أدّت الاشتباكات على الحدود بين لبنان وسوريا الى بروز مخاوف كبرى من إمكانيّة تطوّر الأوضاع الأمنيّة واشتعال جبهة جديدة في لبنان، في وقتٍ تستمرُّ فيه المساعي الداخليّة والخارجيّة لإطفاء ما تحت رماد الجبهة الجنوبية وتأمين الانسحاب الإسرائيلي الكامل. وبالرّغم من عودة الهدوء الى الحدود مع سوريا بعد الاتفاق بين الجانبين على وقف إطلاق النار، إلا أنّ السؤال يبقى: هل يحسمها الجيش هذه المرّة؟
يشرحُ الخبير العسكري ناجي ملاعب أنّه "ليس صدفة أن يشنّ العدوّ الإسرائيلي ضربات صاروخيّة على المنطقة الحدوديّة بين لبنان وسوريا، إذ يبدو أن حزب الله يمتلك مخازن أسلحة كبيرة في هذه النقطة استخدمها خلال قتاله في سوريا دعماً للنظام السابق، ولكن النظام الحالي في سوريا يخشى اليوم هذه الأسلحة، وبالتالي أي حادث فردي يمكن أن يتطوّر لاسيما بعد ردّة الفعل القوية للنظام السوري الجديد على أحداث الساحل السوري، باعتبار أنّ فلول النظام السابق كانوا يحظون بدعمٍ من قبل حزب الله"، مُضيفاً في مقابلة مع موقع mtv: "القضية أكبر من قضية عصابات تهريب سلع معيّنة، فالتهريب لطالما كان ينشط بين لبنان وسوريا، ولكن إسرائيل تخشى اليوم هذا الكمّ الهائل من الأسلحة والذخائر في المنطقة، تماماً كالنظام الجديد في سوريا الذي يخشى وصولها الى الداخل السوري خصوصاً بعد ضبط شاحنات أسلحة واعتقال عددٍ من العناصر".
ويذكّر ملاعب أنه "في السابع من شباط الماضي حصلت محاولات قمع لعمليات تهريب في المنطقة، وتعاون الجيشان اللبناني والسوري على ضبط الوضع واصطفّت العشائر اللبنانية خلف الجيش، لذا فإنّ الجيش الذي كان ساكتاً في الماضي ويتماهى مع ما يفعله حزب الله في سوريا في ظل عدم وجود قرار سياسي للتصدّي له، بات أمام واقع مختلف اليوم، التغيير طال سوريا ولبنان والبيان الوزاري كان واضحاً لجهة التشديد على حصرية السلاح بيد الدولة وحصرية قرار الحرب والسلم بيدها الأمر الذي لم يعترض عليه حزب الله".
ويربط ملاعب بين ما حصل عند الحدود الجنوبية والشمالية قائلاً: "ينتظر لبنان اليوم ما سينتج عن المساعي الدبلوماسية فالضغط الغربي مكثّفٌ في ظل عمل اللجنة الخماسيّة لانسحاب القوات الاسرائيلية من لبنان، ومع إتمام الانسحاب لا مبرّر للسلاح خارج الدولة"، مشيراً الى أنّ "توجّه الحكومة اللبنانية واضح، والجيش اللبناني ينتشر عبر أربعة أفواج برية في المنطقة الحدودية بين لبنان وسوريا ويعتمد على أبراج المراقبة البريطانية وهو قادر على ضبط الأوضاع على المعابر غير الشرعية في ظلّ وجود قرار سياسي حازم".
وفي الختام، يؤكّد ملاعب أنّ "التغيير الذي حصل في قيادات الأجهزة الأمنيّة وإعادة تنشيط أعمال القوى الأمنيّة يساعد الجيش كثيراً ويخفف الأعباء عنه، وسنشهد انتظاماً أمنياً توازياً مع القرار السياسي. قد يحتاح الحزم الى بعض الوقت ولكنّنا على السكة الصحيحة".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك