كتبت لارا أبي رافع في موقع mtv:
نعيش في زمن تاريخي حقًّا، وربما لن يتكرّر. فالأحداث التي تحصل ستتحوّل حتماً إلى حقبة يُضرب بها المثل. ليس كلّ يوم يحدث أن يعيشَ شعبٌ الانهيار والدمار. ليس كلّ يوم يحدث أن يصارعَ شعبٌ الوباء والغباء. وليس كلّ يوم يُحكم شعبٌ بطبقة "فريدة من نوعها" كالتي تحكمنا اليوم.
طبقة تعيش في عالمها الخاص، منفصلة تماماً عن مرارة الواقع. طبقة "بلا حيا" مات شعبها بانفجار صُنّف من الأكبر عالميًّا، بانفجار هزّ أعلى طبقات الغلاف الجوّي، ولم يهزّ أدنى شعور بالمسؤولية أو الخجل في نفوسهم، هذا إن كانوا أناساً يشعرون. هذه الطبقة نفسها تُشاهد مواطنين يجوعون ويفقرون ويبكون ويذلّون، "بس الدني بألف خير".
ولكن حقًّا ما هذا التناقض؟ وممّ يعاني هؤلاء ليكونوا بهذه الحال؟ نسأل، فيُجيب الاختصاصي في الأمراض العقليّة والنفسيّة وائل سلامة: "عوامل عدّة تقف وراء هذا الانفصال عمّا يحدث وعن الواقع، أوّلها ما يسمّى بالتجرّد الحسّي لأنّ السياسي، حول العالم، يجرّد نفسه عن الحسّ الإنساني ولكن ليس لهذه الدرجة التي وصل إليها بعض السياسيّين اللبنانيّين. ولو حصل في الخارج ما يحصل في لبنان لكنّا شهدنا استقالات لأن المسؤولية الإنسانية تبقى موجودة لديهم".
الأمر الثاني، يقول سلامة، هو "النكران، إذ ينكرون أن يكون لهم دور في ما يحصل أو مسؤولية. فبالنسبة إليهم لا يشعرون أنّهم قاموا بشيء خاطئ ولذلك يعتبرون أنّ كلّ ما يُقال عنهم مجرّد تهم ويطالبون دائماً بإثباتات رغم وجودها ورغم الحديث المتكرّر عنها".
ويشرح: "بالنسبة إليهم، لا أحد يتحمّل المسؤولية الفرديّة عمّا يحصل، فهم يعتبرون أنفسهم جزءاً من المنظومة التي أوصلت الوضع إلى ما هو عليه، ولذلك هم محميون بالجماعة. فقد فقدوا الحسّ الإنساني وأصبح لديهم، بدل الانتماء الوطني، انتماء إلى الطبقة الحاكمة والسلطة".
ويضيف: "يرمون الاتهامات على بعضهم خوفاً من الحقيقة، ففي حال اعترف أحدهم بالمسؤولية والخطأ ستتوالى المسؤوليات وهذا ما يعرف بالـ Domino Effect. "بغطّوا على بعض خوفاً من السقوط الجماعي".
يعيد سلامة السبب في ذلك إلى "التخدير المتكرّر الذي يؤدي للوصول إلى هذه المرحلة، فعندما يجدون أنّ الكثير من الأمور التي حصلت في الماضي لم يُحاسب أحد عليها، تصبح لديهم القدرة على النكران المتكرّر الذي يسمح لهم بالهروب من المسؤولية".
إذاً المسؤولية تقع على من لا يُحاسب، و"عندما يسترجع الناس القوّة والسلطة التي منحوهم إياها عبر الاهتمام والتقدير، وعندما يُحاسب شخص واحد على الأقل سيشعر البقية أنّهم معرضون للمحاسبة" يختم سلامة.
لا بدّ أن يكون من دمّر بلداً بكل ما فيه وأحلام جيل بأكمله مريضاً نفسيًّا. وللخبراء في علم النفس الذين صنّفوا ترامب "نرجسيّاً" كـ"هتلر وستالين وموسوليني" لا بدّ لكم من زيارة إلى لبنان.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك