كتبت ماري-جو متّى في موقع mtv:
لم تعد زيارات الموفد الأميركي آموس هوكستين تهزّ أحداً. فمسار المفاوضات طويل والنتيجة، على الأرجح، كما هي. لعلّ الفارق الوحيد هذه المرّة هو الفيديو المنتشر له وهو في مقهى يطلب القهوة برفقة النائب السابق علي بزّي. لم يسمح له الموظّفون بأن يدفع الثمن وسط طلباتٍ منهم: لا تدفع... أنت ضيفنا!
المشكلة ليست في هوكستين. فهو موفد كما غيره من الموفدين، يحاول أن ينجز ما تبقّى له من عمل في ما تبقّى له من وقت. المشكلة تكمن في الدولة التي جاء منها ليحلّ السلام في منطقتنا. تلك الدولة المتناقضة التي أكثر ما ينطبق عليها المثل اللبناني الشهير: "تقتل القتيل وتمشي في جنازته". فخطابها واضح، تريد وقف الحرب في غزّة ولبنان لكنّها تدعم حقّ إسرائيل في الدفاع عن نفسها. كما أنّها تكافح الإرهاب في مختلف أنحاء العالم لكنّها ترسل آلاف الأسلحة لإسرائيل كلّ يوم لتمارس إرهابها على أطفالنا ونسائنا.
هي الدولة ذاتها التي ما زالت تبحث في ما إذا كان ما تقوم به إسرائيل في غزّة إبادة جماعيّة بينما استخدمت حقّ الفيتو أمس لمنع وقفها. كما أنّها الدولة ذاتها التي يطلّ منها المسؤولون كلّ يوم ليدينوا بأشدّ العبارات ما يحدث لنا من قتل ودمار، من دون أن يكترثوا حتّى لأعداد شهدائنا أو لتاريخنا.
هو البيت الأبيض ذاته الذي يغريه لون السلام، استاء من قرار المحكمة الجنائيّة الدوليّة الذي نصّ على اعتقال كلّ من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت بتهم جرائم حرب ارتكباها في غزّة، لكنّه في الوقت نفسه، يلقّننا دروساً في الديمقراطيّة والحضارة ويعدنا كلّ يوم بالسلم المنتظر.
المشكلة هنا أكبر بكثير من هوكستين ومن قهوته. إذ إنّها أصبحت مشكلة حقّ ضائع وعدالة خاضعة. كما أنّها أكبر بكثير من ثمن فنجان قهوة. فنحن اعتدنا على دفع الأثمان، من شهداء ودم وأرض... مخطئ من اعتقد أنّ قهوة هوكستين لن تكون "عَ حسابنا". ها نحن ندفع أثمان حروب منذ زمن، فكيف لنا ألّا ندفع ثمن القهوة؟!
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك