كتب أنطوان الفتى في "أخبار اليوم":
بعد أشهر من غياب العقوبات الأميركية ومفاعيلها السياسية عن المشهد اللبناني، ها هي تعود الى الواجهة من جديد، مع تلك التي فرضتها وزارة الخزانة الأميركية أمس، على رجلَي الأعمال جهاد العرب وداني خوري، وعلى النائب جميل السيّد.
ولكن أهمّ ما يبرز في توقيت تلك العقوبات، ودلالاتها، هو أنها تأتي مُتزامِنَة مع تشديد المجتمع الدولي على إجراء الإستحقاق النيابي اللبناني، بما يسهّل خريطة طريق تجديد السلطة، وتشكيل حكومة لبنانية جديدة تُترجِم هذا التجديد، مع ما له من مفاعيل على التعاطي مع "صندوق النّقد الدولي"، وباقي المؤسّسات المالية الدولية، بشفافية، وبعيداً من سياسات التنفيعات والسمسرات الفاسدة، التي تحكّمت بالإقتصاد اللبناني، كنتيجة طبيعية للفساد السياسي في البلد.
2022
فهل يُتَّعَظ لبنانياً من تلك العقوبات، في رسم خرائط لبنان الجديد، نيابياً وحكومياً ورئاسياً، لعام 2022؟ وماذا عن أهميّة تدعيم اللوائح الإنتخابية، بمرشّحين غير فاسدين؟ و(تدعيم) حكومة ما بعد الإنتخابات بوزراء غير فاسدين؟ سواء كانوا (النواب أو الوزراء) من رجال المال والأعمال، أو لا؟ وماذا عن أهميّة أن يكون رئيس لبنان القادم، بلا أي غبار فاسد، لأنه وكما يبدو، فإن غياب العقوبات عن المشهد اللبناني من حين لآخر، ليس برداً وسلاماً، بقدر ما هو مرحلة تحضيرية لجَمْع معلومات، والمزيد منها، عن هذه الشخصية أو تلك، بما يؤسّس لمعاقبتها في وقت لاحق.
أدلّة
وحتى إذا لم نهمل الخلفيات السياسية لفرض العقوبات الأميركية، فإنه لا بدّ من الاعتراف بأنها تستند الى وقائع وأدلّة وبراهين على هدر وفساد وعَدَم شفافية. وبالتالي، كلّ من لا يرغب بأن يكون مُعاقَباً، ما عليه إلا أن يكفّ يده عن التورُّط في الفساد.
دور مركزي
أشار الوزير السابق البروفسور ابراهيم نجار الى أنه "رغم أن كثيرين يعتبرون أن تأثير الولايات المتحدة في لبنان بات ضعيفاً، إلا أن دورها سيكون مركزياً في الإنتخابات الرئاسية القادمة".
وأوضح في حديث لوكالة "أخبار اليوم" أنه "تقليدياً، لا يتمّ اختيار رئيس الجمهورية لبنانياً فقط، بل بموجب توافقات وتوازنات إقليمية - دولية أيضاً. كما أنه ما عاد وارداً بعد اليوم أن يكون لبنان في موقع جيو - استراتيجي موالٍ لإيران أو مُتحالف معها، بما يبعده عن الولايات المتّحدة".
ترجمة
ولفت نجار الى أن "المشهد اللبناني يحتاج الى رئيس جمهورية يؤمّن التوازن بين المقتضيات الإقليمية من جهة، والدولية من جهة أخرى، العام القادم، وذلك كما كان يحصل في الماضي، خلال عهود الرؤساء فؤاد شهاب، والياس سركيس، أو حتى الياس الهراوي، وميشال سليمان".
وشرح:"عندما تُفرَض عقوبات أميركية على شخصيات مقرَّبَة جدّاً من "حزب الله"، أو سوريا، أو رئيس تيار "المرده" سليمان فرنجية، أو رئيس مجلس النواب نبيه بري، أو الرئيس سعد الحريري، أو رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل، أو غيرهم، فهذا بحدّ ذاته إشارة قوية جدّاً لمستقبلهم السياسي، من وجهة النّظر الأميركية".
وختم:"في أي حال، سوريا وإيران ودول الخليج والعالم كلّه، يأخذ كل تلك المؤشّرات الأميركية في الاعتبار، خصوصاً أنها لا تحتاج الى ترجمة أو تعريب، في ما يتعلّق بالتوجّهات الأميركية للبنان مستقبلاً".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك