ترأس المطران بولس مطر يعاونه لفيف من الكهنة صلاة الجنازة لراحة نفس نقيب المحررين السابق الياس عون، في كنيسة القلب الاقدس - سامي الصلح، بحضور وزير الاعلام في حكومة تصريف الاعمال المهندس زياد المكاري ممثلا رئيس مجلس النواب الاستاذ نبيه بري ورئيس مجلس الوزراء المهندس نجيب ميقاتي، نقيب محرري الصحافة اللبنانية جوزيف القصيفي، نقيب الصحافة اللبنانية الاستاذ عوني الكعكي، النائب السابق زياد أسود، العميد الركن فادي أبوعيد ممثلا قائد الجيش العماد جوزاف عون، السفير سيمون كرم، المستشار الإعلامي في القصر الجمهوري الاستاذ رفيق شلالا، رئيس مجلس الادارة المدير العام لمصرف الإسكان الاستاذ انطوان حبيب، وأعضاء من مجلس نقابتي الصحافة والمحررين، رئيس اتحاد بلديات جزين خليل حرفوش، ووجوه اعلامية وفنية واقتصادية واجتماعية.
بعد تلاوة الانجيل القى المطران بولس مطر العظة التالية:
لقد حملني صاحب السيادة اخي المطران بولس عبد الساتر سلامه ومحبته وتعزياته الحارة بفقد العزيز الياس، نحن في وداع رجل كبير من رجال الاعلام، لقد عرفته شخصيا منذ زمن بعيد وبخاصة عندما كنت رئيسا للمجلس الكاثوليكي للاعلام لمدة ثماني سنوات، كنا نلتقي على أمور كثيرة، فهذا الانسان الطيب بدأ مسيرته في جزين العزيزة، من مدارسها الاولى هذه المنطقة التي صنعت الكثير من الرجال في لبنان، ثم انتقل الى مدرسة الحكمة حيث اكمل دراسته فيها، وهي مدرسة عرفت بتاريخ لبنان وفي جمع اللبنانيين من كل الطوائف والاطياف، ولا نسى أن الانجيل المقدس هو عمل صحافي يسمى البشارة بالروح القدس والخادمون للانجيل ينقلون البشارة بين الناس على أن الله يحبهم جميعا، كلهم اولاده ويرضى عنهم في أن يكونوا عائلة واحدة بمحبتهم لبعضهم بعض.
لذلك الصحافي يلامس الخصوصية ويطلب منه أن يخصص حياته من أجل الحق والحقيقة، وهذا ما دأب عليه الراحل منذ بداية حياته الى أن دخل نقابة الصحافة وعمله فيها سنوات ثم في نقابة المحررين وفي كل هذه السنوات كان الانسان المستقيم والمتواضع والشجاع وصاحب المرؤات لا يخشى في قول الحق لومة لائم، لذلك احبه الجميع.
ثم عمل مع النقيب المرحوم ملحم كرم في امبراطوريته الواسعة وكان نعم القولوا الحق والحق يحرركم رفيق، يقول البابا ان الخدمة التي يقوم بها الصحافيون هي خدمة للحق والحقيقة حيث يطلب منهم ان يكونوا موضوعيين ويقولوا الأمور كما هي وكما ورد في الانجيل المقدس أو قولوا الحق والحق يحرركم، أما الرسالة الثانية للصحافي فهي بنيان الدولة والمجتمع والانسانية، فالصحافي لا يهدأ ولا يكف عن أن يحاكي الرأي العام بصورة خاصة حول القيم الجوهرية والاساسية في الحياة.
ونحن في هذا العالم نحيا الحروب والمصائب لاننا ابتعدنا عن القيم الاساسية التي تعلم الناس انهم اخوة.
ولا ننسى اللقاء الذ حصل منذ خمس سنوات بين البابا فرنسيس وشيخ الازهر حيث وقعا عريضة في ابو ظبي تقول ان الناس جميعهم اخوة في الانسانية، وكنا نقول ان الانسان هو اخ لك في الدين ام نظير في الانسانية. واليوم توسعنا اكثر لنقول اننا اخوة في الانسانية وفي لبنان نقول اننا اخوة في الوطنية. ولذلك في العالم تحت عنوان الاخوة والانسانية وفي لبنان تحت عنوان الاخوة والوطنية.
وهكذا عاش فقيدنا الياس لذلك احببناه كثيرا ، ونحن مسؤولون من بعده جميعنا عن الحق والحقيقة ننشدهما في لبنان وعن وحدة هذا الوطن العزيز الغالي في كل ظروفه.
ونضرع اليوم ونصلي لأن يعرف لبنان السلام، فما عشناه يوم امس من اعتداء على اناس ابرياء نصلي حتى نعرف ونعيش السلام في لبنان والمنطقة باسرها.
ثم القى نجل الراحل الاستاذ وليد عون كلمة العائلة وقال فيها:
بعد كلمات الشكر للأوفياء في الصحافة والعائلة والوطن الذي عشقه الياس عون, لن أتحدث باسم نضال واسمي عن الوالد, بل سأتحدث عن ما سمعته عنه.. فاتح الأبواب لكل مَن يقرع بابه لعمل أو لتدريب أو لفرصة لإظهار قدراته وقدراتها.. وهذه أهم صفة بالنسبة لي. أهم من نضاله النقابي والصحافي والوطني. مساعدة الٱخر كانت الأساس في حياته، عملًا بقول الإمام علي من نعمة الله عليك حاجة الناس إليك... فكان الى جانب كل حاجة وكل محتاج أو محتاجة من دون أي منة .. هذا هو الياس عون الصحافي النقابي الوالد الصديق. رحمك الله أبا وليد فذكرك سيبقى مؤبدًا في قلبي.
ثم القى نقيب المحررين الاستاذ جوزيف القصيفي الكلمة التالية:
يا أكرم الراحلين واغلاهم هي يد القدر المحتوم التي لا رد لها تلقي بنا على بيادر الايام، فيذرونا العمر في متاهة الحياة بنقطة على سطرها الاخير.
تعود إلى جزينك والصيف في خواتيمه يحث الخطى إلى خريف وافد، وصخب الشلال استحال دمعا غير منقطع السيل، حزنا على من كان واحدا من الوجوه الحاضرة بكل عفويتها، وظرفها العابر للقلوب، ومبادراتها التي تشي عن نخوة ما فارقتك يوما، في نقابة الصحافة عضوا فيها، امينا لصندوقها، ونقابة المحررين التي كنت على رأسها لدورتين متتاليتين، ساعيا إلى إرسائها على أسس مكينة، لا على رمل تذهب به الرياح السموم. إضطلعت بمسؤولياتك من دون استعلاء او عقد، وكان بابك مشرعا أمام الجميع، محاولا ألا ترد طالب خدمة خائبا، على ضعف الامكانات ومحدوديتها.اساء اليك بعض من كنت لهم رافعة،ولم تعبأ فمددت إليهم يد التعاون من جديد، لأنك لم تكن مجبولا من طينة الحقد. فأنت من ارومة كريمة،طيبة ، ومن وجوه مدينتك الضاربة عميقا في رحم التاريخ، وهي كانت وما تزال مقلعا للرجال الرجال،ولم تحن هامة يوما إلا لخالقها. احبك عارفوك وانسوا اليك، وكانت تحلو مجالسهم بوجودك المحبب، وقدرتك على انتزاع البسمة من أكثر الوجوه عبوسا وتجهما.
ستفتقدك نقابة محرري الصحافة اللبنانية كثيرا، كما سيفتقدك الجسم الصحافي والاعلامي، وجميعنا نبكيك مع جزين المدينة والقضاء، وجميع الاصدقاء،هاتفين: نم قرير العين ،وليهنأ لك المثوى في عروس الشلال التي تاقت إليها نفسك، وكنت تسرع متلهفا لتستظل ربوعها منجذبا إلى طبيعتها الساحرة، ولياليها المرصعة بالنجوم، إلى جوار زوجة سبق أن ألقت عليك تحية الوداع وغابت، وهي اليوم تستعد لاستقبالك وتسعد،واخوة واخوات برحهم الشوق للقياك. إن من نسل ولدا، وكتب كتابا، وزرع شجرة ، لا يفنى ذكره . وانت فعلت كل ذلك، فليكن ذكرك مؤبدا.
ثم كانت كلمة نقيب الصحافة اللبنانية الاستاذ عوني الكعكي وقال فيها:
يا نقيب الياس ... "وين" رحت وتركتنا؟
النقيب الياس عون، علم من أعلام الصحافة المميزين، كان رحمة الله عليه يجد الحلول لكل المشاكل، ولا يتلاك أي مشكلة سواء كانت صغيرة أو كبيرة في شؤون المهنة الا ويعالجها بكل اخلاق ودقة ودراية.
الطائفية لم تدخل بيته في يوم من ايام حياته، لم تكن تعرف أنه كان مسيحيا أو مسلما... إلا عندما تذهب الى الكنيسة فتكتشف التزامه الديني ويامانه الكبير.
كان الرجل الأول عند المرحوم النقيب ملحم كرم، وكان يمثله في نقابة الصحافة حتى وصل الى مركز أمين صندوق النقابة، وعندما توفي النقيب ملحم كرم رأى من واجبه ومن أخلاقه في نقابة المحررين ليكون نقيبها... كما كانت رغبة الراحل كرم.
أنا لا أنسى أنه في أحد الايام، وبعد أن أبدى النقيب المرحوم محمد البعلبكي رغبته بعدم الترشح لمنصب نقيب الصحافة، جاء الى مكتبي وقال لي: يجب أن تكون أنت نقبيا. وبعد جلسة طويلة من المناقشات بيننا أقتنعت بما يقوله...وكان قراري الأول أن أختار المرحوم جورج بشير الى جانبي وهذا ما حصل.
وأنا اليوم أودعه صديقا وأخا كبيرا، ولن أنسى فضله ولا يمكن أن أنسى عاطفته ودعمه لي، على كل حال ان الموت حق وكل نفس ذائقة الموت.
بهذه المناسبة الأليمة لا بد أن أتوجه من عائلته الكريمة: ابنه وليد وابنتهنضال بأحر التعازي متمنيا لهم الصبر والسلوان.
تغمد الله الفقيد برحمته الواسعة واسكنه فسيح جناته.
ثم نقل الى مسقط رأسه جزين حيث تقام صلاة البخور لراحة نفسه في كنيسة مار يوسف ويوارى الثرى في مدافن العائلة، حيث تتقبل العائلة التعازي في صالون كنيسة مار يوسف – جزين بعد الدفن ولغاية السادسة مساء، ويوم غد الخميس في صالون كنيسة القلب الأقدس – بدارو من الحادية عشرة قبل الظهر ولغاية السادسة مساء.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك