جاء في "المركزية":
خضعت السلطة السياسية اللبنانية لعملية تقريع جديدة، هذه المرة على لسان وزير التجارة الخارجية الفرنسي فرانك ريستر الموجود في بيروت. فقد قال من مرفأ بيروت الذي زاره اليوم ان "فرنسا تحترم التزاماتها على عكس السلطة اللبنانية"، مضيفا "على المسؤولين القيام بواجباتهم واتخاذ القرارات المناسبة وتشكيل حكومة جديدة"، ومشيرا إلى أن "فرنسا اتخذت قرارها بتطبيق عقوبات على بعض المسؤولين اللبنانيين ومعرقلي تشكيل الحكومة كما أن الاتحاد الاوروبي يسير على الخطى ذاتها، إذ لا يمكن للسياسيين الاستمرار بهذه الطريقة".
بحسب ما تقول مصادر اقتصادية مراقبة لـ"المركزية"، فإن تعاطي المنظومة الكارثي "سياسيا"، ينسحب ايضا على الملفات المالية - الاقتصادية - المعيشية اليومية. لا حلول جذرية حقيقية لاي من الازمات، بل ترقيع وهروب الى الامام، والطريقة الاسهل دائما وابدا لشراء الوقت: مدّ اليد الى الاحتياطي الالزامي في مصرف لبنان اي الى ودائع الناس.
في الكهرباء، وبعد السلفة التي طلبت منذ شهرين في البرلمان، والتي تم استهلاكها في فترة أٌقصر من التي كانت مقررة، العتمة تقترب من جديد. وقد كشفت امس المديرة العامة لمنشآت النفط في وزارة الطاقة أورور فغالي أن "بعد شهر تموز لن تعود هناك أموال للكهرباء"، موضحة أن سلفة الخزينة التي كانت أُقرّت للكهرباء بقيمة 200 مليون دولار والتي كان يُفترض أن تكفي لثلاثة أشهر أي لأيلول المقبل، ستُصرف قبل ذلك الموعد بكثير وبالكاد ستكفي حتى آخر تموز الحالي"، مشيرة إلى أن ما بقي من مبلغ الـ 200 مليون دولار "يكفي لشحنة واحدة فقط".
اما في المحروقات، فإن الانفراجة الجزئية التي سجّلت امس بعد اسابيع من المعاناة في الطوابير، لن تدوم هي الاخرى، طويلا. فالدعم على اساس الـ3900 الذي اقر في اجتماع بعبدا في حزيران الماضي، والذي أريد له ان يستمر الى ايلول، لا يبدو سيعيش حتى ذلك التاريخ، خاصة في ظل استمرار التهريب الى سوريا عبر الحدود السائبة، وارتفاع الدولار وتحليقه. وعليه فإن رفع الدعم نهائيا عن البنزين والمازوت، سيصبح قريبا امرا واقعا. وفي السياق، كشفت مصادر في وزارة الطاقة لـ"المركزية" عن بحث جدي في طرح يقضي بتوزيع قسائم على المواطنين تؤمّن لهم صفيحة بنزين اسبوعيا وفق السعر المدعوم، على ان يدفعوا أي حاجة اضافية على السعر غير المدعوم، كون دعم مصرف لبنان من الصعب ان يستمر الى ايلول، مشيرة الى ان "الاقتراح قد يصبح نافذا بحلول نهاية شهر تموز الجاري وهو معتمد في سوريا منذ مدّة"... لكن وفق المصادر الاقتصادية العبرة تبقى في التنفيذ!
وسط هذه الاجواء الضاغطة، التي تتوّجها ازمةُ انقطاع الدواء - حيث تنتظر وزارة الصحة ايضا مصرف لبنان كي يدعم اللوائح الدوائية التي حوّلتها اليه- لا بطاقة تمويلية. صحيح ان مجلس النواب اقرها، الا انه احالها الى حكومة تصريف الاعمال لتأمين تمويلها والاتفاق على "تفاصيلها"، والاخيرة "لا حياة لمَن تنادي"، وعينُها ايضا على ان تقترض من "المركزي" لتغطية تكاليفها!
بحسب المصادر، نحن مقبلون فعلا الى كارثة. فبينما لا تنوي السلطة على ما يبدو تشكيلَ حكومة وفق الشروط الدولية، لتأتي بالدعم الحقيقي الى لبنان - الدولة، الاستمرارُ في الاتكال على اموال مصرف لبنان واحتياطه الالزامي، قد يغطّي ترقيعها وفشلها لاسابيع اضافية لا اكثر، مع العلم ان ثمة مشاريع قوانين في مجلس النواب (على الارجح لن يُسمح بإبصارها النور) تقدّم بها تكتل "الجمهورية القوية"، هدفها تحريم مد اليد الى اموال الناس، كما ان "القوات" يحث المودعين على تقديم دعاوى تمنع استخدام ودائعهم من قِبل مصرف لبنان، فلو قُدّر لهذه الاجراءات ان تصبح عمليّة، كيف ستستمر المنظومة في ستر "تخبيصها"؟!
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك