كتب عمر البردان في "اللواء":
وسط تفاقم حالة الانهيار على مختلف المستويات، ومع اتجاه سعر صرف الدولار الأميركي في السوق السوداء، للاقتراب من عتبة الخمسين ألف ليرة، وفي ظل عجز فاضح عن اتخاذ الوسائل التي من شأنها التخفيف من معاناة اللبنانيين، لا تظهر في الأفق مؤشرات لتسوية خارجية تنهي حالة الشغور الرئاسي، وعلى وقع استمرار التساؤلات عن كل هذا التحريض ضد القوات الدولية، والذي بلغ ذروته في الاعتداء على دورية للوحدة الإيرلندية، ما أدى إلى مقتل أحد أفرادها، من جانب «حزب الله» ومناصريه ضد عناصر القوات الدولية العاملة في جنوب لبنان، وبما يحمله هذا الحادث من تداعيات بالغة الخطورة على عمل «اليونيفيل» وعلى طريقة تعاملها مع أبناء الجنوب.
ووفقاً لقراءة دبلوماسية، فإن ما تعرضت له القوات الدولية على أيدي مؤيدي حزب الله، لن يكون في مصلحة لبنان، ولن يساعد على استقرار الأوضاع في مناطق عمل عناصر حفظ السلام. وهذا بالتأكيد في حال استمراره، قد يدفع المجتمع الدولي إلى مراجعة قراره في المشاركة في القوات الدولية في الجنوب اللبناني، طالما أن هناك من لا يزال مصراً على استخدام «اليونيفيل»، كصندوق بريد على ساحة الصراعات الإقليمية والدولية. وأن هناك حالة استياء واسعة لدى العواصم الأوروبية، من هذا التحريض غير المسبوق على الوحدات الدولية في جنوب لبنان، من جانب بيئة «حزب الله»، رفضاً لأي تغيير في مهمة القوات الدولية، في نطاق عملها.
وفي حين لا زالت تداعيات الاعتداء على عناصر الوحدة الإيرلندية ترخي بثقلها على المشهد الداخلي، فإن تساؤلات طرحت عن أسباب التأخير في الإعلان عن التحقيقات بشأن حادثة الاعتداء، وسط مخاوف من محاولات للتعمية على الفاعلين الحقيقيين. وهذا بالتأكيد لن يكون في مصلحة لبنان، سيما وإن هناك ضغوطات كبيرة على السلطات اللبنانية، للإسراع في إنجاز التحقيقات والإعلان عنها بأسرع وقت، لما في ذلك من مصلحة للبنان، بعيداً من أي محاولات لصرف التحقيق عن غايته، وتالياً إخراجه عن مساره الطبيعي. وهذا ما تعمل عليه لجنة التحقيق الإيرلندية التي حضرت إلى لبنان من أجل هذا الغرض. لأن المجتمع الدولي يريد الحصول على نتائج سريعة، ومعرفة الجهات التي تقف وراء الاعتداء على دورية «يونيفيل».
وفي إطار الحراك الدبلوماسي الدائر، بحثاً عن مخارج للأزمة الرئاسية، كان لافتاً اللقاء الذي جمع البطريرك بشارة الراعي بالسفير السعودي وليد البخاري في بكركي، بالنظر إلى المواقف التي نقلت عن سفير خادم الحرمين الشريفين، في ما يتصل بالاستحقاق الرئاسي، حيث كان تأكيد واضح على أهمية اجراء الانتخابات الرئاسية بأسرع وقت ممكن وتشكيل حكومة منسجمة مع الرئيس للنهوض بالبلد، في وقت شدد السفير بخاري على أن بلاده لن تتردد في القيام بأي جهد يطلب للمساعدة في موضوع الانتخابات والتنسيق مع الجانب الفرنسي مستمر. وقد لمس البطريرك الراعي مدى دعم السفير السعودي، لإنجاز الانتخابات الرئاسية في أقرب فرصة، من أجل إخراج لبنان من هذا المأزق، وبما يفتح أبواب الدعم العربي والدولي.
وعلى أهمية الاستعجال الفرنسي لإنهاء الشغور الرئاسي، إلا أن باريس والرياض على حد سواء، ورغم جهودهما المشتركة، فإنهما تحمِّلان المسؤولين اللبنانيين مسؤولية أساسية في بقاء الوضع على ما هو عليه، الأمر الذي يحتم توافقهم على رئيس وسطي، لتجاوز هذا المأزق، في ظل استعداد أوروبي وخليجي دائم للمساعدة، وتحت هذا العنوان يأتي حراك العاصمتين من خلال سفيريهما لدى بيروت، لإيجاد الأرضية المناسبة التي تسمح بانتخاب رئيس للجمهورية في أقرب وقت. وتالياً لن يحصل أي تحرك خارجي فاعل، إذا لم يتواكب مع جهود لبنانية داخلية، بغية تجاوز المأزق وملاقاة المساعي العربية والدولية من أجل الإسراع في انتخاب رئيس جديد للجمهورية.
واستناداً للمعلومات المتوافرة لـ«اللواء»، فإن أي مبادرة خارجية لمعالجة المأزق الرئاسي، لم يحن أوانها بعد، لانتظار صورة التطورات الداخلية المتصلة بهذا الاستحقاق، سيما وأن الضبابية لا زالت تغلف مواقف الأطراف المعنية، خاصة في ظل عدم اتضاح الرؤية لدى فريق الثامن من آذار، مع احتدام المنافسة بين رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية ورئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، سيما وأن «حزب الله» لم يتخذ موقفاً واضحاً بعد من هذا الاستحقاق، وإن كانت الترجيحات تصب لمصلحة فرنجية، لكنه يتأنى في تحديد موقفه النهائي، باعتبار أن السباق الجدي نحو الرئاسة الأولى لم يبدأ بعد، من وجهة نظر الحزب وحلفائه.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك