كتب كلوفيس الشويفاتي في وكالة "أخبار اليوم":
شكلت الضربة المحدودة والمدروسة التي وجهتها إسرائيل لايران وردها على الهجمات التي طالتها بالصواريخ الايرانية وبالمسيرات، رسالة واضحة لاعدائها ولاصدقائها على حد سواء.
أثبتت إسرائيل لأعدائها انها ملكت فضاء الشرق الاوسط واحتلت كل الاجواء حتى طهران وما بعد طهران، وذلك من خلال انطلاق مئة طائرة حربية اسرائلية من مطاراتها العسكرية وتحليقها لأربع ساعات فوق كل دول المنطقة بما فيها العاصمة الايرانية، ونفذت غارات وهجمات على مواقع حددتها بأمر عملياتها، وعادت سالمة إلى قواعدها من دون اي مشكلة ولو حتى تقنية أو لوجستية.
وقد طرح الكثيرون أسئلة مشروعة ومنطقية، وهي: لماذا لم تضرب اسرائيل أهدافا اكبر واعمق واهم في طهران، ما دامت مقاتلاتها المئة حلقت في الأجواء الايرانية من دون اي رادع أو قدرة على اعتراضها من قبل الدفاعات الجوية الايرانية؟
اولا: إن الأهداف التي ضربتها اسرائيل تعنيها لوحدها ومباشرة، إذ هاجمت الطائرات الاسرائيلية أماكن إطلاق الصواريخ البالستية ومصانعها ومستودعاتها، وكذلك مصانع المسيرات الايرانية. وبذلك تكون تل ابيب قد ردت على القوة العسكرية الايرانية التي هاجمتها فقط.
ثانيا: بما يختص بضرب المفاعلات النووية الايرانية، فهذه لم توذ اسرائيل حتى الان، وهي قضية بيد الإدارة الأميركية وهي وحدها تتولى هذا الملف، ولم ولن تتصرف اسرائيل به الا بما تمليه عليها واشنطن.
ثالثا: بالنسبة لحقول استخراج النفط ومحطات تكريره وكل ما له علاقة بالطاقة التي تنتجها ايران، اعتبرت اسرائيل ان هذا الجانب لن يضر بإيران وحدها بل سيؤثر على اسعار النفط في كل العالم، وهذا ما قد يثير حفيظة دول حليفة لإسرائيل وتدعمها في حربها ضد حماس وحزب الله، ولم تجد تل ابيب ان هناك من داع لإثارة وإحراج حلفائها في هذا الوقت وهي بحاجة ماسة لدعمهم.
رابعا: بالنسبة لعدم استهداف اسرائيل القادة العسكريين والسياسيين وصولا للسيد خامنئي، اعتبرت الحكومة الاسرائيلية ان ضرب النظام الإيراني وتغييره ليس من مسؤولياتها وحدها، ولا يمكنها ان تتفرد بهذا الامر من دون دعم دولي له ومن دون تحضير بديل لهذا النظام، لان الفوضى التي قد تنتج عن ذلك، لم يدرس احد بعد تداعياتها ونتائجها على كل الدول المجاورة، وبالتالي لا يمكن لإسرائيل أن تقدم على هذه العملية الا بضوء أخضر فاقع من واشنطن ومن معظم الدول الداعمة لإسرائيل.
ويبقى ان اسرائيل هاجمت بدقة وبمسح شامل معظم مراكز الدفاع الجوي للمحور الإيراني، من دون ان تتمكن اي منظومة دفاعية من تهديد طائرة واحدة من المئة التي شاركت في الهجوم الجوي. واثبتت تل ابيب انها مسيطرة على فضاء لبنان وسوريا والعراق وصولا الى قلب طهران، وهذا ما قد يمهد لجولات اسرائيلية اخرى قد تكون اسهل واشمل اذا دعت الحاجة لذلك، وخصوصا بعد انتهاء الانتخابات الرئاسية الأميركية.
وقد دفعت هذه الوقائع والحقائق الجديدة طهران للاسراع بالاعلان بداية انها لن ترد على الهجوم الاسرائيلي قبل أن يقول المرشد انه لا يمكن لا التقليل من الهجوم الاسرائيلي ولا تضخيمه، لكن ايران أيقنت تماما ان لا قدرة ولا جدوى من انظمة الدفاع الجوي في كل محورها الممتد من طهران الى اليمن والعراق وسوريا ولبنان.
لقد أسقطت اسرائيل جوا ايران وحلفاءها من دون اي رادع أو وازع واحتلت واستباحت وحيدة فضاء الشرق الاوسط من دون اي تهديد. كما ان اسرائيل افقدت ايران بضرباتها لحماس وحزب الله اوراقها التفاوضية الأساسية، وباتت طهران في وهن وعجز في اي مفاوضات مقبلة مع الولايات المتحدة الأميركية والغرب حول كل الملفات العالقة، وهذا ما سيمهد لخسارة ايران الكبيرة في صراعها الاقليمي وربما استسلامها في الجولات المقبلة، بعد ان احرقت اصابعها في هذه الحرب التي لن تنتهي الا بخسارة إيران من خلال تخليها مرغمة عن أزرعها، تمهيدا لفرض حل شامل وكامل وثابت لكل المنطقة.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك