ترأس راعي أبرشية الفرزل وزحلة والبقاع للروم الملكيين الكاثوليك المطران ابراهيم مخايل ابراهيم قداساً احتفالياً في كنيسة مار الياس المخلصية في زحلة, في ذكرى رقاد المكرّم الأب بشارة ابو مراد المخلصي, ابن زحلة وابن حارة مار الياس، الأرشمندريت جوزف الصغبيني, مدير دار الصداقة الأب جوزف جبور, رئيس الكلية الشرقية الأب شربل داوود والأب توفيق عيد، في حضور جمهور كبير من المؤمنين ضاقت به ارجاء الكنيسة رغم الطقس العاصف، وخدمت القداس جوقة وتر بقيادة فادي نحاس.
بعد الإنجيل المقدس كان للمطران ابراهيم عظة تحدث فيها عن فضائل الأب بشارة ابو مراد، ومما قال: "الله معكم، وأهلاً وسهلاً بكم في هذا القداس الإلهي المبارك الذي نحتفل فيه بسبت الأموات الذين نطلب لهم الراحة الأبدية وبذكرى انتقال المكرَّم الأب بشارة أبو مراد، هذا الراهب القديس الذي عاش بين الناس، ولكنه لم يكن من العالم، بل كان شعاعاً من نور الله في زمن ظلمات، وصوتاً من السماء وسط ضجيج الأرض".
واضاف: "الأب بشارة لم يكن عظيماً في مقاييس العالم، لكنه كان عظيماً في نظر الله. عاش القداسة ببساطة، والخدمة بتواضع، والمحبة بصمت. لم يسعَ وراء الشهرة، ولم يطلب التصفيق، بل كان يهمس بحياته أن القداسة ليست بعيدة عنّا، بل ممكنة في تفاصيل حياتنا اليومية، في التزامنا الصلاة، في خدمتنا للمحتاج، في محبتنا لمن جرحونا، وفي قبولنا لصليب الحياة برجاء القيامة".
وقال: "كان راهبًا في قلب العالم، لكنه لم يكن من العالم، بل كان قلبه مشدودًا إلى السماء. رأى وجه الله في وجوه الفقراء، سمع أنين الله في آهات المتألمين، ولمس يد الله في أيدي اليتامى والمحرومين. محبّته كانت لمسة من الله، وحنانه كان لفتة من الله، وإحساسه بالموجوع والمحتاج والحزين كان شعاعاً من رحمة الله المتجسدة على الأرض. كان صوته هادئًا، لكن عينيه كانتا تصرخان من الأرض إلى السماء، تحملان دموع أحشاء تئنّ من أجل النفوس التائهة، والقلوب المأسورة بالخطيئة. كان رجلاً لا يقبل أن يرى إنسانًا بعيدًا عن الله دون أن يرفعه بصلاة، ولا يسمع عن خطيئة إلا ويسكب عليها دموع التوبة، طالبًا من النعمة الإلهية أن تغسل القلوب الملطخة، وتجدد النفوس المكسورة، كما يقول بولس الرسول: "حيث كثرت الخطيئة ازدادت النعمة جدًا" (رومية 5: 20)".
وأردف: "الأب بشارة أبو مراد، ابن الرهبانية الباسيلية المخلصية، هذا الصرح الروحي العريق الذي قدّم ويقدّم للكنيسة خدامًا بسطاء، ولكنهم عظماء بالنعمة. في صمت الدير، وفي زوايا الكنيسة، وفي حنايا القلوب، كان يحمل الرهبانية كلها في صلاته، يرفعها على مذبح المسيح، ويسكب عمره كذبيحة حبّ لمن كرّس له حياته. كان يقول: الصلاة والتوبة هما جناحان قويّان، بهما نطير إلى السماء. فلنرفع قلوبنا الليلة مع أبينا بشارة، نحلق بأجنحة الصلاة الصادقة، والتوبة العميقة، كي نصير نحن أيضًا شهودًا على أن القداسة ليست قصة من الماضي، بل هي دعوة لنا جميعًا اليوم. لنطلب من الرب أن يمنح كنيسته فرحة إعلان أبينا بشارة قديسًا على مذابح الكنيسة الجامعة، ليكون نورًا يضيء دربنا بالإيمان والقداسة. أيها الأحبّة، في هذه الذكرى، دعونا لا نكتفي بأن نكرّم الأب بشارة بكلمات، بل لنجعل حياته درسًا لنا، فنعيش مثلما عاش، في صمت المحبة، في تواضع الخدمة، وفي أمانة الصلاة، حتى نكون نحن أيضًا نورًا في هذا العالم المظلم، فنشهد لمخلصنا يسوع المسيح الذي دعانا جميعًا لنكون قديسين كما أن أبانا السماوي قدوس".
وختم: "أشكر قدس الأب الرئيس نقولا صغبيني على دعوته لي واطلب من الرب القدير إعادته الينا سالما معافىً كي يتابع مسيرة الخدمة في هذا الدير وهذه الرعية المباركة".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك