كتبت جيسيكا حبشي في موقع mtv:
ضربت الازمة مختلف القطاعات الاقتصاديّة الحيويّة في لبنان، مُخلِّفة خسائر كبيرة لدى العديد من التجّار والصناعيّين والعاملين في قطاع الخدمات وروّاد الاعمال الذين كانوا يعقدون الامال على نجاح مشاريهم وتطوريها، إلاّ أنّ حسابات الحقل لم تنطبق على حسابات البيدر، وسقطت الخسارة كالصّاعقة على رؤوس الجميع.
ولكن، ومن رحم الازمات، خُلقت بعض المبادرات الايجابيّة على الصعيد الصناعي بشكلٍ خاصّ شكّلت ومضةً لا بدّ من التوقّف عندها، إذ استفاد البعض من غلاء الاسعار ومن غياب منتجات كثيرة تُستورد من الخارج اعتاد عليها اللبنانيّون، ليخلق منتجات تُنافسها وقد تكون أفضل منها لناحية النوعيّة والجودة والسّعر!
سوق المشروبات الروحية من الاسواق التي ضربتها الازمة في الصّميم، فمعظم هذه المشروبات يستوردها التجّار من الخارج وبالدّولار، ما أدى تلقائيّاً الى ارتفاع أسعارها وبشكلٍ كبير، فغابت عن رفوف العديد من المتاجر و"السّوبرماركت"، وحلّت مكانها علامات تجاريّة جديدة "صُنع في لبنان". وفي وقت كان يُعرف اللبنانيّون بإنتاجهم للنبيذ والبيرة والعرق وبتصدير علاماتهم التجاريّة الى مختلف دول العالم، ها هم اليوم يُصنّعون مشروبات إضافيّة كالفودكا والجين والويسكي، وقد بدأت أسماء جديدة تحجز لنفسها مكاناً على طاولات السّهرات وحتّى في المنازل.
تيدي أبو رجيلي، من الشباب اللبنانيّين الذين سارعوا الى العمل على سدّ النقص في السّوق عبر ابتكار مشروب فودكا لبنانيّة مئة في المئة، وقد تحدّث لموقع mtv عن بداية مشروعه: "بدأت الفكرة منذ أشهر عديدة عندما لمسنا ارتفاعاً كبيراً في أسعار المشروبات الكحوليّة، فسألتُ نفسي: لمَ لا أعمل على تطوير فودكا لبنانيّة؟ وهكذا بدأت رحلة التّجارب الكثيرة التي انتهت بالحصول على فودكا مُصنّعة من الحبوب وذات جودة عالية، والاهم أنها مُقطَّرة 6 مرّات وخالية من مادّة الميثانول المضّرة، وقد أجرينا إختبارات عديدة لها في مركز البحوث الصناعيّة في منطقة الحدث أكّدت على جودتها التي تُنافس أهم الماركات الاجنبية في السّوق"، كاشفاً، في المقابل، عن العديد من العقبات التي تواجهه من بينها "غلاء أسعار الزجاج والطّبع مع ارتفاع سعر صرف الدّولار ما يؤثّر على تسويق المنتج وعلى تسعيره، ولكن رغم ذلك، يبقى سعره من الارخص في السّوق".
من جهته، إختار الشّاب جورج صليبا تطوير عشق جدّه لـ"شيل العرق"، فتلقّى دورات تعلَّم فيها الطريقة الصحيحة لصناعة العرق، وابتكر إسماً لمشروبه وعمل على تسويقه في مختلف نقاط البيع، والمفاجأة، على حدِّ قوله، "كانت في الطلب الكبير على المنتج في ظلّ الازمة ومع غلاء أسعار المشروبات الكحولية المستوردة وهو ما شجّعني أكثر على المضي في مشروعي والعمل على ابتكار مشروبات جديدة في المستقبل، قد يكون النبيذ واحداً منها".
وتحدّث صليبا أيضاً عن المعوقات التي تواجهه "بسبب تقلّبات سعر الصرف وغلاء أسعار اليانسون والعنب والعبوات الزجاجيّة، ولكنّ هذا لن يثنيني عن الاستمرار في مشروعي".
كثرٌ من الشباب في لبنان مثل تيدي وجورج يعملون جاهدين على الاستفادة من النقص لخلق منتجات لبنانيّة جديدة أو تطوير مشروبات لطالما عرفناها تغنينا عن الاتكال على الاستيراد. ويبقى على المواطن أن يُشجّع الصناعات اللبنانيّة التي، وإنّ صُدّرت الى الخارج، قد تعود بالعملات الصّعبة الى بلدنا، والى حين زوال هذه المرحلة الصّعبة، يصحُّ القول "قليلٌ من الخمر يُنسي همَّ الانسان"!
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك