كتبت سمر الخوري في "المركزية":
بارتجال تتخذ الحكومة قراراتها الهادفة الى وضع حد للفوضى المستفحلة في السوق اعتقاداً منها بصوابية تلك القرارات وايجابياتها على جيب المواطن، ولكن سرعان ما يُظهر الواقع عكس تلك التمنيات فنقع مجدداً في فخ التخبط المكلف الذي يُهدر ما تبقى من دولارات في الخزينة.
مع بدء الأزمة قررت وزارة الاقتصاد دعم عدد كبير من السلع الغذائية والمواد الاستهلاكية، يومها ظنت حكومة الرئيس حسان دياب أن القرار يساعد المواطن على تدبير أمره، الا ان النتائج جاءت كارثية حيث تبين أن مصرف لبنان صرف المليارات على سلة غذائية ومواد مدعومة تم تهريبها الى الخارج واستفاد منها التجار والمضاربون.
اليوم ومع استمرار نزف الليرة اللبنانية مقابل الدولار واستغلال البعض هذا الامر عبر التلاعب بالاسعار، قررت الحكومة عبر وزارة الاقتصاد اعتماد الدولار لتسعير السلع في السوبر ماركت والمحال التجارية علَّ هذا الاجراء يخفف من وطأة التلاعب بالاسعار، رغم أن القانون يشدد على التسعير بالعملة الوطنية. وبعد أيام على سريان هذا القرار بدأت الصرخة من قبل المواطن الذي لم يلمس أي تغيير بل رصد تلاعبًا بين سوبر ماركت وآخر، بغياب تام لأي جهة رقابية. فهل وقعنا مجددا في فخ القرارات العشوائية وماذا ايضا عن تداعيات رفع الدولار الجمركي ووصول منصة صيرفة الى سبعين الف ليرة ومعها كل الفواتير التي يدفعها المواطن؟
في حديث لـ"المركزية" يرصد الخبير الاقتصادي البروفسور جاسم عجاقة أكثر من مخالفة بالنسبة لقرار التسعير بالدولار، فيؤكد أن هذه الخطوة تفتح الباب على التلاعب بالاسعار وهذا ما رأيناه لدى بعض السوبر ماركات فيما تقف الدولة عاجزة عن مراقبة هذا القطاع سواء كان التسعير بالليرة ام بالدولار الاميركي. كذلك يسأل عجاقة عن سعر صرف الدولار للزبائن الذين يريدون الدفع بالليرة اللبنانية فوفق أي منصة يُعتمد الصرف، اذ ان كل سوبر ماركت تضع سعر صرف مناسبا لها يُعطيها هامشا ربحيا على السلعة. وعليه ينفي عجاقة كل الكلام عن أن التسعير بالدولار يساهم بتخفيض الاسعار نحو عشرين في المئة.
ويرى عجاقة أن الحكومة وجهت ضربة كبيرة لليرة اللبنانية بسماحها للسوبر ماركت والمحال التجارية التسعير بالدولار، لأنها لن تتمكن في ما بعد من العودة الى الليرة، كما أنها اعترفت رسميًّا بقرارها هذا بدولار السوق السوداء.
أما عن انعكاس سعر صيرفة على الواقع الاقتصادي لاسيما وان هناك فواتير مرتبطة بهذه المنصة، يشير عجاقة الى أن الهدف من ذلك هو حكما رفع ايرادات الدولة كون فواتير الخدمات العامة مرتبطة بهذه المنصة، لافتا الى أن ارتفاع دولار صيرفة يخفف الخسائر على المركزي ويرفع ايضا ايرادات الدولة، كما ان دفع الفواتير نقدا يُساهم بسحب الليرة اللبنانية من السوق وتخفيف المضاربة عليها ما ينعكس تلقائيا على انخفاض قيمة الدولار.
من الناحية الاجتماعية رفع منصة صيرفة يُعتبر ضربة قوية لأن المواطن سيبادر الى دفع فواتير مرتفعة تُجبره حكما على اعتماد سياسة التقنين في استعمال الخدمات من الهاتف الى الكهرباء وغيرهما...
وعن تأثير رفع الدولار الجمركي على الواقع الاقتصادي، يقول عجاقة إن هذه الخطوة تسهم في ضرب القدرة الاستهلاكية للمواطن، مضيفًا: "اليوم هناك نمو حوالي 2 في المئة وهذه النسبة جاءت نتيجة الاستهلاك"، ومع رفع الدولار الجمركي سينخفض حكمًا النمو لأنه مرتبط بالاستهلاك لا الانتاجية، فيما المطلوب رفع الانتاج في الادارات العامة والمؤسسات.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك