كتب محمد دهشة في "نداء الوطن":
لم يعد مشهد الاشكالات على المواد المدعومة ولا سيّما الزيت والحليب داخل المراكز التجارية في أكثر من منطقة في لبنان غريباً، مع تحليق سعر صرف الدولار الاميركي والغلاء وارتفاع الاسعار، بل بات يتوسّع ليطال حتى السكّر المدعوم، مع تهافت العائلات الفقيرة والمتعفّفة للاستفادة من أسعاره المخفّضة، هذا اذا وجد ولم يجر احتكاره أو نفاده سريعاً.
وفي جديد المشهد المتكرر، اشكال وقع داخل سوبرماركت في منطقة صيدا بين عدد من المواطنين بسبب السكّر المدعوم، انتهى بتوافق على تقاسم الحلوة كما المرّة، لكنه كشف عن مدى الفقر المدقع الذي بات المواطنون يئنّون تحت وطأته على مختلف فئاتهم، وسعيهم للتخفيف من أعباء الضائقة المعيشية.
ويؤكّد ناشطون في صيدا لـ"نداء الوطن" أنّ ثمة اسباباً تقف وراء هذه الاشكالات، اضافة الى الفقر وانعدام القدرة الشرائية، أولها: قلّة الكمّيات التي تطرح في الاسواق وداخل المراكز التجارية وتحديد المواد الاستهلاكية، وثانيها: رغبة بعض الناس بشراء كمّيات مضاعفة خشية رفع الدعم عنها وارتفاع اسعارها ارتباطاً بجنون صرف الدولار، وثالثها: قيام بعض التجار بإحتكارها وتخزينها بهدف بيعها لاحقاً بأسعار غير مدعومة ومضاعفة.
ويقول الحاج الستيني ابو وفيق نجم لـ"نداء الوطن": "إنّ الجشع بات يعمي عيون هؤلاء التجّار وقلوبهم، هدفهم الاوّل والاخير الكسب المالي من دون رأفة أو رحمة"، قبل أن يتنهّد ويضيف: "في الماضي كان الناس يتضامنون مع بعضهم البعض ويتقاسمون لقمة العيش ورغيف الخبز، امّا اليوم فقد تبدّل الحال وبات كلّ واحد يقول نفسي، ونخشى من الأسوأ في ظلّ الخلافات السياسية وعدم تشكيل الحكومة لوقف الانهيار المالي والمعيشي والاقتصادي السريع".
الخشية من الأسوأ الى جانب الاشكالات بات يترجم بين الحين والآخر بمشهد طوابير الانتظار امام محطات الوقود، التي واصل بعضها رفع الخراطيم كتعبير عن نفاد مادة البنزين، أو العمل بربع طاقتها وتعبئة عشرين ليتراً فقط، فيما يعيش الصيداويون واللبنانيون قلقاً متزايداً من تكرار مشهد الطوابير امام الافران، في ظلّ رفع سعرها أو تخفيض وزنها، أو امام الصيدليات لشراء الادوية أو اللقاحات أو المستشفيات لدخولها أو تلقّي العلاج فيها أو محطات تعبئة الغاز والاوكسجين وسواها.
ويقول الحاج محمد الصفدي لـ"نداء الوطن" وهو يجلس أمام منزله في تعمير صيدا تحت أشعّة الشمس الدافئة: "إنّ الطوابير على اختلافها دليل على الازمات التي يعيشها أي بلد، قبل أن يستعيد ذكرى الحرب الأهلية التي ذاق اللبنانيون منها الويلات، مضيفاً: "الطوابير والحروب صنوان، ودليل أزمات، وما نعيشه اليوم أشبه بالحرب ولكنّها غير عسكرية، انها اجتماعية ومعيشية واقتصادية وتنذر بانفجار قريب".
في خضم الأزمات، بدأ الناس يعتمدون التقشّف القاسي والقسري، يتناول البعض وجبتين بدلاً من ثلاث، والبعض وجبة من اثنتين، بهدف التوفير من المصاريف قدر الامكان، فضلاً عن استبدال انواعها بأخرى أقلّ كلفة، لقد انعدمت القدرة الشرائية عندهم وباتوا يتكلّمون مع انفسهم أو يخانقون خيالهم للتنفيس عن غضبهم، مع فارق بسيط انّه في الحرب تدفّقت الاموال، واليوم تلاشت عن سابق تصوّر وتصميم.
الأكــــــثــــــر قــــــراءة
مـــــــــقـــــــــالات ذات صـــــــــلـــــــــة
إقــــــرأ أيــــــضــــــاً
COOKIES DISCLAIMER
This website uses cookies to give you the best experience. By continuing to
browse this site, you give us your consent for cookies to be used.
For more information, click here.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك