كتب موريس متى في موقع mtv:
رسميًّا، لبنان على "القائمة الرمادية" التابعة لمجموعة العمل المالي "فاتف" الخاضعة لتدقيق خاص، رغم تأكيد المجموعة أن لبنان حقق تقدماً في العديد من الإجراءات الموصى بها وسيستمر في تنفيذ الإصلاحات المطلوبة لسد الثغرات على صعيد الاجراءات الهادفة الى مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
صدر القرار في نهاية اجتماعات الجمعية العامة ومجموعات العمل التابعة لمجموعة العمل المالي التي انعقدت بين 21 و25 تشرين الاول الحالي في باريس. مجموعة "فاتف" أو المعروفة أيضا بـ"غافي" تهدف الى مواجهة الأنشطة غير القانونية وتحديدا كل ما يتعلق بغسل الأموال وتمويل الإرهاب، وهذه المجموعة التي تضم حالياً 40 عضواً ومنها 38 دولة ومنظمتين إقليميتين هما مجلس التعاون الخليجي والمفوضية الأوروبية، لديها قائمتان: القائمة الاولى تُسمى "القائمة الرمادية" وتضم ما تُطلق عليه المجموعة "ولايات قضائية خاضعة للمراقبة المتزايدة" هي لائحة تضم دولاً لا تتمتع بضوابط كافية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، اما القائمة الثانية فهي "القائمة السوداء" وتضم الدول التي تعاني من أوجه قصور كبيرة وخطيرة في أطر مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وتضم إيران وكوريا الشمالية.
في اجتماعها الأخير الذي انتهى مساء الجمعة، أضافت "فاتف" الى لائحتها الرمادية عدداً من الدول وهي الجزائر وأنغولا وساحل العاج ولبنان، لتضاف الى كل من بلغاريا وبوركينا فاسو والكاميرون وكرواتيا والكونغو وهايتي وكينيا ومالي وموناكو وموزمبيق وناميبيا ونيجيريا والفلبين وجنوب افريقيا وجنوب السودان وسوريا وتنزانيا وفنزويلا وفيتنام واليمن.
تقرير مجموعة العمل المالي
"فاتف" منظمة دولية يُطلق عليها اسم "مجموعة العمل المالي"، مقرّها العاصمة الفرنسية باريس وتأسّست في العام 1989، وتعمل على وضع المعايير الدولية لمكافحة غسيل الأموال وملاحقة عمليات تمويل الإرهاب وانتشار السلاح خارج الاطر القانونية، وفي سبيل ذلك تقوم بتقييم سنوي للدول لدرس مدى التزامها بهذه المعايير. أما مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا MENAFAT فكانت تتمتع بمقعد "مراقب" في مجموعة العمل المالي FATF حتى حزيران 2007 عندما تمّ منح مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا صفة "عضو منتسب" لدى مجموعة العمل المالي.
أكد تقرير "فاتف" أن السلطات القضائية الخاضعة للمراقبة المتزايدة بنشاط مع مجموعة العمل المالي (FATF) ، اي الدول المعنية، تعمل على معالجة النواقص الاستراتيجية في أنظمتها لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وتمويل انتشار الأسلحة. وعندما تضع مجموعة العمل المالي ولاية تحت المراقبة المتزايدة، فإن ذلك يعني أن الدولة قد التزمت بحل النواقص الاستراتيجية المحددة بسرعة ضمن الأطر الزمنية المتفق عليها وتكون خاضعة لمراقبة متزايدة. وغالبًا ما يشار إلى هذه القائمة خارجيًا باسم "القائمة الرمادية".
وأكدت "فاتف" أنها تواصلت مع الهيئات الإقليمية المعنية (FSRBs) العمل مع الولايات القضائية المذكورة (الدول المعنية) حيث تقدم تقارير عن التقدم المحرز في معالجة نواقصها الاستراتيجية. ودعت مجموعة العمل المالي هذه الولايات القضائية إلى إكمال خطط عملها بسرعة وضمن الأطر الزمنية المتفق عليها كما رحبت مجموعة العمل المالي بالتزام هذه الدول على أن تراقب التقدم المُحقق عن كثب. وأضافت "فاتف" انها لا تدعو إلى تطبيق تدابير العناية الواجبة المعززة على هذه الولايات القضائية كما لا تتصور معايير مجموعة العمل المالي تقليل المخاطر، أو قطع العلاقات مع فئات كاملة من العملاء، بل تدعو إلى تطبيق نهج قائم على المخاطر. لذلك، تشجع مجموعة العمل المالي أعضائها وجميع الولايات القضائية على أخذ المعلومات المقدمة في تقاريرها في الاعتبار في تحليل المخاطر الخاص بهذه الدول. وأثناء قيام الدول بالنظر في الإجراءات بناءً على تحليل المخاطر، ينبغي عليها ضمان عدم تعطيل أو منع تدفقات الأموال المخصصة للمساعدات الإنسانية، وأنشطة المنظمات غير الربحية المشروعة، والتحويلات المالية. كما يجب على الدول أيضًا أن تأخذ في الاعتبار التزاماتها الدولية بموجب قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة 2664 (2022) بشأن الاستثناءات الإنسانية من تدابير تجميد الأصول المفروضة بموجب أنظمة العقوبات التابعة للأمم المتحدة.
لبنان على القائمة الرمادية
اعتبرت مجموعة العمل المالي في قرارها أنه ومنذ اعتماد تقرير التقييم المتبادل في أيار 2023، أحرز لبنان تقدماً في العديد من الإجراءات الموصى بها، وطبق تدابير على قطاعه المالي، بما في ذلك إصدار تعميم للبنوك والمؤسسات المالية لإنشاء إدارة مخصصة لمكافحة الجرائم المتعلقة بالرشوة والفساد، مع اتخاذ تدابير ضد النشاط المالي غير المرخص له. كما أكدت المجموعة أن لبنان مطالب بالعمل على تنفيذ العديد من الإجراءات التي من شأنها المساهمة في إخراجه من هذه اللائحة ومنها:
- إجراء تقييمات للمخاطر المحددة المرتبطة بتمويل الإرهاب وغسل الأموال التي تم تحديدها في تقرير التقييم، وضمان وجود سياسات وتدابير للتخفيف من هذه المخاطر.
- تعزيز الآليات لضمان التنفيذ الفوري والفعال للطلبات المتعلقة بالمساعدة القانونية المتبادلة، وتسليم المجرمين واسترداد الأصول.
- تعزيز فهم مخاطر الكيانات غير المالية المرخصة (DNFBPs) وتطبيق عقوبات فعالة ومتناسبة وردعية على انتهاكات التزامات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
- ضمان تحديث معلومات الملكية المستفيدة ووجود عقوبات كافية وتدابير لتخفيف المخاطر للأشخاص الاعتباريين.
- تعزيز استخدام السلطات المختصة لمنتجات وحدة المعلومات المالية (FIU) والاستخبارات المالية.
- إظهار زيادة مستدامة في التحقيقات، والملاحقات القضائية، والأحكام القضائية لأنواع غسل الأموال بما يتماشى مع المخاطر.
- تحسين النهج المتبع في استرداد الأصول وتحديد ومصادرة التحركات عبر الحدود غير المشروعة للعملات والمعادن والأحجار الثمينة.
- متابعة التحقيقات المتعلقة بتمويل الإرهاب ومشاركة المعلومات مع الشركاء الأجانب المتعلقة بالتحقيقات في تمويل الإرهاب كما هو مطلوب في تقرير التقييم.
- تعزيز تنفيذ العقوبات المالية المستهدفة من دون تأخير، خصوصًا على الكيانات غير المالية المرخصة وبعض المؤسسات المالية غير المصرفية.
- إجراء مراقبة مستهدفة ومبنية على المخاطر للمنظمات غير الربحية ذات المخاطر العالية، من دون تعطيل أو تثبيط الأنشطة المشروعة لهذه المنظمات.
وكان لبنان قد حصل على فترات سماح في الماضي لتأجيل عملية إدراجه على اللائحة الرمادية، لم ينجح في أيار 2023 من الاستفادة مما يعرف بـ"غضّ نظر" عندما درست "مينا فاتف" ملفه، وتغير توجه المنظمة يومها عندما تدخل مندوبو الولايات المتحدة وصندوق النقد الدولي لطلب تحويل ملف لبنان إلى منظمة "فاتف" للدراسة والتقييم. وقد عزز موقف "فاتف" بإدراج لبنان على اللائحة الرمادية تقرير تقييمي صادر عن مجموعة العمل المالي في كانون الأول 2023. وفق التقرير الاخير لمنظمة "فاتف" والذي دفع المنظمة لطلب إعادة تقييم تصنيف لبنان، تعتبر المنظمة ان الملاحقات القضائية في لبنان لا تتماشى مع التهديدات والمخاطر وتحديدا كل ما يتعلق بالملاحقات الجمركية ومكافحة التهريب والتهرب الضريبي والاتجار بالمخدرات وبالبشر، والاهم ما يتعلق بغياب اي ألية واضحة في لبنان لناحية تحديد مصادر الجريمة المالية وعائداتها وكيفية تجميدها ومصادرتها وفقاً لقاعدة "فاتف".
ووفق تقرير "فاتف"، فالسلطات القضائية في لبنان لم تنجح في إيجاد الآليات المناسبة لمصادرة عائدات هذه الجرائم. يضاف الى ذلك ما تصفه "فاتف" بالفساد في الادارة العليا في لبنان مع غياب أي آليات واضحة لاسترداد الأصول التي تم الحجز عليها أو نقلها إلى ولايات قضائية أخرى. كما تعتبر "فاتف" أن لبنان لم يسجل تقدّماً على صعيد التحقيقات بشأن التهديدات المحتملة التي تشكلها أنشطة إحدى الجماعات شبه العسكرية المحلية الكبرى المنظمة المعروفة بـ"منظمة شبه عسكرية محلية بارزة" اي paramilitary groups في إشارة الى حزب الله من دون تسميته.
مساعي منصوري حدّت من تبعات "الرمادي"
حمل منصوري الى عواصم القرار في الاشهر الماضية ملفاته شارحا أهمية الإجراءات التي قام بها مصرف لبنان والمصارف، بما ينسجم مع القواعد الدولية لناحية المسارات المالية والتحويلات وتبييض الأموال، فيما التقرير الأخير الذي صدر عن "فاتف" أتى ليؤكد ان ما قام به المصرف المركزي في لبنان من إجراءات استثنائية تتطابق مع كل ما تتطلبه المنظمة لناحية مكافحة تبيض الأموال وتمويل الإرهاب. وعندما نتحدث عن وضع "فاتف" دولة معنية ضمن اللائحة الرمادية، فهذه الخطوة بشكل عام تضع النشاط المالي والمصرفي لهذه الدولة تحت وصاية دولية أمنية ومالية، تكون مخولة إخضاع جميع عمليات تحويل الأموال من لبنان إلى الخارج للتدقيق في مصدرها، وأهداف تحويلها، بما فيها عمليات التحويل التي تجريها الدولة والمصرف المركزي، بالإضافة إلى خطر وقف تعامل المصارف المراسلة مع المصارف اللبنانية، وقطع الطريق على دخول أي استثمارات وأموال جديدة إلى السوق اللبنانية.
تؤكد مصادر منصوري أن نتائج كل إجتماعاته الخارجية كانت بنّاءة ومباشرة وصريحة، فيما أكدت هذه المصارف حرصها على علاقتها مع المصارف اللبنانية ومصرف لبنان، انطلاقًا من الثقة بمصرف لبنان المركزي الذي يلتزم بالمعايير الدولية ويطبق الإجراءات المطلوبة في الشفافية النقدية والامتثال. أما منصوري فقد طرح أمام مسؤولي المصارف المراسلة سلسلة إجراءات وخطوات اتخذها لبنان، خصوصاً المصرف المركزي، على صعيد الحد من الاقتصاد النقدي ومراقبة العمليات المصرفية وتعزيز آليات الامتثال، ما يساهم في تحييد القطاع المصرفي ومصرف لبنان، وتحديدًا العمليات المصرفية الخارجية، عن أي تداعيات لقرار فاتف. وقد نجح منصوري في إقناع المصارف المراسلة التي تتعامل مع لبنان وعددها ارتفع من 1 الى 6 مصارف، بالإجراءات التي اتخذها المركزي لناحية مكافحة مكافحة تبيض الأموال وتمويل الإرهاب، ما يعني ان العمليات المصرفية والتحويلات من والى لبنان لن تتأثر بقرار "فاتف"، وهذا ما سمعه منصوري ايضا من المسؤولين في وزارة الخزانة الاميركية والبنك الفدرالي الاميركي خلال زيارته الاخيرة الى واشنطن.
بالفعل، أرسى مصرف لبنان معايير شفافية نقدية ومالية مع المصارف كاملة الدقة. وقد أقرت "فاتف" بأهمية الخطوات التي قام بها المصرف المركزي والمصارف لناحية الالتزام بالمعايير الدولية، ومن هنا تؤكد المصادر المتابعة لحركة منصوري في الداخل والخارج أن قرار "فاتف" بإدراج لبنان على اللائحة الرمادية لن تحمل أي تأثير على التحويلات من والى لبنان إن عبر المصارف او عبر شركات تحويل الاموال، ليأتي هذا التصنيف الجديد كجرس إنذار للحكومة اللبنانية للشروع بالاصلاحات المطلوبة بأسرع وقت لاسيما في الجمارك والقضاء ومكافحة الفساد وإصدار الأحكام القضائية.
وبعد قرار "فاتف"، اعتبر رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أن إدراج لبنان على القائمة الرمادية لمجموعة العمل المالي "كان خطوة متوقعة نظرًا للظروف التي حالت دون إقرار التشريعات والإصلاحات المالية المطلوبة". وأشار إلى أن لبنان أحرز تقدمًا في العديد من الإجراءات الموصى بها في تقرير التقييم المتبادل، حيث تم تطبيق تدابير مهمة في القطاع المالي من خلال إصدار التعاميم اللازمة للبنوك والمؤسسات المالية. وأضاف ميقاتي أن هذا التصنيف لن يؤثر على علاقات لبنان مع المصارف المراسلة، مؤكدًا أن لبنان سيواصل التعاون مع مجموعة العمل المالي. وأوضح أن هذا الإجراء قد تم تطبيقه سابقًا على العديد من الدول العربية والأجنبية البارزة، وأنه سيتم متابعته وفق الأنظمة والإجراءات المعروفة للعودة عنه.
لبنان رسميًّا على اللائحة الرمادية: لا تأثير على العلاقات مع المصارف المراسلة
الــــــســــــابــــــق
- غارة إسرائيلية ثالثة على حارة حريك في الضاحية الجنوبية
- حزب الله: هاجمنا بسرب من المسيرات الانقضاضية تجمّعاً لجنود العدو الإسرائيلي في محيط مستوطنة يعرا وحققنا إصابات
- غارة على بلدة الدوير - النبطية
- النائب كميل شمعون لـmtv: وقف إطلاق النار يجب أن يترافق مع عدد من الترتيبات ويكفي أن ننفّذ الـ1701 ونزع السلاح غير الشرعي يجب أن يحصل في كافة المناطق اللبنانية ليُصبح فقط بيد الجيش وقوى الأمن
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك