كتبت ميريام بلعة في "المركزية":
شكّل كلام الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله الأخير، عامل اطمئنان لدى بيئته الجنوبية التي نزح أهلها كرهاً لا اختيارَ، من منازل دمّرتها رُزَم الصواريخ الإسرائيلية، تاركين خلفهم مساحات شاسعة من مزروعات محروقة بقذائف الفوسفور الإسرائيلية. فكانوا أن خسروا بيوتهم وأرزاقهم معاً على رغم الإقرار بأنها جاءت عَوَضَ أرواحهم...
على وقع الغارات المتقطعة التي لا يزال يشنّها الجيش الإسرائيلي حتى اللحظة على بعض القرى الجنوبية، برزت إلى الواجهة مشهدية "ولو خجولة" عودة بعض النازحين إلى قراهم لتفقّد بيوتهم وأرزاقهم، الأمر الذي يدفع إلى السؤال عن الجهة التي ستعوِّض عليهم هذه الخسائر الفادحة فيما دولتهم تئنّ من "النشاف المالي"!
هل بدأت الحكومة تُعِد العدّة لتأمين مصادر تمويل لهذه التعويضات، أم أن الموضوع سيتولّاه طرفٌ آخر ربما يكون أقدر على هذا الحِمِل، مالياً وسياسياً!
لكن، ووفق المعطيات الميدانية، يبدو أنها تضع "ملف تعويضات الجنوب" في خانة الانتظار ريثما يتبيّن الخيط الأسود من الأبيض على ساحة المعارك التي تراهن على تسويات دولية وإقليمية يبدّدها تزمّت رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في كل مرة تشي (التسويات) بهدنة في غزة والجنوب...
اللواء خير: لن نعرّض أحداً للخطر
رئيس الهيئة العليا للإغاثة اللواء محمد خير يقول لـ"المركزية": العدو غدّار... وما يقوم به هو "حرب أعصاب" باتت سِمة من سِماته الثابتة. فانطلاقاً من تجربتنا كعسكريين لا يتأمَّن لأي عدو.
ويُضيف: قبل أن نتأكد من أن كل شيء انتهى والوضع تحت السيطرة، لن نقول لأهل الجنوب عودوا إلى منازلكم ومؤسساتكم... وإلا نكون نَجني عليهم ونعرّضهم للخطر.
ويؤكد على "وجوب تأمين التغطية المالية لعودتهم "دولياً" كخطوة أولى، واتخاذ قرار واضح وصائب حيال هذه العودة، عندئذٍ سندعو المواطنين النازحين إلى العودة إلى قراهم".
ويُشير إلى أن "سكان القرى الجنوبية باتوا يُدركون من تلقاء أنفسهم متى يعودون إلى منازلهم، إذ باتت لديهم خبرة كبيرة في هذا المجال مقارنةً بما عانوا من هذه الحروب على مدى سنوات".
أما بالنسبة إلى الأضرار والتعويضات وغيرها من الأمور، "فنحن جاهزون بالتأكيد لإجراء المسح الميداني لتقييم الأضرار وتحديد التعويضات، لكن يلزمنا بعض الوقت للمباشرة بعمليات الكشف بمؤازرة الجيش اللبناني" يقول خير.
وعما هو مقصود بعبارة "الحاجة إلى بعض الوقت"، فيوضح أنه "يجب إمهالنا بعض الوقت للتأكد من نيّة العدو بأنه صادق في الالتزام بأي هدنة يتم الاتفاق عليها بين الأطراف كافة، وعدم العودة إلى شنّ الغارات من جديد، إذ إنه في الأمس استهدف بعض القرى الجنوبية برزمة من الصواريخ، فكيف في مقدورنا الاطمئنان إلى الوضع؟! لذلك لا يجوز لنا تعريض حياة موظفي الهيئة العليا للإغاثة وعناصر الجيش اللبناني لخطر القصف الإسرائيلي وهم يقومون بأعمال الكشف والمسح والتقييم...".
وينفي خير رداً على سؤال أن تكون الهيئة أو الحكومة قد رصدت مبلغاً معيّناً للتعويض على الجنوبيين المتضرّرين من العدوان الإسرائيلي. إنما بحسب قوله "تم رصد الأموال لمساعدة النازحين من الجنوب إلى قرى صيدا والشمال، بهدف دعمهم لتأمين احتياجاتهم اللازمة وذلك تطبيقاً للمرسوم الصادر عن مجلس الوزراء في هذا الخصوص".
وعما إذا كانت تأمّنت مصادر الأموال التي سترصدها الهيئة العليا للإغاثة للتعويض على المنازل والمؤسسات المهدَّمة جراء الغارات الإسرائيلية، يُجيب خير: لا شيء واضحاً حتى الآن... إذ لم يُعرف إلى اليوم من أين سيتم تأمين الاعتمادات المالية المطلوبة.
أما إذا كان التعويض على المساحات الزراعية المحروقة بمادة الفوسفور جنوباً، هو من مسؤولية الهيئة العليا للإغاثة، فهنا يقول "كل شيء سيعود إلينا في نهاية المطاف"، ويوضح في السياق أن "مجلس الوزراء هو المولَج بتوزيع المسؤوليات على الجهات التي ستتولى مسألة التعويض على المزارعين الذين خسروا مزروعاتهم. إذ في حال لم تتوفّر الإمكانات المطلوبة لدى وزارة الزراعة أو سواها، عندها يتم تحويل الملف إلى الهيئة العليا للإغاثة...".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك