الى اين يتجه الملف الملف الحكومي العالق في عنق زجاجة العقد العصيّة على الحل حتى الساعة؟ وما مصير التشكيل بعدما خرج الى العلن ما كان حتى الامس القريب مستورا من توتر في العلاقات بين الرئاستين الاولى والثالثة اثر اصابته بعدوى الخلافات السياسية بين الاطراف المعنية بتأليف الحكومة وتشظيه بالانتقادات العلنية، وتلك المسربة في الصحف تارة عن اخطاء ترتكب واخرى عن تبني مطالب قوى يرفضها الرئيس المكلف سعد الحريري وعن انتظار لن يطول، ثم عن كلام قاله رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل بحق رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط والرئيس سعد الحريري بلغ مسامع الاخير فيه من السخرية ما يغيظ؟ وهل يقف التدهور الدراماتيكي في المسار التشكيلي عند هذا الحد، ام يتواصل مسلسل الهجمات ويرتفع جبل العقبات في وجه ولادة الحكومة؟
من يراقب التطورات الاقليمية والانعطافات السلبية التي طرأت على اكثر من ملف في المنطقة، من العراق الى اليمن وسوريا وارتفاع حدة المواجهة بين ايران والسعودية، يمكن ان يستنتج مباشرة خلفية التأزم الداخلي، تقول مصادر سياسية مطّلعة لـ"المركزية". فالساحة اللبنانية وعلى رغم سياسة النأي بالنفس والحياد عن صراعات الخارج، لم تكن يوما معزولة عما يدور في الاقليم، لا بل تلفحها رياح مستجداته مباشرة، لا سيما ان القوى السياسية في الداخل متعددة الولاءات ومنقسمة بين طرفي النزاع الاقليمي الاساسيين.
وتؤكد والحال هذه، ان بعض القوى الفاعلة في الداخل توظف اوراقا اقليمية في مجال الضغط على الرئيس المكلف للرضوخ لشروطها خصوصا في ما يتصل بالعقد السنية والمسيحية والدرزية، الا ان الحريري لا يبدو في هذا الوارد. فالمعارضة السنيّة لن تتمثل، كما تؤكد اوساط بيت الوسط ومواقف الرئيس الحريري نفسه، والتراجع عن تأييد مطالب القوات اللبنانية والحزب الاشتراكي غير مطروح في قاموسه التشكيلي وما على القوى السياسية الا ان تكتفي بتقديم مطالبها من دون فرض فيتوات وشروط، ونقطة على السطر. وتؤكد ان موقف الحريري منذ ايام في شأن صلاحياته شكل خير تعبير عن هذا الواقع، واعتبر حاجة داخل البيئة السنيّة التي بدأت تشعر بنوع من الاستهداف والتململ جراء محاولات المس بصلاحيات رئاسة الحكومة.
ومع ان الحريري يشد حزام الصمت الى الحد الاقصى متجنبا الرد على ما يثار لا سيما في الاعلام ويفضل التريث لقراءة اعمق في خلفيات ما يحصل، مستندا الى مبدأ المصلحة الوطنية تتغلب على اي اعتبار آخر، فهو لا يتوانى عن ابلاغ الرسائل الى من يوصلها، فالظروف التي حتّمت تنازلات في مرحلة معينة تبدلت وحلّت مكانها اخرى تفترض مراعاة بيئته وحساباته السياسية والعربية.
ازاء هذا الواقع، تعرب المصادر عن اعتقادها ان الامور بلغت حدها الاقصى والمواجهة لا يمكن ان تذهب ابعد من ذلك، لجملة اعتبارات يتقدمها انتفاء اي مصلحة للعهد في صدام مع مثلث الاشتراكي-المستقبل- القوات، خصوصا ان الاخيرين يشكلان ركني سيبة العهد ولهما من الحيثية السياسية والشعبية ما لا يصب في مصلحة فتح مواجهة مفتوحة معهما، اضف ان هذا الاستهداف سيمنع تشكيل الحكومة التي باتت مطلبا شبه يومي للخارج، بما يؤدي الى استنزاف رصيد العهد في الداخل والخارج في آن.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك