وكأن جبران هنا... إذ ان مدرسته حضرت بأبهى حلة. لم تمر السنة الثانية على انطلاقة مؤسسة جبران تويني حتى بدأت الإنجازات تطبع العقول والقلوب معا. هذا الإنطباع الذي بدا على وجوه الحاضرين الذين ضاقت بهم القاعة في خلال الامسية الفنية الثانية التي اقامتها المؤسسة مساء امس بعنوان "الذاكرة الجماعية" في قصر المؤتمرات - الضبية وحضرها عدد كبير من الشخصيات السياسية والثقافية والفكرية والفنية والاعلامية والاجتماعية إضافة إلى ذوي الشهداء.
التحية الأولى لجبران من خلال النشيد الوطني ومن خلال قسمه الذي بات نشيد الأجيال الصاعدة. وإليه، خطوة إلى الأمام خطاها محبوه من خلال الإنطلاقة المثمرة لهذه المؤسسة. إنها إرادة جبران - إرادة الحياة على الموت وإرادة العطاء على الخطف وحب الأوطان من خلال العمل المثمر الذي يعزز قدرات الشباب ويضيء على مواهبه وإبداعه. هذا ما تجلى في الأمسية الرائعة التي قدمها كل من الشاعرة والصحافية جومانا حداد والاعلامي ماجد بوهدير واخرجها سمير عبد المسيح.
رئيسة المؤسسة ميشال تويني أشعرت الحاضرين بقوة الحياة لدى أبناء وعوائل الشهداء وتوجهت إلى الحضور بكلمة من القلب إلى القلب اعتذرت فيها لأن "عدد الشهداء المسيحيين لا يوازي عدد الشهداء المسلمين". وقالت: "عندما بدأنا اختيار الشهداء لم نعر اهتمامنا لطائفة هذا الشهيد او ذاك لان الشهادة لا طائفة لها ودينها الوطن الذي يستاهل كل الشهادة". وتساءلت: "نختلف في السياسة وفي الموت ايضا، اي وطن هذا حتى الشهادة فيه لا تجمعنا؟ اما الله والموت والحياة الجميع متساوون". وأشارت تويني إلى أن "مؤسسة جبران تويني لا تكرم الشهداء لاسباب سياسية لانه حتى في الشهادة باتت هناك استغلالات وتقسيمات. وقالت "نقولها بكل جرأة، كما علما جبران، نحن نفاخر بكل شهيد لبناني لانه لبناني. يمكنكم ان تقسموا كل شيء لكن على الاقل اتركوا الشهداء. متى سنتعلم ان من ليس له تاريخ وذاكرة لايمكن ان يكون له مستقبل وامان؟" واكدت "ان توحيد الذاكرة والشهادة لا يمكن ان يكونا الا لمصلحتنا وحماية للاجيال المقبلة". وختمت بتوجيه تحية "الى مدرسة الايمان والقوة إلى الكبير غسان تويني".
وكان الإحتفال قد استهل بكلمات مصورة لجبران يدعو فيها الى احترام كل انسان دفع دمه على ارض لبنان وإلى استذكار الشهداء الذين سقطوا في الحرب اللبنانية كي لا تكرر الأخطاء والمآسي التي ارتكبت. ثم أدى عازفون من لبنان وكوبا فقرة موسيقية من انتاج" الفتريادس قبل أن يعرض ريبورتاج عن الكبير غسان تويني من اعداد زينة باسيل شمعون تضمن قراءة الفنانين انطوان كرباح وتقلا شمعون والكاتبين الكسندر نجار وسمير عطا الله لمقتطفات من كتاباته كما تخللها تادية كورال اطفال بقيادة طوني البياع لباقة من الاغاني الوطنية والعالمية. وكرمت المؤسسة ثلاث سيدات على الانجازات التي حققتها في مسيرتهن مقدمة لهن الدروع وهن "حياة صدقة التي فجعت باستشهاد زوجها الطيار في الجيش اللبناني، ثم ابنها بالطريقة نفسها، الفنانة زينة دكاش لنشاطاتها التاهيلية داخل السجون من خلال الدراما المسرحية، وايفون شامي مؤسسة جمعيتي "سيزوبيل" و"انت اخي" لعطاءاتها في المجال الانساني والاجتماعي.
وختمت الامسية بريسيتال غنائي أدت فيه الفنانة هبة طوجي باقة من الأغنيات، التي تنسجم مع المناسبة، بمرافقه من الفنان والمؤلف اسامة الرحباني وفرقة موسيقية كاملة، وتحكي عن العدالة والذاكرة وتغيير النظام والاستشهاد إضافة إلى قراءة الممثل جوزف بو نصار كتابات لغدي الرحباني.
اشارة إلى أن المؤسسة اختارت الأمسية لإطلاق كتاب "لنا ولكم الحياة" الذي يتضمن سيرة حياة 59 شهيدا" سقطوا بين 2002 و2006 خلال حربي "نهر البارد" و"تموز2006" اضافة الى قافلة شهداء ثورة الارز وذلك بالنصوص والصور من خلال مقابلات اجريت مع ذويهم، ويتضمن قصص الشهداء الاحياء الثلاثة: الوزير والنائب مروان حماده، الوزير الياس المر، والاعلامية المناضلة مي شدياق. كذلك تم الاعلان عن ولادة موقعين الكترونيين يعرفان بمسيرة الشهيد جبران تويني النضالية وبهوية واهداف ونشاطات المؤسسة.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك