نشر وزير الشباب والرياضة جورج كلاس وجدانية لمناسبة دخول الحكومة سنتها الرابعة، جاء فيها:
"سنة رابعة حكومة بأمان الله"..!
بيان افتراضي لحكومة واقعية، بعد مسيرة طويلة من معارج الورد ودرجات الشوك ومطبَّات الخيْبةِ وباقات الأمل ولوحات الجمال التي كُنَّا نرسمها بأحلامنا، وحكايات المجد التي كنا ننسجها من حلاوات الروح و َزْفِيَّاتِ الجروح ليبقى عند اللبنانيين رجاءٌ بوطنٍ جديد.! هي الحكومة اللبنانية السابعة والسبعون بعد الإستقلال المَرْسومَة دستوريًا بالرقم 8376 والمؤرَّخة 10 أيلول 2021 والمُكَوَّنَةُ من أربعةٍ وعشرينَ قيراطاً من تِبْرِ الكرامة والذَهَبِ اللبنانيِّ الخالصِ الوهَّاجِ. سنة رابعة {معاً للإنقاذ} و لمّا نَزَلْ حكومةً أهليَّة، سنداناً لتحمُّلِ الطَرْقاتِ و دِرْعاً لِصَدِّ الضرْبات وحُقَّاً لإلتقاطِ دَمعياتِ الوَجعِ ومَبكىً للمتألّمينَ و مِنَصَّةَ شَتمٍ للغاضبين، و نحنُ على قلبنا أعْسَلُ من الشَهْدِ وأجملُ من الوَعْدِ الذي لَمْ يأتِ بعد..! سنَةٌ في عَيْنَيْ الوطن هي كأنَّها الأمسُ الذي عبَر! نُقفِلُ عيوننا على زَعلَةٍ، نَحْلُمُ بالسلامِ و نُهَوْدِسُ بالناس، نَسْتَيقظُ على غَضَبهم، نَصْحو على عَتَبِهم، نَخافُ عليهم لا نخافُ منهم، نُصلّي لهم قَبلَ أَنْ يشكوننا للّه..! دولة الرئيس معالي الوزيرة، معالي الوزراء من عمقِ القلب: ولاية حكم مبروكة رُغمَ كلِّ الغَيْمِ و الضَيْم..!
مشهد أول
منذ ثلاث سنوات، في العاشر من الشهر التاسع من سنة ألفين وإحدى وعشرين، وعلى مواقيت الزمنين الشمسي والقمري، أعلنت حكومة نجيب ميقاتي الثالثة، وإنتظمنا بتشكيلة وفاقية منوّعة ممهورة بمرسوم جمهوري وثقة مجلسية وأمال وطنية مرفقة بصلوات شعبية و إبتهالات دافئة، أن تعاد الودائع و تستعاد الثقة و يعود كل لبنان الى كل لبنان. وكان شعار حكومتنا هو (معاً للإنقاذ). تهيبنا الموقف، صلينا الابانا، قرأنا الفاتحة وتوكلنا على الرب وعملنا من كل قلبنا وعقلنا لنرضي ضميرنا ونخدم الوطن و نخاف الله في كل ما فكرّنا وعملنا وأنجزنا وما حاولنا فعله وما لم نقدر على تحقيقه و ما عجزنا عن جمع التواقيع عليه.
بهمة الغيورين، ثابرنا على الواجب بفخر أننا وزراء محظيون، بالقرعة او بالبركة ودعاءات الأهل والاصدقاء وخضنا معاً، إخوة وشركاء ثقة (معمودية الحكم) وتجربة السلطة في زمن إختلال الوزن، في ظرف محكوم علينا فيه ان نركب بوسطة مصنفة أنقاضًا بالكاد تدبُّ دباً وتزحف زحفا وتسير دفشاً، محركها معطوب دولابها مثقوب، شبابيكها مخلعة، مقاعدها مشلّعة، سقفها مطعوج، زجاجها مفجوج، وقودها نافد، زيتها محروق، مكابحها فلتاننة، مرآتها مسعورة، مصابيحها مكسورة، مقودها مكسّر، كل ما فيها مخزق، كل مَنْ فيها ممزق، كتب الدهر عليها (سارحة والرب راعيها، و حمى كلَّ مَنْ فيها)، قائدها صابر مثابر، وركابها، مؤمنون بقضاء الله وقدره وبحرفية القبطان الذي يسيرُ بنجابةٍ على مواقيت الهدي ويقرأ حركة الافلاك ويهادن المطبات يحاذر الأفخاف، يمشي على ضوء القمر تجنباً للتهور و منعاً للتدهور!
اليوم في العاشر من ايلول سنة ألفين واربع و عشرين، ندخل رحاب السنة الرابعة حكومة، و نحن نعرف متى دخلنا إلى جو المسؤولية، ولا ندري متى نخرج من فردوسها الإفتراضي بأمان وسلام ورضى الله والوالدين والوطن.
ثلاثية سنوات من الخدمة، كثرت فيها الولاءات وزادت الإعتراضات وإستولدت المعارضات، و تلقينا فيها صدماتٍ و نخعاتٍ ودَلْعاتٍ و مزايداتٍ وإستعراضاتٍ وتفنن البعض بإمساك العصا من نصفها مرة ومن طرفيها مرات، متفننين غب الطلب بإتقان ممارسة الحكم من الداخل والمعارضة من الخارج وإتخاذ وضعية الحياد الوقتي و المسايرة الظرفية، كأبشع ما يكون عليه نظام مشاركة بحكومة.
مشهد ثان
قدرنا ان نكون حكومة تعمل بنصاب ثلثيها على الطاولة، وبكامل تكوينها خارج السراي تقطعها زيارات على القطعة، وبنود مورَّدة بتوقيع وزير، يريد إقرارها للصالح العام، ونتلقى طعناتِ مزايدين غيورين على إنتخاب رئيس وكأن الوزراء ينتخبون وكأنهم هم المعرقلون..!
معا تحمَّلنا النقد والإنتقاد والتجريح وصبرنا وتناسينا التهجُّماتِ الإستفزازية، وتجنَّبنا الإنزلاقات الى مهاوي الخلافاتِ الموظَّفة والإستثماراتِ النزاعية للأزمات، و أصرَّينا ان نبقى حكومة (معاً للإنقاذ) خارج الشروط والرهانات، لأننا اردنا وقررنا وإرتضينا العمل باللحم الحي وحتى آخر نقطة زيت في سراجنا، ليبقى للبنانيين أمل بالنجاة في صراع العيش، وأن نُقنعهم انهم مواطنون وليسوا ضحايا.
نعم قبلنا بفخر ان نكون ونبقى (معاً للإنقاذ) في شراكة متساوية بتحمّل المسؤوليات من دون النظر الى تفاوت في نوعية ودور و سيادية أيِّ وزارة، لأننا نعتبر اننا واحد، نصرٍّف الأزمات ولا نتصرف بالوطن..!
مشهد ثالث
معاً للإنقاذ كُنَّا ومعاً للإنقاذ قررنا ان نستمر، و معاً للإنقاذ نتضامن ونتكافل ونتعاضد ونناضل من اجل أن يبقى لبنان الاصيل لا البديل.
لكني اعترف جهراً ان شعار (معاً للإنقاذ) معرّض للتهاوي والتداعي، بعد ان شعرتُ شخصياً انه مطلوب مناً ان نكون (معاً للإنقاذ) في ازمنة موسمية فقط، وانه في كثير من الامور المفصلية يتحول هذا الشعار الى (إعلان) تسويقي لا اكثر او انه عنوان باهِت لمرحلة ظرفية تمرر فيها فذلكات وتذاكيات كثيرات. بمعنى انني اعي ان بعض المواقف يتم تسويقها او اتخاذها بالمُفرَّق لا بالتوافق ولا بالإجماع ولا حتى عن طريق العلم والخبر على الاقل. كنت اعتقد اننا جزيرة او واحة إنقاذية، لكنني بت اشعر اننا أرخبيل من الجزر، بعيدة عن البرّ وغريبة عن البحر، لا أنس فيها ولا جن ولا كلأ ولا طير ولا حيوان ولا شجر ولا حتى ماء، بل مشاعات غير ممسوحة وأوقاف منذورة لأولياء لم يأتوا بعد.
سدال الستارة
قدرنا طوعاً في حكومة معا للإنقاذ، أننا موجودون لا لنمارس السلطة بل لنؤدي خدمة للناس على قدر ما حبانا الله من صبر، متهيببن الشغور، خائفين من الفراغ ان يطول، مقدمين الشعب مساحة حرية هي ان يفشوا خلقهم بنا وينتقدونا غب الطلب ويلومونا ويعتبون علينا كل وقت، كدفعة على الحساب من موجبات التشاركية الطوعية في حكومة ارادت ان تنقذ وطناً، بكل طيبة خاطر ونقاوة قلب وصفاء ضمير، والبند الاول من بيانها الوجداني هو أن لا يشكونا احد الى الله.
تعلَمنا ونعلِّم، المخرج المسرحي الماهر عليه أن ان يعرف متى يسدل الستارة، قبل ان يتمنى الجمهور إسدالها، وإلّا سقط العمل المسرحي وقُضي على المُخْرِج وفشل الممثلون.
مشكلة الديمقراطية، ان اكثرية تتحكم، لا هي تحكم ولا تترك غيرها يحكم..!
فبعض يقول ويفع، وهذا محمود.
و بعض يفعل ولا ُيقول، و هذا أَحمَد.
و بعض لا يفعل ولا يقول، و هذا حميد.
و بعض لا يفعل ويقول، و هذا بغيض".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك