كتب جو رحال في موقع mtv:
عيد الاستقلال هذا العام يطل على اللبنانيين وسط ظروف غير مسبوقة، تتأرجح بين أزمات داخلية خانقة وعدوان إسرائيلي يُلقي بظلاله على الأمن والاستقرار. لبنان، الذي انتزع استقلاله عام 1943 من الانتداب الفرنسي، يواجه اليوم تحديات وجودية تهدد سيادته وتثقل كاهل مواطنيه.
العدوان الإسرائيلي: تهديد دائم ومتجدد
في الوقت الذي يكافح فيه لبنان للتعامل مع أزماته الداخلية، عاد العدو الإسرائيلي ليصعّد عدوانه على الراضي اللبنانية، في محاولة لزعزعة الاستقرار وفرض معادلات جديدة. الاعتداءات المتكررة على الأراضي اللبنانية، سواء عبر القصف أو انتهاك الأجواء، تذكّر اللبنانيين بأن أمن الوطن وسيادته ليسا مكتسبين دائمين، بل يتطلبان يقظة دائمة وتماسكًا وطنيًا.
هذا العدوان يضع الجيش اللبناني، باعتباره الحصن الأول للدفاع عن السيادة، في مواجهة مباشرة مع تهديدات معقدة. رغم موارده المحدودة، يبقى الجيش رمز الوحدة الوطنية وصمام الأمان، في وقت تتصدع فيه مؤسسات الدولة.
تعزيز دور الجيش ومؤسسات الدولة
لبنان لا يستطيع مواجهة هذه التحديات إلا من خلال:
1. دعم الجيش اللبناني:
◦ تعزيز قدراته العسكرية: توفير المعدات والتكنولوجيا الحديثة، وزيادة الدعم المالي لتلبية احتياجاته.
◦ دعم معنوي وشعبي: الالتفاف حول الجيش كمؤسسة وطنية فوق الانقسامات السياسية والطائفية.
◦ شراكات دولية: بناء علاقات استراتيجية مع الدول الصديقة لتعزيز قدرات الجيش وتمكينه من التصدي لأي تهديد خارجي.
2. تقوية مؤسسات الدولة:
◦ مكافحة الفساد: الإصلاح الإداري ضروري لتعزيز ثقة المواطن بالمؤسسات العامة.
◦ بناء اقتصاد مستدام: تقليل الاعتماد على المساعدات الخارجية والتركيز على تطوير القطاعات الإنتاجية.
◦ ترسيخ دولة القانون: القضاء العادل والمستقل هو حجر الأساس لاستعادة هيبة الدولة وتعزيز سيادتها.
الاستقلال في ظل الاحتلالات الجديدة
لبنان اليوم يعيش نوعًا مختلفًا من الاحتلال؛ ليس فقط الاحتلال العسكري الإسرائيلي، بل أيضًا الاحتلال الاقتصادي المتمثل بالفساد والسياسات الطائفية، والاحتلال السياسي المتمثل بالتدخلات الخارجية. هذه "الاحتلالات" تستنزف الدولة وتضعف قدرتها على حماية مواطنيها وتحقيق تطلعاتهم.
دور الشعب في مواجهة التحديات
أن تكون لبنانيًا اليوم يعني أن تتحمل مسؤولية الدفاع عن وطنك بطرق متعددة:
• الوحدة الوطنية: الابتعاد عن الانقسامات التي يستغلها الأعداء لتفكيك النسيج الوطني.
• دعم المقاومة المشروعة: سواء عبر الجيش أو الشعب، حق لبنان في الدفاع عن أراضيه وسيادته هو خط أحمر.
• المشاركة المدنية: تعزيز دور المجتمع المدني كعنصر ضغط لتحقيق الإصلاحات اللازمة لبناء دولة قوية ومستقلة.
رؤية لاستقلال مستدام
لكي يحتفل اللبنانيون باستقلال حقيقي، يجب أن يُعاد بناء لبنان على أسس جديدة:
• استراتيجية دفاع وطنية شاملة: توحيد كل الجهود تحت مظلة الدولة لحماية لبنان من أي تهديد خارجي.
• إصلاحات سياسية: تجاوز النظام الطائفي وبناء نظام مدني قائم على المواطنة والمساواة.
• اقتصاد مقاوم: الاستثمار في التعليم، الزراعة، والصناعة لتأمين الاستقلال الاقتصادي وتحقيق الاكتفاء الذاتي.
عيد الاستقلال هذا العام ليس مجرد ذكرى، بل دعوة للعمل والتكاتف. العدوان الإسرائيلي يُذكرنا بأن سيادتنا ليست أمرًا مفروغًا منه، بل تحتاج إلى جيش قوي، دولة مؤسسات، وشعب موحّد. "مش هيني تكون لبناني"، لكن هذه الصعوبات تعكس قيمة هذا الوطن وحاجة الجميع إلى الحفاظ عليه والدفاع عنه. الاستقلال الحقيقي يبدأ من الداخل، من إرادة اللبنانيين لبناء وطن يليق بتضحياتهم.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك