كتبت عزة الحاج حسن في "المدن":
لم تقتصر مفاعيل الانهيار المالي والاقتصادي في لبنان على تدهور القطاع الطبي والاستشفائي، وكل من يدور في فلكه من مؤسسات ضامنة وشركات تأمين وأطباء وممرضين ومختبرات ومراكز أبحاث وغيرها.. بل شمل أيضاً المكاتب التمثيلية التابعة لشركات الأدوية العالمية.وحسب معلومات "المدن"، يتجه عدد من كبرى شركات الأدوية العالمية إلى الخروج من لبنان كلياً، مع نهاية العام الحالي، في حين يتجه البعض إلى تقليص النشاط في لبنان للحد الأدنى.
باختصار، يتواجد في لبنان قرابة 40 شركة أدوية عالمية، من بينها 20 بالحد الأدنى شركات عالمية كبيرة، تعمل على إعادة ترتيب أوراقها فيما خص استمرار تواجدها في لبنان أو الخروج منه، أو تقليص حجم أعمالها فيه. فكيف يمكن أن ينعكس ذلك على سوق العمل من جهة، وعلى القطاع الطبي والاستشفائي من جهة أخرى؟
تقييم أوضاع
تقوم شركات الأدوية العالمية التي تمتلك مكاتب تمثيلية لها في لبنان، بتقييم أوضاعها في الاشهر الأخيرة، في ظل التراجع الكبير في سوق العمل، والتعقيدات التي ترافق كافة الأعمال، لاسيما منها تلك المرتبطة بالشأن الصحي، في ظل انهيار العملة الوطنية مقابل تسعير كافة الخدمات والمستلزمات والأدوية وغيرها بالدولار حصراً.
تقييم الأوضاع لم يقتصر على شركة أدوية عالمية واحدة، بل أن غالبية الشركات تعيد حساباتها لجهة جدوى وجودها في لبنان، على ما يؤكد مصدر من القطاع في حديثه إلى "المدن". وأحد الخيارات المطروحة لدى عدد كبير من الشركات، هو تقليص حجمها في لبنان، وحصر بعض مهامها بعدد قليل من المندوبين، مع وقف معظم النشاط. ويعزو المصدر السبب الرئيسي لتقليص الشركات وجودها في لبنان أو خروجها كلياً، إلى ارتفاع حدة الأزمات الاقتصادية والمالية في البلد، والتي بدورها رفعت من حجم المخاطر المالية بشكل هائل على الشركات.
4000 موظف
تضم المكاتب التمثيلية لشركات الأدوية العالمية في لبنان نحو 4000 موظف من ذوي الاختصاصات العلمية، باتت وظائفهم بخطر اليوم. ومن المتوقع ان تعتمد الشركات التي تتجه للخروج من لبنان منهجية عمل شركات الأدوية الصغيرة، التي عادة ما تكلّف وكيلاً معتمداً منها في لبنان يقوم بمهام الاستيراد والتوزيع والإعلان والترويج، في حين تتسع مهام الشركات الكبرى لتشمل عمليات الإرشاد الطبي وتمويل أبحاث وإجراء دراسات علمية والتعاون الأكاديمي ورعاية مؤتمرات علمية داخل وخارج لبنان، إلى جانب تمكين أطباء من مواكبة التطور العلمي في المؤتمرات الدولية.
أما الخسائر التي ستلحق بالقطاع الصحي في لبنان، من جراء خروج بعض شركات الادوية العالمية، وتقليص عمل أخرى للحدود الدنيا، فتتمثل، حسب المصدر، بتقليص حجم الوظائف وانضمام الآلاف من المتخصصين إلى شريحة العاطلين عن العمل، بالإضافة إلى توقف بعض الشركات عن تمويل الأبحاث والدراسات ودعم المختبرات والمؤتمرات ومشاريع تعنى بالصحة. لكن ثمة هناك ما هو أخطر من كل ذلك، يقول المصدر. ففي حال خروج شركات عالمية من لبنان، ذلك يعني أنها شطبت اسم لبنان من خريطة عملها. وبالتالي، ستتوقف عن تزويد السوق اللبناني بالأدوية المطورة والمواكبة بشكل مستمر، لاسيما المرتبطة بالأمراض المستعصية والمزمنة. فالشركات تستثمر بتطوير أبحاث ودراسات لاستحداث أدوية متقدمة لعلاج الامراض المزمنة والمستعصية، بمعنى أن خروجها يجعل من لبنان بلداً غير ذي أولوية بالنسبة إليها.
بالنسبة إلى الأدوية المسجّلة في وزارة الصحة، والتي يعود تصنيعها لإحدى أو جميع الشركات التي تعتزم الخروج نهائياً من السوق اللبنانية، فإنه من الممكن أن يستمر الوكلاء باستيرادها، أما الأدوية المستحدثة، فيصبح من الصعب الاستحصال عليها في لبنان. وهنا يلمح مصدر طبي رفيع إلى صعوبة عمليات استيراد الأدوية بمجملها في المرحلة المقبلة. متوقعاً تراجع حجم استيراد الأدوية بشكل كبير، بصرف النظر عن مسألة احتمال خروج شركات الأدوية عالمية من لبنان.
وحسب المعلومات، فإن لقاء عقد منذ أيام بين وفد من نقابة الأطباء والشركات العالمية، استهدف وضع خريطة طريق للتعامل مع المستجدات، لكنه لم يخرج بأي اتفاق أو حلول.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك