صدر عن الأمينة العامة السابقة لحزب الكتلة الوطنية المؤرخة الدكتورة كلود بويز كنعان وأمين عام الاعلام في الحركة الثقافية - انطلياس والرئيس السابق لرابطة اساتذة الجامعة اللبنانية الدكتور عصام خليفة ما يلي:
باسم قطاعات واسعة من المثقفين والأكاديميين اللبنانيين نرحب بكم في لبنان الدولة التي ساهمت في تأسيس الأمم المتحدة وشارك مندوبها الدكتور شارل مالك في صياغة الشرعة العالمية لحقوق الانسان.
ولقد وجدنا من واجبنا الاخلاقي والوطني والانساني ان نقدّم لكم هذه المذكرة المختصرة آملين ان تلقى منكم الاهتمام اللازم.
أولاً: الحدود البرية والبحرية بين لبنان واسرائيل:
أ- الحدود البرية: ان الحدود البرية الجنوبية للدولة اللبنانية تعينت في القرار 318 الصادر في 31 آب 1920(الملحق رقم 1)، وحددت في اتفاق 23 كانون الأول 1920 بين فرنسا وانجلترا (الملحق رقم 2)، ورسّمت في 7 آذار 1923 في اتفاق بوله-نيوكومب(الملحق رقم 3). وهذا الاتفاق أودع في عصبة الامم واقرّ في محضر بتاريخ 4 شباط 1924. وهكذا اصبحت هذه الحدود مثبّتة دولياً.
في 29 ايلول 1947 اخذت الامم المتحدة القرار 181 القاضي بحل الدولتين: فلسطين واسرائيل. وبعد الحرب العربية الاسرائيلية عام 1948 تم التوقيع في 23 آذار 1949 على اتفاقية الهدنة بين لبنان واسرائيل. وقد نصّت المادة الخامسة من الاتفاقية على ما يلي:
"أ- يجب ان يتبع خط الهدنة الدائمة الحدود الدولية بين لبنان وفلسطين..."
بين 5 و 15 كانون الاول 1949 قامت لجنة اسرائيلية - لبنانية، باشراف الامم المتحدة بعملية مسح جديدة للحدود. واعادة إحياء نقاط اتفاق بوله-نيوكومب، وتم تثبيتها، ووضعت نقاط ثانوية (B96-B1). كما وضعت عواميد واشارات ميدانية لاظهار خط الحدود. وكانت الخريطة 20000/1 Palestine والخريطة 50000/1 Levant هما المرجع في الترسيم(الملحق رقم 4). ومن خلال ذلك يبدو واضحاً ان رأس الناقورة هو نقطة الحدود على البحر المتوسط. وبعد الانسحاب الاسرائيلي نحو الخط الأزرق يبدو ان هناك 13 تحفظاً لا تزال تحت الاحتلال الاسرائيلي. اضافة الى مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وقرية النخيلة والجزء اللبناني من قرية الغجروهي كلها لبنانية من خلال عشرات الوثائق(الملحق رقم 5).
ب- الخط 29 هو خط حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة اللبنانية مع المنطقة الاقتصادية الخالصة لاسرائيل:
لقد قدّم الوفد العسكري اللبناني، في المفاوضات غير المباشرة التي جرت بين لبنان واسرائيل، وبوجود مندوب الامم المتحدة، كل الوثائق والاسانيد العلمية والقانونية التي تؤكّد ان الخط 29 هو الخط الصحيح. وان كل الخطوط الأخرى (أي خط 1 والخط 23 وخط هوف) غير قانونية وغير علمية لأنها لا تنطلق من نقطة رأس الناقورة، بل من شمالها، ولانها تعتبر صخرة تخليت جزيرة (رغم ان المادة 121 من قانون البحار (1982) واضحة في هذا المجال). ومن جهة أخرى فإن المرسوم 6433 الذي أرسل من قِبَل الحكومة اللبنانية الى الامم المتحدة يتناقض مع المادة 2 من قانون اصول المحاكمات المدنية اللبناني. وقد ورد فيها "على المحاكم ان تتقيّد بتسلسل القواعد عند تعارض احكام المعاهدات الدولية مع احكام القانون العادي، وتتقدّم في مجال التطبيق الأولى على الثانية". وهكذا فإن المرسوم 6433 يتناقض مع اتفاق بوله- نيوكومب واتفاق الترسيم مع اسرائيل 5-15 كانون الاول 1949، لأنه ينطلق من شمال رأس الناقورة على بعد 30 متراً تقريباً. وتالياً فقد وافق الوزراء المعنيون في الحكومة اللبنانية ورئيس مجلس الوزراء اللبناني السابق حسّان دياب على تعديل احداثيات المرسوم المشار اليه خطياً، كما اقترحت قيادة الجيش اللبناني.
ان قطاعاً واسعاً من المثقفين والاكاديميين اللبنانيين، وعشرات الالوف من العرائض التي وقّعت، وتجمّعات واسعة من الحراك الشعبي، كلها تؤكد تأييدها لموقف الوفد العسكري اللبناني المفاوض وتعتبر ان أي مسؤول لبناني لا يتبنى هذا الموقف متّهم بالخيانة العظمى لمصالح الشعب اللبناني، وهو بالتالي لا يعبّر عن المصالح العليا للدولة اللبنانية.
ثانياً: الحدود البرية والبحرية بين لبنان وسوريا وضرورة عودة جميع النازحين السوريين الى بلادهم فوراً:
أ- الحدود البرية:
ثمة اتفاقيات وضّحت خط الحدود بين الدولتين اللبنانية والسورية. من هذه الاتفاقيات: القرار 318 تاريخ 31 آب 1920، القرار 3007 تاريخ 29 كانون الأول 1924، والقرار N.36bis/LR تاريخ 12 أيار 1931، والقرار 27/LR تاريخ 4 شباط 1935، والقرار 3538 تاريخ 12/11/1937. وبموازاة هذه القرارات هناك محاضر التحديد والتحرير بين الدولتين على امتداد القرى والبلدات المتقابلة على الحدود، وكذلك هناك محاضر اجتماعات القضاة العقاريين من الجانبين، وفي العام 1967 تمّ الاتفاق على صرف تكاليف ثمن التخوم الحدودية المتفق عليها. لكن حتى الآن لم يتم توقيع محضر بين الدولتين مع خرائط تودع للامم المتحدة. من هنا اهمية تطبيق القرارات الدولية ذات الصلة وبخاصة القرار 1680 الذي يدعو لترسيم الحدود اللبنانية - السورية. ويبدو ان هذا الموضوع يتطلب اجراءات من مجلس الامن تشبه الاجراءات التي فرضت لترسيم الحدود بين الكويت والعراق.
ب- الحدود البحرية:
لقد طبّق لبنان مبادئ القانون الدولي في ترسيم الحدود بين المنطقة الاقتصادية الخالصة السورية والمنطقة الاقتصادية الخالصة اللبنانية. ولكن مندوب سوريا في مجلس الامن تحفّظ على هذا الترسيم. والحل يكمن في التفاوض بين الجهتين للتوصل الى حل علمي وقانوني. ونتوقع التشجيع من الامم المتحدة في هذا المجال.
ج- النازحون السوريون واللاجئون الفلسطينيون:
يبلغ عدد النازحين السوريين، بحسب مصادر الامن العام، نحو مليوني نازح. بينما يبلغ عدد السوريين الذين يملكون وقوعات رسمية 1.312.268 يضاف اليهم عدد آخر من النازحين المقيمين دون وثائق قانونية. يضاف اليهم عدد الفلسطينيين المسجلين في لبنان، ويقدر عددهم بحسب وكالة غوث اللاجئين الاونروا نحو 449.957 لاجئاً مسجلين رسمياً. والجدير ذكره ان اعداداً كبيرة من المهاجرين الوافدين- سوريين وفلسطينيين - يستمرون في التدفق عبر المعابر الحدودية غير الشرعية. وقد سجل بين 2011 و 2017 وجود 260 الف ولادة، وثمة غيرها عشرات الوف الولادات للنازحين السوريين ولم يتم تسجيلها شرعياً. فمنذ العام 2014 سجل وجود 520 الف طفل نازح، ويوجد حالياً 2500 مخيم عشوائي للنازحين. ويخشى ان تتغلغل في هذه المخيمات الجماعات الارهابية.
حضرة الأمين العام،
لقد اصدر سلفكم بان كي مون، في 19 أيلول 2016، تقريراً بعنوان: "في السلامة والكرامة- كيفية التعامل مع أزمة النازحين واللاجئين" دعا فيه الدول المستقبلة الى "دمج اللاجئين (الفقرتان 38 و 64) واتباع "سياسات استيعاب وطنية لهم، وإصدار الوثائق المتعلقة بتسجيلهم" (الفقرة 73) "وتوسيع فرص حصولهم على عمل قانوني" (الفقرة 81)، ومنحهم وضعاً قانونيا يتيح لهم الفرصة ليصبحوا مواطنين بالتجنيس" (الفقرة 86). وقد صرّح السفير البريطاني في بيروت (4 آب 2015) "ان خطر توطين النازحين السوريين في لبنان ليس وهماً"
ويبدو ان هؤلاء النازحين كلفوا الاقتصاد اللبناني اكثر من 25 مليار دولار اميركي بحسب تقديرات البنك الدولي.
انطلاقاً من خطورة ما يجري نتمنى على الامم المتحدة:
أ- أخذ العلم ان لبنان بحسب ميثاقه ودستوره يرفض توطين اللاجئين الفلسطينيين، وتالياً يرفض دمج او توطين النازحين السوريين.
ب- مطالبة الامم المتحدة باعادة السوريين النازحين فوراً الى بلادهم ضمن ظروف تحفظ امنهم وكرامتهم. وبالنسبة للفلسطينيين تطبيق قرارات الامم المتحدة ذات الصلة.
ثالثاً: منع جريمة الابادة الجماعية بحق الشعب اللبناني ومطالبة الامين العام بتطبيق الاتفاقية المتعلقة بمنع هذه الجريمة (الاتفاقية المقرّة في الامم المتحدة بتاريخ 9 كانون الاول 1948 وقد وقّع عليها لبنان عام 1949): لقد امتنعت البنوك اللبنانية عن دفع الودائع للناس، وتم تهريب اكثر من 40 مليار دولار الى الخارج منذ العام 2017، ولقد زادت اسعار المواد الاستهلاكية من العام 2019 حتى تشرين الثاني 2021 بنسبة 1819% او 18 مرّة. وتصاعدت تكاليف النقل بنسبة 1034% او ما يوازي 10 مرات. ومنظمة اليونيسف اعلنت ان 77% من العائلات اللبنانية لم تجد ما يكفي من المال لشراء غذائها خلال شهر تموز 2021 واصبح 75% من الشعب اللبناني تحت خط الفقر. والرواتب فقدت 93% من قيمتها الشرائية. وقد حصل انهيار في النظام التربوي والنظام الاستشفائي بحيث اصبحت المستشفيات للاغنياء وكذلك الادوية وحتى حليب الأطفال اصبح نادر الوجود. وفي العام 2021 هاجر اكثر من 200 الف لبناني من الكوادر المهنية العالية ومن الشباب. وهكذا فان المنظومة السياسية الحاكمة تعرّض الشعب اللبناني للابادة الجماعية من خلال ايصاله الى المجاعة.
في المادة الثانية من اتفاقية منع جريمة الابادة الجماعية، تعني هذه الابادة
"ب- الحاق أذى جسدي او روحي خطير باعضاء من الجماعة"
ج- اخضاع الجماعة، عمداً، لظروف معيشية يراد بها تدميرها المادي كلياً او جزئياً
د- فرض تدابير تستهدف الحؤول دون انجاب الاطفال داخل الجماعة.
وفي المادة الثالثة تنص الاتفاقية ان المعاقبة الناجمة عن هذه الافعال المشار اليها ترتبط بـ:
ج- التحريض المباشر والعلني على ارتكاب الابادة الجماعية.
د- محاولة ارتكاب الابادة الجماعية...
وتضيف الاتفاقية في المادة الرابعة "ان المعاقبة تنزل بالحكام الدستوريين او الموظفين العامين او الافراد" اذا كانوا مساهمين في ارتكاب هذه الابادة.
حضرة الامين العام،
الدولة اللبنانية تتحلل من جرّاء سلوك المسؤولين فيها ومحاولة بعضهم تعطيل دور القضاء في كشف جريمة انفجار مرفأ بيروت. وان سياسات هؤلاء المسؤولين ستؤدي حتماً الى مجاعة الشعب اللبناني وتهجيره. ثم هناك وطأة النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين، والضغوط والاطماع الاقليمية والدولية المناقضة للقوانين والاتفاقيات الدولية ولشرعة الامم المتحدة. وكل ذلك قد يؤدي، لا سمح الله، الى اختفاء الدولة اللبنانية من الوجود، كما صرّح وزير خارجية الدولة الصديقة فرنسا جان ايف لودريان.
لذلك، فان الشعب اللبناني يتطلّع اليكم لتقوموا بتطبيق القرارات الدولية (1701، 1559، 1680)، وكل الاتفاقيات الدولية ذات الصلة، ولاسيما اتفاقية منع جريمة الابادة الجماعية والمعاقبة عليها. وفي هذا السياق نذكّر بإعلان بعبدا للعام 2012 الذي أقرّه مجلس الأمن والذي يشكّل مدخلاً للحل في لبنان. كما نتمنى على الامم المتحدة ان تُشرف بشكل فعّال ومباشر على الانتخابات النيابية التي ستجري في منتصف العام 2022.
وإذ يعول شعبنا اللبناني على مساعدة كل الشعوب والدول الصديقة، وعلى مساعدتكم لاستمرار الدولة اللبنانية عامل نهضة وتقدّم ورفاه لشعبها ولتنوير كل المشرق العربي، وتحرككم السريع للحفاظ على استقلال وسيادة ووحدة الدولة اللبنانية وسيطرتها على كامل ثرواتها في البر والبحر وصولاً للخط 29 جنوباً، وتعاونكم للحيلولة دون اندلاع العنف والفوضى في مجتمعنا،
فإننا ننتظر منكم، لا بل نلحّ في مناشدتكم، يا سعادة الامين العام، ان تبادروا الى تنفيذ العقوبات على جميع معرقلي تنفيذ القرارات والاتفاقيات الدولية من داخل لبنان او من خارجه. وتفضلوا بقبول فائق الاحترام.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك