كتب رضا صوايا في "الاخبار":
ليس المقيمون وحدهم من يرغبون في الهجرة من لبنان. اليخوت، أيضاً، تغادر «أفواجاً» حتى باتت عمليات بيعها من أكثر العمليات التجارية ازدهاراً أخيراً. قد يبدو الخوض في هذا الشأن، في ظل الأوضاع الحالية، ترفاً، لكنه مؤشر آخر على أن الأزمة كأنها لم تستثن أحداً.
«وضع قطاع اليخوت في لبنان مأسوي»، بحسب مدير التسويق في شركة Chehab Marine مصطفى شهاب. «المبيعات داخل لبنان تراجعت بشكل حاد، والسوق اللبناني يعمل بنسبة 10% فقط مقارنةً بالسنوات التي سبقت تفاقم الأزمة أواخر عام 2019». ودفع حجز المصارف لأموال المودعين بـ«كثيرين من مالكي الزوارق واليخوت الى بيعها إما لارتفاع كلفة صيانتها أو لحاجتهم إلى السيولة».
في سنوات «البحبوحة» و«التسهيلات» المصرفية وسيادة النمط الاستهلاكي، دفعت الرغبة في التباهي بكثيرين إلى اقتناء يخوت وزوارق «من دون أن يملكوا المعرفة الكافية بالأعباء التي تترتب على شراء اليخت أو الزورق وهو ما لمسوه مع اشتداد الأزمة الاقتصاديّة. فأكلاف الصيانة ورسوم الموقف قد لا يقدر عليها المقتدرون، فكيف بمتوسطي الحال» بحسب الخبير البحري جهاد حرش. فعلى سبيل المثال، تبلغ كلفة رسم موقف سنوي في المرفأ ليخت متوسط الحجم يتراوح طوله بين 12 و14 متراً حوالى 10 آلاف دولار، فيما تقدّر كلفة صيانته بثمانية آلاف دولار. ويوضح أنه «مع بداية الأزمة توقفت المرافئ، لفترة، عن تقاضي الرسوم لحين تبلور الصورة. بعدها أصبحت تفرض نصف قيمة الرسم بشيك بالدولار، والنصف الآخر بالليرة على أساس سعر صرف 3900 ليرة. حالياً، تتقاضى المرافئ الرسم كاملاً بالدولار أو باللبناني على أساس سعر صرف السوق».
الأزمة طالت الجميع. إلا أن أبرز المتضررين هم العائلات والأفراد الذين اقتنوا، في مرحلة معيّنة، زوارق صغيرة للنزهة. «هذه الفئة سارعت إلى بيع زوارقها بأفضل الممكن كون أغلبيتهم الكاسحة يتقاضون رواتبهم بالليرة، وبالتالي تدهورت قدرتهم الشرائية بشكل كبير. ومن لم يبع منهم زورقه غطاه بشادر وركنه في المنزل»، على ما يقول حرش.
بالنتيجة، تشير تقديرات شركات تعمل في مجال تأجير المراكب وصيانتها إلى أن «حوالى نصف اليخوت المتوسطة الحجم بيعت إلى أتراك». يلفت حرش الى أن «كثيرين عرضوا يخوتهم للبيع مع بداية الأزمة، ومن اشتروها بالرخص يتسابقون اليوم لبيعها لتحقيق الأرباح. اليخوت المتوسطة الحجم هي الأكثر مبيعاً، وأبرز الزبائن هم الأتراك والبيع يتم نقداً. بعت شخصياً أكثر من 20 يختاً إلى أتراك. وسبب الإقبال على هذا النوع من اليخوت هو أنها تعمل على الديزل وحجمها يسهل عليها السفر. يشتري التركي اليخت، ويدفع 1000 إلى 1500 دولار إيجاراً للكابتن اللبناني لإيصاله الى تركيا». ويوضح أن «أغلب المبيعات لا تتم بخسارة بالضرورة، بل على العكس بأكثر من سعر الشراء، والمتاجرة باليخوت أصبحت مصلحة لكثيرين».
تأجير المراكب: العراقيون أبرز الزبائن
تأثر تأجير المراكب بشكل كبير بسبب الأزمة بعدما «اختفى» الزبون اللبناني ليحلّ محله السائح العراقي. وبحسب مصدر في شركة True North Yachting فإن «إيجار المركب لمدة ساعة كان يكلف 150 دولاراً. أما اليوم فيكلف مليون ليرة. السائح العراقي هو أبرز الزبائن، يليه المغترب اللبناني، أما اللبنانيون المقيمون فأعدادهم ضئيلة جداً. من يقبض بالليرة أو أمواله عالقة ويتعامل بالشيكات لن يستأجر يختاً بـ 10 ملايين ليرة لنصف نهار مثلاً».
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك