كتب داني حداد في موقع mtv:
العطلة حسرة في دبي. حسرةٌ على المقارنة بين إمارةٍ ترتفع صعوداً، وبلدٍ يتدحرج نزولاً. وحسرةٌ على أحوال لبنانيّين كثيرين جمعوا تعبَ أعمارهم في مصارف لبنانيّة.
في كلّ حقيبة عائدة من دبي الى بيروت علبة دواء، على الأقلّ. "خدلي هودي معك لعيلتي" عبارة يسمعها الكثير من العائدين الى الوطن. والـ "هودي" إما دواء مفقود أو مبلغ من المال يساعد على الصمود في البلد المنهار.
المقيم في دبي، من دون أن يفقد "تحويجة العمر" في المصارف اللبنانيّة، فرِحٌ بالنجاة. قصص نجاح كثيرة، وحياةٌ رغيدة، واستثمارات وتميّزٌ لبناني عن الكثير من الجنسيّات. "وين ما في لبناني في نجاح"، نكاد نقول، بالإذن من إعلان القهوة الشهير.
وفي دبي أيضاً قلقٌ ويأسٌ لدى كثيرين. القلق على مصيرهم، وسط خوفٍ دائم من أن يرتكب سياسيّون في لبنان حماقات تؤثّر على بقائهم في الإمارات، وهو قلقٌ يعيشه الكثير من اللبنانيّين المقيمين في الخليج.
واليأس من حصول تغييرٍ في لبنان، حتى عبر الانتخابات النيابيّة، وإن أصبح اقتراعهم محصوراً بنائبٍ واحدٍ يمثّل كلّ قارة فإنّ الإقبال على التصويت سيتراجع كثيراً.
هي أشبه بحالة انفصال يعيشها المغترب مع وطنه. يرى في دبي العمارات ترتفع والخطط تنفّذ والرفاهيّة تعمَّم، ويجد وطنه يزداد تدهوراً وظلاماً وظلماً.
كثيرون اختاروا ألا يزوروا وطنهم في الأعياد. تجربتهم الصيفيّة مع تقنين الكهرباء وأزمة البنزين لم تكن مشجّعة. وفي المقابل، يعجز المسؤولون لدينا عن عقد جلسة لمجلس الوزراء. يفشلون في إيجادِ حلٍّ لمشكلة صغيرة. لم يحقّقوا أيّ خطوةٍ إصلاحيّة.
الدولار يرتفع، ومعه الأسعار. عيدٌ بلا كهرباء، وكلفة عشائه العائليّ ضعف الحدّ الأدنى للأجور، وأزمة نفايات تلوح في الأفق، من دون معالجة.
أما في دبي، فاحتفالات وزينة وموسيقى، والعالم يزحف نحو "الإكسبو" المدهش. ناسٌ من مختلف الجنسيّات يصرفون الأموال ويستمتعون، وفنادق ممتلئة بالضيوف وصحراء تتحوّل الى جنّةٍ من ماءٍ وأشجارٍ وعصافير وبناياتٍ شاهقة و"مولات" هي الأضخم في العالم.
هل يحقّ لنا أن نسأل: لماذا ذلك كلّه ليس عندنا؟ ومن المسؤول؟ ولماذا يمضي بعضنا نصف حياته وهو يدافع عن زعيمٍ لم يقدّم له سوى الخراب؟
يعيش لبنان لعنة الموقع الجغرافي، ولعنة الطائفيّة، ولعنة سَفالة الكثير من سياسيّيه. ويعيش، خصوصاً، لعنة غباء بعض شعبه اللاهث وراء زعماء جعلوا حياة دلافين الاستعراضات المائيّة في دبي أفضل من حياته بكثير…
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك