وجّه رئيس اساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للروم الملكيين الكاثوليك سيادة المطران ابراهيم مخايل ابراهيم رسالة الميلاد الى المؤمنين وجاء فيها:
"سلام الله معكم، أيها المحب البشر، بما أنك إله السلام وأبو المراحم، أرسلت لنا رسول رأيك العظيم، مانحا إيانا سلامك. (من صلاة سحر الميلاد)
نحتفل هذا العام بعيد الميلاد المجيد وسط ظلمات صعبة تلف وطننا الحبيب لبنان. في هذه اللحظات المليئة بالتحديات والألم، يتجلى لنا معنى الميلاد الحقيقي الذي هو دعوة مستمرة للسلام، والمصالحة، والرجاء. لقد أتى المسيح إلى عالمنا كملك للسلام، لا ليضيف حملا على أكتاف البشر، بل ليحررهم ويعيد لهم كرامتهم، متحدا مع آلامهم ومعاناتهم.
أيها الأحباء بالمسيح، الميلاد هو أعظم دعوة للاتحاد والمصالحة، لا فقط بين الله والإنسان، بل بين الإنسان وأخيه الإنسان. ما قيمة الاحتفال بميلاد المسيح إن لم تكن حياتنا انعكاسا لهذا السلام الذي جاء ليبثه في قلوبنا؟ إن بلدنا لبنان، المثقل بالحروب والانقسامات، في أمس الحاجة اليوم إلى ميلاد جديد يتجلى فيه حضور المسيح كملك للسلام. فلا سلاح يبقى إلا سلاح المحبة، ولا قوة تتحكم إلا قوة العدل، ولا وطن يستقر إلا بوحدة أبنائه والتفافهم حول جيشهم الوطني وقواهم الأمنية، فهي الضامن الوحيد لحماية لبنان من الفوضى والانهيار.
"سلاما أترك لكم، سلامي أعطيكم" (يو ١٤: ٢٧). ولكن هذا السلام الإلهي لن يتحقق إلا إذا نهضنا من سبات انقساماتنا، واعترفنا بأخطائنا، وسعينا نحو التوبة الحقيقية:
• السلام مع الله: فلنتأمل في سر التجسد الذي فيه تواضع الله واتحد بطبيعتنا ليمنحنا القوة لنتجاوز ضعفنا.
• السلام مع الذات: فلنفتح قلوبنا للمصالحة الداخلية ونقتلع منها جذور الكبرياء والأنانية.
• السلام مع الآخر: فإننا مدعوون لنبني وطنا يقوم على الحوار والاحترام المتبادل، حيث يعيش الجميع بكرامة وحرية.
أيها الأحباء، لبنان اليوم يحتاج إلينا كما لم يحتج من قبل. يحتاج إلى اتحادنا وتضامننا، وإلى أن نرفع أصواتنا مطالبين بانتخاب رئيس للجمهورية، ليكون قائدا حكيما يجمع ولا يفرق، يبني ولا يهدم. يحتاج إلى أن نعمل جميعا يدا بيد لننهض بوطننا من أزماته الاقتصادية والاجتماعية، ونتأكد أن المستقبل الذي نزرعه لأبنائنا هو مستقبل يعكس النور الذي جاء به المسيح في يوم ميلاده.
ونحن في هذه المناسبة المقدسة، نصلي من أجل السلام في الشرق، ومن أجل جميع الذين تألموا وفقدوا أحباءهم في الحروب الأخيرة. نصلي أن يكون عيد الميلاد مناسبة للفرح والرجاء، وميلادا جديدا لوطننا لبنان الذي طالما كان رسالة سلام ومحبة في هذا الشرق المتمزق.
أيها الأحباء، لا تخافوا! لقد ولد لنا عمانوئيل، أي "الله معنا"، ومعه الرجاء يتجدد، والقوة تتضاعف. فلنكن شهودا لهذا الرجاء ولنحمل نور الميلاد إلى العالم أجمع.
"عمانوئيل" هو تجسد لواحد من أعظم وعود الله للبشرية. هذا الاسم يذكرنا بحضور الله الدائم والقريب منا، ليس فقط كخالق بعيد، بل كإله حي يشاركنا أفراحنا وأحزاننا، قوتنا وضعفنا. هذا الوعد الإلهي تحقق بميلاد يسوع المسيح، الذي جاء ليخلصنا ويعيدنا إلى حضن الآب.
عندما نتأمل في معنى "الله معنا"، ندرك أن هذا الحضور ليس مجرد فكرة أو شعور، بل هو واقع حي يتجلى في كل لحظة من حياتنا. الله معنا في الصعوبات ليمنحنا القوة، ومعنا في النجاحات ليبارك خطواتنا، ومعنا في الوحدة ليملأ قلوبنا بالسلام. هو معنا ليكون رفيق الطريق، وليذكرنا أننا لسنا وحدنا أبدا.
اسم "عمانوئيل" هو دعوة للإيمان والرجاء، ولكي نعيش بثقة بأن إلهنا يسير معنا، مهما كانت التحديات أو الظلمات التي نمر بها. إنه الاسم الذي يملأ القلوب طمأنينة ويجعل الحياة ملونة بحضور النعمة والمحبة الإلهية.
أعاد الله عليكم هذا العيد بالسلام والصحة والفرح. المسيح ولد! فمجدوه".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك