كتبت غريس الهبر في جريدة الأنباء الالكترونية:
لم تستنفذ إسرائيل وسائلها العسكرية في عدوانها على لبنان، ومستمرة في آلة القتل، فيما إتخذ عدوانها بالأمس بتفجير أجهزة "البيجر" شكلاً جديداً بتوجيه الرسائل الدموية، حيث أسمت عمليتها الأمنية بـ"تحت الحزام".
وإنطلاقاً من تطور أدوات الحروب عبر السنوات والثورة التكنولوجية والرقمية، باتت التقنيات المتقدمة عنصراً أساسياً في صياغة التقييم الإستراتيجي في مجالات الأمن والحرب والتجسس. وإذا عدنا في التحليل العلمي لجريمة الأمس يوّصفها العميد المتقاعد أنور يحيى، القائد السابق للشرطة القضائية والمحلل الإستخباراتي للجريمة بأنها "حرب تقنية إستخباراتية".
ويشير يحيى في حديث لجريدة "الأنباء" الإلكترونية الى أن الجمع بين التكنولوجيا والإستخبارات ولّدت ما حصل بالأمس وطبعاً ستحصل تحقيقات ومراجعات بما يتعلق بالمسار الذي سلكته شحنة الأجهزة حتى وصولها الى الحزب"، معتبراً أن "الحرب القائمة بين إسرائيل والحزب هي حرب إستخبارات"، مذكراً بعمليات الإغتيال التي حدثت مؤخراً وإستهدفت صالح العاروري وفؤاد شكر وإسماعيل هنية.
ويشير يحيى الى أن التفجيرات الواسعة النطاق بالأمس تفتح صفحة جديدة ونوع جديد من الحرب بين حزب الله وإسرائيل وهي حرب التكنولوجيا، وأدوات العدو المستخدمة ليست فقط حرب المسيّرات والصواريخ وطائرات الـ ب F 35 او البواخر وغيره ..".
ويلفت يحيى الى أنه بحسب التحليلات من الممكن أن تكون صفقة الأجهزة التي تحتوي على بطاريات ليثيوم ضُمنت تقنيات عالية من قبل الموساد أو المخابرات الإسرائيلية، وهم على علم بأنها للحزب أو أن الأجهزة هي لأشخاص معينين وزرعوا فيها متفجرة صغيرة، علماً أن خصائص البيجر ليست معروفة كثيراً للناس وما يقدمه من خدمات".
وفي سياق متصل، إستهدفت إسرائيل بالأمس فئة محددة من أجهزة البيجر المستخدمة، فيما ثمة أجهزة من النوع نفسه ولكن بطراز أقدم لم تكن عرضة للإختراق كونها ليست مجهزة لتلقي هذه الشحنات وتالياً تفجيرها، وفق يحيى.
ومن ناحية أخرى، يوجد خطورة مصاحبة لأجهزة الخليوي المتطورة جداً والتي تحوي على مميزات وخدمات وتقنيات حديثة إذ أنها عرضة للإختراق، بحسب يحي. ويشير الى أنه "تم الإعتماد على البيجر بكثرة كوسيلة للإتصال بعدما حذّر سماحة السيد حسن نصرالله من إستخدام الخليوي بحيث كان وسيلة العدو للتعقب والإستهداف".
يعتبر يحيى أن جريمة الأمس ليست حرباً بين حزب الله والعدو الإسرائيلي لا بل هي "حرب لإبادة الناس"، إذ أن ليس كل من أصيبوا هم من المقاتلين في الحزب، سيما أن الأجهزة إنفجرت بمعزل عن من هم حامليها ومكان وجودهم، خصوصاً أنها طالت كذلك مستخدميها في لبنان وسوريا بحسب ما نُشر من معطيات.
وفي التفاصيل، وفق المعلومات ان الأجهزة المنفجرة هي من العلامة التجارية "غولد أبوللو" التايوانية، الا أن الشركة في بيان قالت أنها ليست المنتجة لأجهزة "البيجر" المتفجرة في لبنان. وأوضحت الشركة في بيانها، "بأجهزة الاتصال "بيجر طراز إيه آر 924، تم إنتاجها وبيعها بواسطة شركة باك (BAC)" ومقرها في عاصمة المجر بودابست".
وحتى الآن ومع غياب تفاصيل تقنية دقيقة حول طريقة حدوث تفجير الأجهزة أكان عبر خرق تقني أو تفخيخ الأجهزة بمواد متفجرة، بالإضافة الى الأسئلة الكثيرة لا نعلم تفاصيلها حول كيف وصلت الى لبنان ومن قام بالإلتزام وغيره، يرجح يحيى أن تكون الأجهزة مزودة بمتفجرة بسيطة إنطلاقاً من تحليل عناصر الجريمة، بالإضافة الى ما ورد من تحليلات ذُكرت في نيورك تايمز او الغارديان أو ما ذكره بعض المحللين العسكريين التقنيين.
وفي سياق آخر، بحسب الخبراء فإن بعض الدلالات الجنائية كنوع الإصابات والحروق والغبار المتناثر في مكان إنفجار الجهاز ومسحها وتحليلها أو ما تبقى على الأجهزة منها قد توضح ملابسات حدوث تفجير الأجهزة.
وفي الختام، يرى يحيى أنه من الضروري واللزام محاسبة من هم مسؤولين عمّا طال اللبنانيين وأدى الى إصابتهم بمعزل عن مكان تواجدهم، والدولة بالتأكيد ستقوم بالخطوات اللازمة قانونياً.
العملية الأمنية الإسرائيلية بالأمس فاقت ما كان يخطط له العدو في توسيع الحرب على لبنان، كما أنه ينتهك قواعد الحرب والقوانين الدولية وكذلك قواعد الإشتباك.. وعليه، نحن أمام صفحة جديدة من شكل الصراع والحرب الذي يتطلب قالباً أوسع من المواجهة على مختلف الصُعد.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك