كتب داني حداد في موقع mtv:
يجذب السفير السعودي في لبنان وليد البخاري بعض الضوء إليه، وهو يستحقّ، في هذه الأيّام، لقب السفير الأكثر حركة.
يجول البخاري بين زعيمٍ ومرجعٍ روحيّ، ويستقبل في مقرّ سكنه في اليرزة سياسيّين ودبلوماسيّين ومفكّرين وإعلاميّين تبقى صورتهم بعيدة عن الإعلام. من هؤلاء المستشار الأول لرئيس الجمهورية الوزير السابق سليم جريصاتي الذي أتى ليسأل السفير السعودي: متى تزور بعبدا القريبة؟
لن يزور البخاري الرئيس ميشال عون، وفي ذلك موقف واضح من المملكة. وعلى جدول أعماله موعد قريب مع وليد جنبلاط.
يتحرّك السفير السعودي بتوجيهاتٍ من خادم الحرمين الشريفين الذي كان واضحاً بتوصيفه حزب الله بـ "الإرهابي"، علماً أنّ البخاري حرص، أثناء لقائه المفتي الجعفري الشيخ أحمد قبلان، على التأكيد أن لا خصومة مع الطائفة الشيعيّة بل مع الحزب حصراً. تماماً كما حرص، بعد لقائه المطران الياس عودة، على التشديد على أهمية المكوّن المسيحي في المعادلة الوطنيّة. علماً أنّ السفير السعودي لا يفوّت مناسبة إلا ويشيد فيها بمواقف البطريرك بشارة الراعي.
وفي مقابل مواقف البخاري التي يطغى عليها الطابع الدبلوماسي، ثمّة مواقف حازمة. لن تتدخّل السعوديّة في الشأن اللبناني، وتحديداً الحكومي. وترى المملكة أنّ "على كلّ فريق لبناني يشارك في التأليف أن يتحمّل مسؤوليّته، خصوصاً أنّ إنتاج حكومة جديدة كسابقاتها يعني أنّ المشاركين فيها لم يلمسوا التغيير الذي حصل بعد ١٧ تشرين".
قرأ البخاري كثيراً عن الثورات ونتائجها وتأثيراتها، ولكنّه قرأ أيضاً غرائب وعجائب في ما يطلبه منه سياسيّون وقضاة ورجال دين يرغبون بتدخله في تعيينٍ هنا أو واسطةٍ هناك، ولكنّه غالباً ما يعيد أصحاب الطلبات خائبين، لأنّه يأبى التدخل في شؤون الآخرين.
يملك البخاري حبّاً للبنان يمكن أن يلاحظه من يلتقيه. ولكنّ بعض العتب على قدر المحبّة. والسؤال هنا عن اوتوسترادات وطرقات ومستشفيات موّلتها المملكة، وتنكّر لها لبنانيّون. والسؤال، خصوصاً، عن ٢٣ اتفاقيّة بين البلدين تصبّ في مصلحة لبنان، وهي نائمة في الأدراج منذ سنةٍ ونصف، وتشمل هذه الاتفاقيّات الكثير من القطاعات التي سيستفيد منها لبنان، كما تفتح الباب أمام استثماراتٍ سعوديّة فيه.
تُقارب المملكة الوضع في لبنان من الزاوية الإقليميّة. هي تدرك أنّ المنطقة قادمة على ثلاثة استحقاقات مهمّة هي الانتخابات السوريّة والإسرائيليّة والإيرانيّة، يضاف اليها الملف النووي الإيراني، ولا بدّ من أن تنعكس كلّها على الداخل اللبناني. من هنا، تتحدّث المصادر عن ثلاثة أشهر صعبة، على الأقل، قد يشهدها لبنان، ولو أنّ السعودية واثقة من صعوبة النهوض في ظلّ ما تعتبره سيطرة لحزب الله على القرار اللبناني.
ولعلّ خلاصة الموقف السعودي، الذي يعبّر عنه سفيرها وليد البخاري، هو أنّ على اللبنانيّين أن يتحمّلوا مسؤوليّاتهم لا أن يحمّلوها الى الآخرين. ففي الانتخابات الرئاسيّة لم تقف السعوديّة في مواجهة إرادة غالبيّة الفرقاء الذين أيّدوا انتخاب عون. وهي لن تقف اليوم في وجه تشكيل أيّ حكومة. ولكن، في الحالتين، على المسؤولين اللبنانيّين أن يتحمّلوا مسؤوليّة خياراتهم. قد يعتبر كثيرون هذا الموقف رسالةً واضحة الى رئيس الحكومة المكلّف.
إلا أنّ السعوديّة تعوّل، بناءً على دراساتٍ وأرقامٍ وقراءةٍ للواقع اللبناني، على تغييرٍ قادم في الانتخابات النيابيّة المقبلة. تغييرٌ صُنع في لبنان.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك