كتب مايز عبيد في "نداء الوطن":
في تقريرٍ سابقٍ، أثارت "نداء الوطن" قضية تخزين المواد الغذائية المدعومة في مستودعات لدى عدد من السوبرماركت وبعض التجّار في طرابلس والشمال، حيث يحصل هذا الدعم من أموال الناس، لتباع اليهم لاحقاً على أساس أنها مواد غير مدعومة بعد وضعها في أكياس تعبئة أخرى، وأحياناً تباع في نفس الأكياس المدعومة بحجّة أن المدعوم ارتفعت أسعاره كما يبلّغ من يريد شراءها.
كذلك، فإنّ لهذه المواد الغذائية والتموينية المدعومة وجهة أخرى أيضاً، وهي التهريب إلى الخارج، وهذا ما كشفته تقارير عديدة أكّدت وجود المواد الغذائية المدعومة في متاجر في العديد من الدول في الخارج، وأبرزها سوريا.
دهم مستودعات التخزين
البحث عن السلّة الغذائية والمواد المدعومة على رفوف المحلات أمر غير ذي جدوى. لذلك، تمكّن ناشطون ثوريون في طرابلس في حملة على محلات ومستودعات لمواد غذائية في مناطق المئتين والميناء وأماكن أخرى في المدينة، من دخول عدد من المستودعات التجارية ليتبين لهم وجود كميات كبيرة من هذه المواد، موضوعة في المخازن والمستودعات حيث يتمّ حجبها عن المواطنين من قِبل تجار الأزمة، ويقال للفقراء انّه ليس هناك مواد مدعومة، مع العلم أنّ أكثرية اللبنانيين باتوا ينتظرون هذا المدعوم بفارغ الصبر. وبحسب النشطاء الذين داهموا المستودعات، فإنّ "ما يتمّ تخزينه من هذه المواد وما تم بيعه سابقاً على أنه غير مدعوم، لو تمّ بالفعل وضعه على رفوف المحلات التجارية وبيعه إلى المواطنين المحتاجين لما حصل ما شاهدناه في الأيام السابقة، من تدافع بين المواطنين على بعض المواد المدعومة القليلة جداً التي تعرضها المحلات التجارية، قياساً مع الكميات الكبيرة منها الموضوعة في المخازن والمستودعات". وعلى أثر هذه الحملة، قامت القوى الأمنية بإقفال مستودعات بالشمع الأحمر، على اعتبار أنّ ما تقوم به هو نوع من أنواع الغش والتهريب وخداع الناس وسرقة أموالهم. تزامناً، نفّذ أمن الدولة في الضنية دوريات على محلات بيع المواد الغذائية والإستهلاكية، لمراقبة مدى التزام المحلات بعرض وبيع السلع المدعومة للمواطنين. ويؤكد النشطاء في طرابلس "استمرارهم في دهم المستودعات التجارية التي تخزّن مواد مدعومة هي من حقّ الناس، ولن تمرّ هذه الخديعة".
وقال المستشار والخبير الإقتصادي عبد القادر أسعد لـ"نداء الوطن": "إنّ السلع المدعومة من الدولة وأهمها المواد الغذائية والسلع التموينية والمواد الإستهلاكية، كان من المفروض أن يتمّ توزيعها إلى المستهلك مباشرة عن طريق تجّار معتمدين من الدولة، لكن العكس هو ما حصل. وهناك تجّار يستغلّون الأزمة لاحتكار المواد وتخزينها وبيعها بسعر أعلى مع ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية، لأنّ هذه السلع بمعظمها يتمّ استيرادها من الخارج وتُدفع أسعارها بالعملات الأجنبية ويتمّ بيعها بالليرة اللبنانية حسب سعر الصرف الرسمي؛ بالتالي يستفيد منها التاجر بعد بيعها للمستهلك وبعد أن تكون قد مرّت من تاجر كبير إلى تاجر أصغر وصولاً إلى المستهلك". أضاف: "من الأجدى لو كانت هناك هيئات مشرفة من الدولة وخطط كاعتماد البطاقة التموينية أو حصص تعطى للبلديات من قبيل الكشوفات، وهكذا يستفيد من الدعم أكبر عدد من الناس، بينما تكون التكلفة على الخزينة أقلّ ولا يتمّ استنزاف الدولار والعملات الأجنبية الموجودة في البنك المركزي كما يحصل الآن". وأكّد أسعد أنّ "خطط وزارة الإقتصاد هي التي تعتمد في السوق، بمعنى أنّ التجار يعتمدون على الكشوفات التي يقدّمونها هم لوزارة الإقتصاد لأنّ ليس هناك خطط حياتية شاملة للناس لدى الوزارة. ثم تتدخّل المحسوبيات على اختلافها ما يؤدّي إلى الهدر الذي يحصل الآن. بالمقابل، التجار يلجأون إلى التخزين أو التهريب وبالأخص إلى سوريا، ما يؤثر سلباً على سعر الصرف وعلى خزينة الدولة ولا يستفيد منها المواطن إلا بشكل بسيط جداً".
وتجدر الإشارة إلى أنّ أسعار السلع والمواد الغذائية والتموينية قد زادت بشكل كبير في الأيام الأخيرة، حتّى سعر كرتونة البيض وصل إلى 40 ألف ليرة، في وقت يشكو فيه المواطنون من عدم وجود المدعوم في المحلات.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك