كتب عماد الشدياق في "أساس ميديا":
"إذا لم تتوقف الملاحقات التعسفيّة التي تنفذها الأجهزة الأمنية بحقّنا، سنواظب على الإقفال، وحينها قد يستمرّ الدولار بالارتفاع إلى 20 ألف ليرة لبنانية وربّما أكثر". بهذه الجملة يعبّر أحد صرّافي الفئة "أ" في بيروت، عن غضبه، ويضيف: "نحن لسنا لصوصًا. نحن نؤمّن الدولار للتجّار والسلع التي تستهلكونها في بيوتكم اليوم، لولانا لا دولارات في السوق ولا سلع ولا طعام".
الصرّاف نفسه يكشف في اتصال مع "أساس"، أنّ صرّافي الفئة "أ" اتّخذوا قرارًا بالإقفال وبالامتناع عن مدّ السوق الموازية بالدولار، حتى تتيقّن السلطة من أنّ عمل الصرافين اليومي، الذي يمارسونه منذ سنوات، هو هو، ولا ذنب لهم في ارتفاع سعر صرف الدولار، وإنّما هذا الارتفاع ناتج عن ظروف أخرى لا تتعلّق بهم كصرّافين شرعيّين، بل هي ظروف في ظاهرها اقتصادية، إلاّ أنّها في الأصل سياسية بامتياز.
نسأله عن سبب هذا القرار، فيقول: "أقفلنا لأنّنا لا نريد أن نتبهدل. لا نريد أن نُستَدعى من مخفر لآخر ومن محكمة لأخرى مثل المجرمين أو اللصوص"، الصرّاف نفسه يقول بغضب: "فليشكّلوا حكومة، وليبحثوا عن الحلول لمشاكلهم الشخصية، قبل توجيه أصابع الاتهام إلينا نحن الصرّافين". ويضيف أنّ الصرافين اليوم يقعون في الخسارة نتيجة هذه الارتفاعات المفاجئة التي لا مصلحة لهم بها ولا يحبّذونها، لأنّ رأسمالهم مُقيّم بالدولار وليس بالليرة اللبنانية، في حين أنّ معادلة السوق اليوم بين العرض والطلب باتت 10/90. أي 10% للعرض و90% للطلب... وهذا الطلب المتنامي يكبّد الصرافين الخسائر: "لأننا نفقد دولاراتنا ولا نحصّل في مقابلها سوى 10% من السوق، كما أنّ هذه المعادلة تدفع الدولار، المفقود أصلًا، نحو المزيد من الصعود من دون أيّ سقف أو حدود".
صرّاف آخر، وهو من صرّافي الفئة "ب"، ويشترط كذلك عدم نشر اسمه، الذين لم يلتزموا بقرار الإقفال وممّن يتعاملون مع حملة التوقيفات بترقّب وحذر، أكد لـ"أساس"، أنّ "الأجواء توحي بأنّ سعر الصرف يتوجه صعودًا ضمن سقف مجهول" وذلك في الأيام المقبلة، مسجّلًا استغرابه من نوعية الطلب على الدولار. طلب لم يقتصر على التجّار والمستوردين فحسب، وإنّما تخطّاهم إلى عامّة الناس: "يأتيني زبائن بيدهم 200 أو 300 ألف يريدون شراء الدولار من أجل إخفائه في البيوت. هذا الجوّ النفسي السائد لدى عامة الناس كفيل بأن يخبرنا إلى أين تسير الأمور".
الصرّاف نفسه يضيف أنّ سعر الصرف شهد تقلّبات دراماتيكية منذ صباح يوم السبت وحتى فترة بعد الظهر، كاشفًا أنّ هامش السعر شهد ارتفاعًا بما يقارب 1000 ليرة في يوم واحد، وذلك ضمن 7 محطات رئيسية خلال يوم السبت، كانت تطبيقات على الهواتف الذكية خلفها في المرات السبع"، كما كشف أنّه بسبب هذا التطبيق، بات الزبائن بمثابة صرّافين غير معلنين يفاصلون ويحارجون، كاشفًا أنّ مرحلة بعد الظهر من يوم السبت شهدت خلالها السوق السوداء فوضى عارمة، وبات الزبون هو من يسعّر دولاره شراءً ومبيعًا، وذلك بسبب امتناع أغلب الصرافين (حتّى الذين لم يقفلوا أبوابهم) عن بيع الدولار نهائيًّا.
من جهة أخرى كشفت مصادر مصرفية لـ"أساس" أنّ تطبيقات الهواتف الذكية، على الرغم من الشكاوى التي تُسجّل بحقّها من المواطنين والسلطات السياسية، وعلى الرغم من اتّهامها بالتلاعب بسعر الصرف، فإنّ "بقاءها يحمل إيجابية في مكانٍ ما، وهي أنّها تبقى مرجعًا جامعًا يمكن الاستدلال منه إلى سعر صرف موحّد"، ويضيف المصدر أنّ التخلص من هذه التطبيقات، ربّما يفتح الباب على "أسواق عدّة بحسب المناطق، ويجعل سعر الصرف متفلّتًا بلا سقوف وبلا مرجعية".
سعر صرف الدولار كان قد سجّل ارتفاعًا منذ صباح أمس السبت، بلغ 12000 ليرة للمبيع و13000 للشراء، وأظهر الهامش الكبير بين السعرين (ألف ليرة) خوف الصرافين من تسجيل المزيد من الارتفاعات المتفلّتة، خصوصًا مع بداية الأسبوع المقبل.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك