كتبت لارا أبي رافع في موقع mtv:
قد يكون على حقٍّ كلُّ من تحدّث عن مواجهة أكثر من وباء واحد في الوقت عينه في هذه الأيام. فلم تعد المواجهة تقتصر على كورونا، الفيروس الذي دخل إلى كلّ منزل، إذ هناك "وباء" آخر، إذا صحّ القول، تغلغل بيننا ودخل بيوتنا. هذا "الوباء" نعمة ونقمة، إذ نقول لحسن الحظّ أنّنا في الزمن الرقمي ولولاه لما كان التلاميذ مثلاً تعلّموا في ظلّ الجائحة، ومن جهة أخرى نقول سَلَبنا حرّيتنا وتسبب بموت كثيرين.
هكذا، وعلى مهل، تغلغلت مواقع التواصل الاجتماعي بيننا، وتحوّلت إلى محور مهمّ فأخذت حيّزاً كبيراً من حياتنا. ولكن معها ظهرت مشاكل عدّة قد تكون أبرزها في الآونة الأخيرة ظاهرة الـInfluencers، وتأثيرهم الكبير، الخاطئ والمضرّ أحياناً، على الكثير من مستخدمي هذه المواقع.
"نسمّي ذلك influencers marketing ما يعني أن المؤثرين قبل الـsocial media كانوا أشخاصاً ذا قيمة كبيرة، ولكن وسائل التواصل الاجتماعي خلقت نوعاً آخراً من الـinfluencers، وهؤلاء حصلوا على الشهرة جراء الـsocial media platforms وهذا ما جعلهم مؤثرين على متابعينهم رغم أنّ شهرتهم قد لا تكون ناجمة عن أعمال قيّمة أو ذات فائدة يقومون بها"، يقول المستشار في أمن المعلومات والتحوّل الرقمي رولان أبي نجم.
ويشرح أبي نجم، في حديث لموقع mtv، أنّه "مع ظهور وباء كورونا مثلاً يقوم بعض الـinfluencers، وقد لا يكون لهم أي إلمام بالمواضيع الطبية والعلمية، بمخاطبة متابعيهم بمعلومات لا أساس لها من الصحّة، وبالتالي يؤثرون عليهم سلباً، خصوصاً أنّ غالبية المحتوى ينشر على طريقة الـLive Streaming ما يجعل هذه المواقع غير قادرة على حجبه على عكس الفيديوهات أو الصور". وهذا التأثير لا يقتصر فقط على المتابعين والمستخدمين إنّما يتعداهم ليتحوّل إلى معلومات مغلوطة يتناقلها المجتمع بأكمله، تكون قاتلة أحياناً.
لم يسلم أطفالنا من تأثير هذه المواقع ومستخدميها أيضاً، فكانت لهم حصّة كبيرة خصوصاً مع التعلّم عن بُعد. هنا يشدّد أبي نجم على أنّنا "أصبحنا في عصر لا يُمكن فيه ضبط المحتوى والمضمون، ولدينا أكثر من مشكلة في هذا الخصوص، أوّلاً جزء متعلّق بالأطفال وثانياً بالأهل وثالثاً بالمدارس. فالأطفال، مثلاً، لا يعرفون التفريق بين الصح والخطأ في هذه المواضيع ولكن في الوقت عينه في موضوع التكنولوجيا هم على معرفة أكثر بكثير من أهاليهم أو المدرسة أحياناً. في حين أنّ الأهل في الكثير من الأحيان لا وقت لديهم لمتابعة ما يحصل تكنولوجيّاً أو على هذه المواقع، وفي المقابل لا توعية فعلية في المدارس خصوصاً مع التحوّل إلى التعلّم عن بُعد، بَعدَ انتشار كورونا. وأثّر ذلك على الأولاد إذ لم يعد ممكناً منعهم من استخدام الحواسيب والأجهزة الإلكترونية. ولذلك خرجت الأمور عن السيطرة. ومن المهم، لهذا السبب، القيام بحلقات توعية من قبل المدارس وأيضاً من جهة الأهل، لأنه لا يمكن القيام بأيّ "control" للمحتوى".
إذاً لا سبيل إلاّ بالتوعية بعد أن أصبح الأمر واقعاً لا مفرّ منه. والتوعية، وفق أبي نجم، يجب أن تكون من الناحيتين التقنيّة والنفسيّة: تقنيّاً، عبر التنبّه إلى ضرورة حماية الحسابات وعدم التحدث مع غرباء على مواقع التواصل بالإضافة إلى عدم نشر صور خاصة، خصوصاً أن الكثير من التطبيقات أخيراً تدفع المستخدمين نحو التعرف على أشخاص جدد. أمّا من الناحية النفسية فيقول: "يجب الانتباه إلى التنمر الإلكتروني والـchallenges التي تكون قاتلة في بعض الأحيان. فالتنمر لم يعد محصوراً إنّما أصبح عامّاً أمام جميع المستخدمين وهذا ما يشكل خطراً ويؤثر على نفسية الأولاد".
الأولاد ليسوا وحدهم ضحايا هذه المواقع وهؤلاء الـInfluencers، لأنّ الكثيرين منّا وقعوا في فخّهم خصوصاً مع نقل معلومات خاطئة وصورة غير حقيقيّة ومع ما يقومون به من عرض لبضائع مقابل تقاضيهم أموالاً. هذا عدا عن أعداد الوفيات التي تحصدها الـsocial media، وبالتالي تصحّ تسمية الوباء القاتل... الدائم من دون دواء!
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك