كتب أحمد زين الدين في "اللواء":
47 يوما على الشغور الرئاسي في لبنان، الذي يعيش كل أنواع الأزمات، من دون أن تلوح في الأفق أي بوادر بإنجاز هذا الاستحقاق قريبا بنجاح، وخصوصا في العام 2022 الذي لم يتبق منه سوى 14 يوما، وبعد عشر جلسات انتخابية لم تسفر عن أي نتيجة، بات واضحا أن الشغور الرئاسي سينتقل الى العام 2023، ليستمر عداد الشغور بالتصاعد، بانتظار إشارة مرور خارجية، عبر توافق دولي، وإقليمي وتحديدا عربي كان يطلق عليها «الوحي» الذي يحوّله النواب في صندوقة الاقتراع باسم الرئيس العتيد، وبالتالي، فإن التدخلات الخارجية في انتخابات رئيس الجمهورية قديمة منذ انتخاب أول رئيس للبنان عام 1926 في زمن الانتداب الفرنسي.
وها هي اليوم تتكثف التحركات والمواقف والتصريحات والدعوات الدولية لإنجاز هذا الاستحقاق، لكن «كلمة السر» الحاسمة لم تصدر بعد، ليحولّها نواب «الأمة» الى حقيقة في صندوقة الاقتراع الزجاجية، وبالتالي سيتواصل عداد أيام الشغور في الكرسي الأولى بالتصاعد «حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا».
يلاحظ انه في كل مرة يثير البعض مسألة النصاب في جلسات انتخاب رئيس الجمهورية، وقضايا دستورية أخرى، رغم ان الوقائع والممارسة والتجربة والأعراف منذ 1926 مع ولادة الدستور اللبناني تعطي الدليل الواضح على ذلك، وفي هذا الصدد يذكر أنه جرت محاولة لتعطيل نصاب جلسة انتخاب الرئيس إلياس سركيس في العام 1976، من قبل النائب كمال جنبلاط والحركة الوطنية اللبنانية، والرئيس صائب سلام والعميد ريمون إده وغيرهم، وكانت الخطة تقضي بغياب أكثر من ثلث النواب عن الجلسة أي 34 نائباً لكن لم يتغيّب عن تلك الجلسة سوى 29 نائباً.
وفي جلسة انتخاب بشير الجميل التي جرت إبان الاجتياح «الإسرائيلي» عام 1982، لم تستطع المعارضة تأمين غياب أكثر من ثلث أعضاء المجلس النيابي أي 31 نائباً، فغاب 30 نائباً فقط، وعقدت الجلسة بعد أن انتظر الرئيس كامل الأسعد أكثر من خمس ساعات لتأمين نصاب الثلثين وهو 62 نائباً.
وفي الموعد الدستوري المحدد لانتخاب رئيس جديد للجمهورية عام 1988، لم يحضر جلسة الانتخاب في قصر منصور أكثر من 39 نائباً، ومع أن هذا الرقم كان يفوق أكثرية النصف زائداً واحداً من النواب الذين بقيوا أحياء من مجلس 1972، إلا أن رئيس المجلس النيابي حسين الحسيني اعتبر نصاب الجلسة غير مكتمل، مع العلم أن بعض النواب لم يحضر هذه الجلسة لأسباب قاهرة، حيث مورس بحقهم التهديد والاعتقال والمنع بالقوة.
7 سوابق رئاسية
ما يدعو إلى الاستغراب هو الحماسة التي يبديها بعض السياسيين أحيانا لانتخاب رئيس جديد للجمهورية على قاعدة مخالفة للدستور اللبناني وفق نصاب «نصف زائداً واحداً» فيما يرفضون قاعدة دستورية بتعديل نص دستوري لمرة واحدة من أجل «شخص» أو من أجل انتخاب «موظف»، لكن وقائع انتخابات رؤساء الجمهورية تشير إلى سبع سوابق تم فيها انتخاب أو تعيين موظفين رؤساء للجمهورية أو للحكومات أو حتى وزراء من دون أن يتم تعديل الدستور.
السابقة الأولى: حين تم عام 1926 انتخاب ناظر العدلية العام شارل دباس رئيساً للجمهورية، من دون أن يستقيل من عمله في القضاء.
السابقة الثانية: حينما عيّن الرئيس الاستقلالي الأول بشارة الخوري قائد الجيش اللواء فؤاد شهاب رئيساً للحكومة عام 1952 قبيل استقالته، فتم انتخاب النائب كميل شمعون رئيساً للجمهورية وبالطبع دون أن يستقيل أو يتخلى شهاب عن قيادة الجيش.
السابقة الثالثة: تمثلت بانتخاب قائد الجيش اللواء فؤاد شهاب رئيساً للجمهورية عام 1958 دون أن يتم أي تعديل دستوري.
السابقة الرابعة: تمثلت بترشح حاكم مصرف لبنان إلياس سركيس عام 1970 إلى رئاسة الجمهورية دون أي تعديل دستوري، وفاز آنئذ النائب سليمان فرنجية في دورة الاقتراع الثانية بأكثرية 50 صوتاً في مقابل 49 لسركيس.
السابقة الخامسة: تمثلت أيضاً عام 1976 بالرئيس إلياس سركيس الذي انتخب رئيساً للجمهورية من دون أن يستقيل من حاكمية مصرف لبنان، ودون أن يتم تعديل الدستور.
السابقة السادسة: تعيين الرئيس أمين الجميل عند اللحظة الأخيرة من نهاية ولايته في العام 1988، قائد الجيش العماد ميشال عون رئيساً للحكومة دون أن يتخلى العماد عون عن قيادة الجيش ودون إجراء أي تعديل دستوري.
السابقة السابعة: انتخاب الرئيس السابق ميشال سليمان دون أي تعديل دستوري، علما ان بعض علماء الفقه الدستوري رأوا أن انتخابه كان يفترض تعديلاً دستورياً، تبعاً لتعديلات الطائف.
والجدير بالذكر، انه كان قد انتخب في العام 1998 قائد الجيش العماد إميل لحود رئيسا للجمهورية بعد تعديل دستوري للمادة 49 لمرة واحدة تتيح له الترشيح.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك