اعتبر رئيس لجنة التربية والتعليم العالي والثقافة النائب حسن مراد، أن "أي اعتداء موسع أو حرب شاملة على لبنان لن تكون نتيجتها إلا تغيير وجه المنطقة، وهذا يحتم علينا في الداخل أن نقف صفا واحدا خلف الجيش والمقاومة صامدين محتسبين، نرص الصفوف ونقدم ما نستطيع في سبيل حماية بلدنا واستعادة أراضيه المحتلة، وضمان حريته وسيادته، فلا صوت يعلو فوق صوت المعركة، وكل صوت مشكك أو يدعو إلى التفرقة او الفتنة وجب نبذه، لأن حرية الوطن تسمو على أي حرية أخرى".
جاء ذلك خلال رعايته حفل التخرج التاسع عشر لطلاب ثانوية الصلاح الإسلامية في بعلبك، بحضور النائبين عدنان طرابلسي وملحم الحجيري، النائب السابق كامل الرفاعي، رئيس المنطقة التربوية في محافظة بعلبك الهرمل حسين عبد الساتر، مدير فرع جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية في البقاع الشيخ أسامة السيد، رئيس بلدية بعلبك بالتكليف مصطفى الشل، وفاعليات تربوية ودينية وبلدية واختيارية وإعلامية واجتماعية.
وقال مراد في مستهل كلمته: "ها قد عدنا يا بعلبك والفخر يملأ قلبنا رغم كل الألم الذي نعيشه، ها قد عدنا كما كل عام، لنشهد تميزا وتألقا وتخرجا جديدا، ها قد عدنا لنقاوم بالعقل والقلم، كما نقاوم بالسلاح والحجر، ولا اخفي عليكم كم ينتابني السرور كلما حضرت إلى هنا إلى بعلبك التي كانت وستبقى المبتدأ والخبر. نلتقي مجددا في ثانويه الصلاح الإسلامية بدعوة كريمة من جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية لرعاية حفل التخرج التاسع عشر لكوكبة من الناجحين في بعلبك، وإنه لشرف كبير ان نلتقي هنا اليوم في مدينه الشمس مع هذه الوجوه الطيبة كي نهنئ سويا شابات وشباب بعمر الورد، اجتهدوا وثابروا وزرعوا، فاثمر زرعهم واجتهادهم نجاحات تجعل منهم أمل هذا الوطن وغده الافضل".
وتابع: "نلتقي هنا في بعلبك التي ارتفعت أعمدتها منذ قرون عديدة لم تنحن هامتها أبداً برجالاتها الأشداء وصلابتهم والتزامهم الخيارات التي تنسجم مع تاريخ هذه المدينة، في اختيار طريق الحق والثبات والإباء ومقاومة كل ظلم او عدوان، نلتقي هنا مع خريجي ثانوية الصلاح الإسلامية الذين هم من صلب هذا النسيج الوطني، ويحملون شهاداتهم اليوم وعيونهم تشخص إلى الآتي من الأيام دون خوف أو ضعف، لأنهم امتشقوا سلاح العلم والمعرفة لمواجهة الجهل والتجهيل، وسلاح الثقافة لنشر الوعي. وما أحوجنا إلى الوعي في هذا الزمن الذي تتكالب علينا فيه جحافل الغزو الفكري مستهدفة تاريخنا وقيمنا الأخلاقية والدينية والاجتماعية الأصيلة".
ورأى ان "خطر الغزو الفكري لا يقل أبداً عن خطر الغزو العسكري، والاعتداء على منظومة القيم في مكان ما يوازي خطر العدوان على الاوطان، وما الاوطان الا إنسان، فإذا تخلى عن قيمه وأخلاقه سقط الوطن في متاهات الجهل والفوضى والرذيلة. والعدو يستخدم كل الوسائل التي تتسلل إلى عقول أطفالنا وشبابنا وكبارنا أحيانا دون مقاومة لها أو رفضها، لأنها مغلفة بالعسل والترفيه، وفي داخلها السم والهدم. لذلك أيها الأبناء اغرفوا ما استطعتم من ثقافة الآخرين وعلومهم، وإياكم الإنجراف وراء نزواتهم وغرائزهم التي تقتل فيكم بذرة الخير والتماسك الأسري والتعاون. ثقافتهم تشجع على الإنحراف والأنانية الفردية، وثقافتنا نابعة من ديننا الحنيف الذي يأمرنا بالتعاون على البر والتقوى ومساعدة بعضنا. ثقافتهم تشجع على إباحة كل شيء لتقتل الحياء ويصبح المجتمع أشبه بقطعان الوحوش، وثقافتنا تأمرنا بالفضيلة والصلاح وصون العرض والشرف والكرامة، هذه الكرامة التي نعتز بأننا نحيا لأجلها، فالحياة لدينا وقفة عز فقط، هكذا كانت وهكذا ستبقى".
وأضاف: "تتخرجون من هنا اليوم ووطننا يمر بلحظات عصيبه يختلط فيها الفرح مع الغضب، الفرح بأننا نخوض اليوم معركة الدفاع عن شرف الأمة وكرامتها، معركه حتما سيكون التحرير نتيجتها، معركه ستغير وجه العالم، وتسرع خلاص أمتنا من عدوها الغاشم المتغطرس. هذا العدو الغاشم الذي صدر الإرهاب إلى كل العالم منذ عشرات السنين، ينتهك في كل يوم أرضنا وسماءنا ومياهنا، ويعتدي على قرانا ومزارعينا، وبالأمس وصلت عنجهيته وإجرامه إلى الاعتداء على عاصمتنا وضاحيتها الأبية، فسقت دماء الشهداء الأبية تراب الوطن، فازهرت مقاومة استطاعت ان تردع العدو وتصارعه وتواجهه، رغم فارق الإمكانيات، إلا أنها أثبتت للعالم أجمع أنها وحدها التي يهابها العدو، وحدها التي تقلقه، وحدها التي تهدد وجوده، فتحية إلى المقاومة الباسلة التي تقدم الغالي والنفيس من أجل استقرار هذا الوطن ورفعته وكرامته، وتحفظ بالحق سيادته، وتحية إلى دماء شهدائنا الأبطال وآخرهم الشهيد السيد فؤاد شكر، ابن هذه المنطقة التي لم تخرج إلا الأحرار والأبطال والمقاومين، ولن تكون دماء هؤلاء الشهداء الا السيل الجارف الذي سيغير وجه المنطقة نحو الأفضل".
وأردف: "في أرض القداسة والطهارة في فلسطين أخوة لكم أقلامهم مغمسة بالدم بدل الحبر، وأصابعهم هي الأقلام التي يخطون بها كتب الشرف والإباء، وكتبهم هي تراب الأرض التي يقرأون فيها تاريخ الأنبياء، ويكتبون في كل لحظة فصلا جديدا من رحلة الدفاع عنها لاستعادتها حرة موحدة من البحر إلى النهر. هؤلاء الذين يسقط منهم في كل يوم الشهيد تلو الشهيد، والقائد تلو القائد، لم ينحنوا، ولن ينحنوا، وكما قال الشهيد القائد اسماعيل هنية قبل استشهاده بساعات على يد كيان الإجرام العالمي، نحن قوم إذا سقط منا سيد قام مقامه سيد. إنهم رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه، ومنهم من ينتظر، وما بدلوا تبديلا. فمن بعلبك تحية إلى روح القائد الشهيد اسماعيل هنية الذي التحق بدرب رفاقه المجاهدين الأحرار، وتحية إلى حركته المقاومة التي تخوض اليوم معركة الدفاع عن كرامة الأمة، وتحية إلى كل قوى المقاومة في فلسطين الصمود وكل المنطقة التي تقف اليوم حائط السد الوحيد أمام أطماع العدو وغطرسته".
وتابع مراد: "من هنا من بعلبك لا يسعنا إلا أن نوجه التحية إلى جنوبنا البطل ومقاومته التي تدافع عن كرامة الوطن وتلغي مقولة قوة لبنان في ضعفه، إلى معادلة جديدة هي الردع. ومهما بلغ تهويل العدو بضربنا فإنه غير قادر إلا على تدمير الحجر، لكنه يزيد عزيمة المقاومين على المواجهة والصمود حتى هزيمة جحافله، وتاريخنا الحديث يشهد بذلك".
وتوجه إلى الطلاب الناجحين مؤكدا ان "العصر الحديث يضج كل يوم بأخبار الاختراعات والاكتشافات فلا تكونوا على هامش الثورة العلمية التكنولوجية العصرية، كونوا السباقين للدخول في معتركها، فاعلين فيها، منتجين لها وليس مستهلكين، فالأمم التي تبقى على قارعة الزمن، يتجاوزها الزمن، ولا يذكرها التاريخ عند ذكر الأمم الخالدة".
وختم مراد: "نحن نحمل أشرف رسالة هي رسالة الإسلام، ونتبع أشرف الرسل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. رسالة الإسلام دستور حياة، والنبي الكريم أعظم معلم لها وفيها. لننهل من القيم الدينية ونقتدي بسيرة رسولنا الكريم، ونتمسك بهويتنا العربية، ولغتنا العربية، وقيمنا العربية، ونحن لا شك منتصرون. مبارك لكم هذا التخرج ومبارك لجمعية المشاريع الخيرية الإسلامية هذا الحصاد، ولثانوية الصلاح الإسلامية هذه الجهود لتنشئة أجيال ترفع راية العلم، لترتفع راية الوطن والأمة، ومبارك لأهالي الخريجين، ودائما معاً نحو غد أفضل".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك