انضمت الحدود الشرقية بين لبنان وسوريا أمس إلى نظيرتها الجنوبية مع إسرائيل من حيث التدهور الذي أسفر عن خسائر في الأرواح والممتلكات. وبدت الجبهة الجديدة تحمل ملامح من الجبهة الجنوبية لجهة السلاح الذي لا صلة للدولة اللبنانية به. ولا يكفي لبنان أنه ما زال عالقاً في تنفيذ القرار 1701 لجهة تفكيك البنية العسكرية لـ "حزب الله"، فانزلق فجأة إلى جبهة تطايرت فيه الصواريخ وبينها من الجانب اللبناني صواريخ "كورنيت" الاستراتيجية الشهيرة في ترسانة "الحزب" منذ حرب تموز عام 2006.
ظهرت تعقيدات المشهد في الجبهة الشرقية عندما جرى استدراج الجيش اللبناني إلى الدخول إلى حلبة القصف المضاد للقصف الآتي من الجانب السوري. وبدا التفسير الذي جرى تداوله في جلسة مجلس الوزراء أمس قاصراً عن الدخول إلى لب المشكلة ألا وهي أن سيطرة لبنان على هذه الحدود ما زالت غير مكتملة. فهل ستتاح له الفرصة وسط هذه الأزمة المتدحرجة أن يمسك بزمام المبادرة؟ وبدا واضحاً أن العمل على تطبيق القرار 1680 لناحية الترسيم مع سوريا يسهم في سد الذرائع التي يتستّر بها أكثر من طرف.
وتساءلت مصادر وزارية عبر "نداء الوطن" في هذا السياق، "لماذا الإشكالات الحدودية تحصل على الجانب الذي يسيطر عليه "حزب الله" وتحديداً في القصر والهرمل؟ ولا تحصل في مناطق أخرى ذات طابع سني وغيره"؟ وأجابت: "السبب واضح وهو أن "حزب الله" يسيطر على مناطق الإشكالات هذه والتي لم تمسك الدولة بزمام الأمور فيها بعد. ولا يزال "الحزب" في هذه المناطق يهرّب السلاح والكبتاغون من أجل ضرب هيبة الدولة السورية وهزّ استقرارها ما يمثل استمراراً لما حصل في الساحل السوري. ولو كانت هناك مشاكل حدودية لحصلت على طولها ولا تقتصر على المنطقة المشار إليها". ولفتت إلى "أن ظاهرة العشائر" في الجبهة الشرقية والتي تصدرت الأنباء بدت وكأنها مماثلة لـ "ظاهرة الأهالي" التي استخدمها "حزب الله" ولا يزال كي يعرقل تنفيذ القرارات الدولية في الجنوب. وحذرت من أن محاولات "تظهير النظام السوري الجديد وكأنه ضد لبنان كجزء من مخطط إيراني فشل في الساحل السوري وها هو يسعى اليوم إلى الاستمرار عبر الحدود الشرقية. فهل سيتواصل التوتير عبر "حزب الله" بطلب إيراني"؟
وعلمت "نداء الوطن" أن رئيس الجمهورية جوزاف عون يريد حل المسألة بالطرق الدبلوماسية لذلك كلف وزير الخارجية يوسف رجي التواصل مع نظيره السوري في بروكسل حيث يشارك في أعمال "المؤتمر التاسع لدعم مستقبل سوريا". الرئيس عون رغم أنه أعطى توجيهاته "إلى قيادة الجيش للرد على مصادر إطلاق النار فهو لا يرغب بـ "التصعيد العسكري لأنه سيجلب الويلات، ولبنان سيفعل كل ما يستطيع من أجل ضبط الحدود، والتنسيق مع الإدارة السورية مستمر".
لجنة وزارية
أما في جلسة مجلس الوزراء، فقد تم تشكيل لجنة وزارية برئاسة رئيس مجلس الوزراء وعضوية وزراء الداخلية والدفاع والمالية والأشغال والعدل لاقتراح التدابير اللازمة لضبط ومراقبة الحدود، ومكافحة التهريب ورفع المقترحات إلى مجلس الوزراء.
وعلمت "نداء الوطن" أن رئيس مجلس النواب نبيه برّي "ممتعض من الاشتباكات التي تحصل على الحدود البقاعية ويتخوف من انتقالها لتصبح حرباً طائفية بينما هي في الأساس صراع على خطوط التهريب، لذلك يدعو إلى ضبط الحدود وإغلاقها وحصر المرور بالمعابر الشرعية وذلك لتجنب الفتنة الطائفية وارتداداتها على لبنان وسوريا ومنع دخول طابور خامس يستفيد من توتير الأجواء ويخلق مشاكل إضافية بين لبنان وسوريا ليس وقتها حالياً".
وأفاد الجيش اللبناني، عبر حسابه على منصة "أكس"، أنه "استقدم تعزيزات من الوحدات الخاصة إلى منطقة الهرمل عند الحدود اللبنانية السورية، بعد استهداف عدد من مراكزه من جهة الأراضي السورية، كما ركّزت الوحدات العسكرية المنتشرة نيرانها على أهدافها ضمن قطاعات الرمي لوقف الاعتداءات على الأراضي اللبنانية".
واتهمت وزارة الدفاع السورية عناصر من "حزب الله" بدخول الأراضي السورية وخطف ثلاثة من أفراد الجيش السوري الجديد وقتلهم. ونفى "الحزب" ضلوعه في هذا الأمر.
وأفاد مساء أمس بيان لوزارة الصحة أن حصيلة تطورات اليومين الأخيرين على الحدود اللبنانية-السورية، مقتل سبعة مواطنين، وجرح اثنين وخمسين آخرين.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك