم بالعقليّة القائمة بينما المطلوب رؤية مختلفة قادرة على إحداث خرق ينقذ البلد ويعيده الى الحياة من جديد.
يتردّد إسم البروفسور شبلي ملاط في الكواليس السياسيّة في الأيام الأخيرة، وهو واحدُ من المرشحين غير المعلنين لرئاسة الجمهورية، والذي سبق لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط أن رشّحه في الأشهر الماضية. وفي لقاء لافت في توقيته، لبّى دعوة من السفير الألماني أندرياس كيندل الى غداء عمل في منزله، بحضور دبلوماسي لكلّ من سفراء سويسرا وإيطاليا وبلجيكا، وكانت الرئاسة الطبق الأساس إنطلاقاً من الأفكار التي حرص ملاط على تقديمها بوضوح إنطلاقاً من حاجة لبنان لهذا الفكر الجديد اليوم أكثر من أيّ وقت مضى.
تحدّث ملاط لموقع mtv عن هذا اللقاء مشيراً الى أنه "كان وديّاً وحضارياً، فأنا لا أقدّم نفسي كمرشح إنما أعطي أفكاري وتصوّري للعلاقات مع أوروبا، إن كان من الجانب التاريخي أو التبادل التجاري أو العلاقات التراثيّة. فهناك تغييب مؤسف للدور الأوروبي، وعلى الرئيس الجديد التركيز على إعادة النشاط مع أوروبا على صعد مختلفة، ولا بدّ من الاستفادة من جيرة أوروبا لنا، وهي أهمّ جيراننا لمستقبل يليق بطموحاتنا وآمال شعبنا الذي أفقره محيطنا اللزم. وعلى الرئيس الجديد أن يطرح أفكاراً تكون عمليّة وممكنة لا طوباوية، تكون متينة علمياً وبالعلاقات مع الأطراف الأوروبية، وأخال بعض هذا الكلام استهوى السفراء الأوروبيين الذين التقيتهم لأنّه حديث مستقبلي ومبدع".
وحول الدور الفرنسي على خط الاستحقاق الرئاسي، قال ملاط: "دور فرنسا مهم جداً، لكنّني غير مرتاح للمقاربة الفرنسيّة لأنها مخطئة دستورياً، والثنائيّة ما بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة لا يسمح بها الدستور لأنّ رئيس الجمهورية ليس هو مَن يختار رئيس الوزراء. والفرنسيّون مخطئون سياسيّاً لسببين، أولاً لأن هذه الفكرة جُرّبت في العام ٢٠١٦ ولم تكن قابلة للاستمرار لأنه عند أول أزمة في البلد يدفع الثمن رئيس الحكومة ويضطر للاستقالة، وثانياً لا أرى أن فرنسا أو أي بلد في العالم يمكن أن يقنع الدكتور سمير جعجع بسليمان فرنجية للرئاسة لأسباب تاريخيّة عميقة لها علاقة بالزعامة في الشمال من جهة وبأمور اخرى مختلفة كالعلاقة مع سوريا وحزب الله وفريق الممانعة وسواها".
واعتبر أن "الوجه المستحيل لهذا الاستحقاق الرئاسي هو التقاء الأطراف على اسم لا ينفر منه الدكتور سمير جعجع ولا السيّد حسن نصرالله، والفريقان لن يقبلا برئيس معادٍ لهما. ولأن لقاء الفريقين الأكثر تباعداً اليوم صعب جداً لذلك لا يزال الاستحقاق الرئاسي معطّلاً".
وعن مواصفات هذا الشخص الوسط، يقول ملاط: "يجب أن يطرح أفكاراً جديدة"، مضيفاً: "هذه المرة الأولى منذ العام ١٩٧٠ تكون فيها العمليّة الرئاسيّة ملبننة، من دون دبابة سورية او إسرائيلية. هذه اللبننة لا تحتاج الى حَكَم والتدخل الخارجي يزيد الأمور تعقيداً، والحلّ يجب أن يبنى في لبنان ولذلك على أي رئيس للجمهورية أن يكون لديه طروحات جديدة، وأن يعتبر الفريقان هذا الفكر الجديد مفيداً"، مضيفاً "وليد جنبلاط كان أول مَن قال بهذا الطرح، أي أنه لا يتمكن شخص دعمه هذا الطرف أو ذاك من الوصول، ليس لأن سليمان فرنجية او ميشال معوّض غير مؤهلين أو رئيسَي تحدٍّ، إنما لأنهما طُرحا كمرشحي طرف، ولذلك عدنا اليوم الى الحديث عن الخيار الثالث، وهذا ما يُبحث عنه الآن".
وعن الأسماء المطروحة على الطاولة اليوم، يكشف ملاط: " كما أعلنه أيضا اللواء أشرف ريفي الاسبوع الماضي، الأسماء الأساسيّة اليوم هي ثلاثة، قائد الجيش جوزيف عون، و الوزير جهاد أزعور وشبلي الملاط. والجميع يعمل لدفع العجلة نحو هذه الأسماء. هناك طبعاً آخرون انما تراجعت وتيرة حظوظهم أخيراً".
ولكن أيّ اسم لديه الحظ الأوفر؟ يجيب ملاط: "أيّ إسم لا يحصل بعد على ثقة الفريقين المضادَّين، وإذا توصّلا الى شخص حينها يُنجز الأمر ويصبح الوفاق أسهل"، مستطرداً: "سمعة قائد الجيش طيّبة جداً ولكن يجب أن نستمع اليه ونسمع أفكاره، وجهاد أزعور أيضاً لا نعرف كيف يفكّر أو كيف يتمايز مثلاً عن صندوق النقد الدولي في الخطّة الاقتصاديّة. ولذلك يجب أن يكسرا هذا الصمت، ونتبادل أفكارنا ونخلّص البلد من الفراغ القاتل للناس".
وعمّا إذا كان مستعداً لاعلان ترشيحه رسميّاً والمبادرة في هذا الاتجاه، قال ملاط: "أنا حديثي مفتوح ولقاءاتي مفتوحة، وما أقوله في العلن أقوله في لقاءاتي وليس لديّ ما أخفيه والتستير على الناس لا يفيد. وفي الأيام الماضية اجتمعت مع الكثير من القوى السياسيّة، فالتقيت النائب الدكتور غسان حاصباني، وأصدقاء يحاولون تقريب وجهات النظر مع الرئيس نبيه بري وحزب الله، كما مع النائبين سامي الجميل ونديم الجميل والتغييريّين، والتقيت بهمّة بعض الاصدقاء المقرّبين بالنائب أديب عبد المسيح واللواء أشرف ريفي. أحاول التقريب بين وجهات القوى الأكثر تبايناً، لكنّني لست مرشحاً رسمياً وبالتأكيد لست مرشحاً دائماً، عندي حياة خارج السياسة"، مشدّداً على انه "إذا سلكت الأمور مساراً جدياً فإن الرئاسة تستدعي تحمّل المسؤوليّة وهذا ما أقرّره مع عائلتي متى دعا الأمر".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك