ترأس البطريرك الماروني الكردينال مار بشارة بطرس الراعي قداس الاحد الرابع عشر من زمن العنصرة في كنيسة الصرح البطريركي في الديمان، يعاونه المونسنيور فيكتور كيروز والخوري جورج يرق والقيم البطريركي الخوري طوني الآغا والابوان ادغار طنسي وهادي ضو.
وبعد تلاوة الانجيل المقدس، القى البطريرك الراعي عظة بعنوان "المطلوب واحد، ومريم اختارت النصيب الأفضل" (لو 10: 42).
قال فيها: "المطلوب واحد، هو سماع كلام الله قبل البدء بأيّ عمل أو مشروع، وقد "إختارته مريم نصيبًا أفضل لا يُنزع منها"(لو 10: 42). فامتدحها يسوع من دون أن يلوم أختها مرتا المنهمكة بالخدمة، بل نبّهها بأنّ عملنا يأتي صالحًا ومثمرًا عندما يستنير بسماع كلام الله، فينال قوّة وديناميّة وحبًّا في الخدمة والعطاء.
أضاف: "يسعدني أن أحتفل معكم بهذه الليتورجيا الإلهيّة، وأرحّب بكم جميعًا، رافعين صلاتنا إلى المسيح- الكلمة لكي يمنحنا نعمة الإستماع لكلامه الحيّ. فيصير عندنا كلمة حياة تقدّس كلّ عمل ونشاط نقوم به مهما كان صغيرًا، ويصير فينا ثقافة حياة تدلّ إلى أنّنا مسيحيّين".
ووجّه "تحيّة خاصّة إلى المهندس مارك بطرس جبّور، رئيس إقليم الكورة وجبّة بشرّي، لحزب الكتائب اللبنانيّة مع الوفد المرافق.
كما حيا أيضًا فريق النور- جمعية العناية الإلهية لذوي الاحتياجات الخاصة من أبرشيّة طرابلس، التي تقيم مخيّمها الصيفيّ في حدشيت.
وحيّا الوفد الكبير من رعيّة المعمريّة –أبرشيّة صيدا، الذين يقومون بزيارة تقويّة إلى بقاعكفرا والوادي المقدّس. وتمنّى لهم زيارة مباركة.
وعبّر عن قربه من عائلات المصابين بالأمس في مرجعيون والقليعة وصلّى من أجل شفائهم العاجل، وإحلال سلام عادل وشامل في المنطقة.
وقال: "يسوع المسيح هو الكلمة الإلهيّة التي نسمعها ونتأمّل فيها، وهو "المطلوب الواحد". ذلك أنّه يخاطب كلّ إنسان، ويعطي جوابًا على كلّ سؤال. "نطلبه" في الفرح وفي الحزن، في الصحّة والمرض، في الغنى والفقر، في حالات الظلم والاستبداد والاعتداء. وحده يعرف كيف يتضامن مع كلّ إنسان، ويقطع معه طريقه في هذه الحياة".
أضاف: "يذكّرنا القديّس البابا يوحنّا بولس الثاني "أنّ كلام الله يحمل قوّة وسلطانًا عظيمين، بحيث يصبح للكنيسة ركن عظيم وعزّة، ولأبناء الكنيسة منعة الإيمان، ولنفوس المؤمنين غذاءً، ولحياتهم الروحيّة معين لا ينضب" (رجاء جديد للبنان، 39)".
وتابع: "من أجل هذه الغاية، ينبغي، أن نرافق بالصلاة قراءة الكتب المقدّسة، فنستطيع عندها الدخول في حوار مع الله، لأنّنا، كما يقول القدّيس أمبروسيوس، "عندما نصلّي، نتكلّم مع الله، وعندما نقرأ كلامه وآياته نسمعه" (راجع الدستور العقائديّ "كلمة الله" 25)".
واضاف: "نحن نُقبل إلى المسيح الربّ الذي على مائدة كلامه ومائدة جسده ودمه، يبني حياتنا وحياة كنائسنا (القديّس البابا يوحنّا بولس الثاني: رجاء جديد للبنان، 39). إنّ الأحداث التي نعيشها في بلدان الشرق الأوسط، وهي نزاعات وحروب وإرهاب وعنف ومضايقات للمسيحيّين والأقليّات الدينيّة والإتنيّة، ولا سيّما في سوريا والعراق، إنّما تطرح على إيماننا أسئلة خطيرة، فلا بدَّ من أن نقرأ هذه الأحداث في ضوء كلمة الله، ما يقتضي أن تتوفّر لنا تنشئة منظّمة وثقافة دينيّة، وحياة روحيّة عميقة، لكي نستطيع السير على خطى المسيح، وفي الطريق الذي يرسمه لنا ويمشيه معنا، لكي نعيش مقتضيات إيماننا في ظروف حياتنا اليوميّة (المرجع نفسه)".
واكد ان "دور الكنيسة والمسيحيّين المحافظة على صورة المسيح في كلّ إنسان. فابن الله صار إنسانًا ليُعيد للإنسان بهاء إنسانيّته أي جمال صورة الله فيه. لقد سمّاه بولس الرسول: "صورة الله غير المنظور لكي يكون البكر، أي المولود الأوّل بين إخوة كثيرين" (كول 1: 15؛ أفسس 1: 3-6). فهو المثال والقدوة لكلّ إنسان: فقد فكّر بعقل إنسان ولم يقل إلّا الحقيقة بلسان إنسان؛ وأحبّ بقلب إنسان؛ وصنع الخير بإرادة إنسان؛ وبارك وأعطى بيد إنسان".
وتابع: "لقد كتبوا إلينا من الجنوب اللبنانيّ يشرحون لنا أوضاعهم الكارثيّة بعد مرور أحد عشر شهرًا لحرب غيرت مجرى حياتهم الى الاسوأ، وهي تستبيح قراهم، وتريق دماءهم، وتقتل أبسط حقوقهم وآمالهم بأن يعيشوا بسلام وأمان".
وقال الراعي: "إزاء هذا النفق الأسود والأفق المسدود للحلول الإيجابيّة، نجد أهالي بلداتنا منقسمين إلى فئتين مغبونتين:
الأولى، فئة اضطرت إلى النزوح قسرًا، بحثًا عن الأمن والأمان وتعليم أولادهم في مناطق أخرى من لبنان. ونحن نحيي كل من يقف الى جانبهم، اكانوا افرادًا او مؤسسات.
الثانية، هي فئة الأهل الذين صمدوا في بيوتهم وقراهم للحفاظ على أرزاقهم، وتثبيت عنوان الإنتماء إلى الأرض فعلًا. هذه الفئة تتحدّى في كلّ يوم وفي كلّ لحظة الأوضاع المزرية على مختلف المستويات الصحيّة والتربويّة التعليميّة والخدماتيّة والمعيشيّة الإقتصاديّة والأمنيّة والنفسيّة".
أضاف:" في خضمّ ما يعيش لبنان من مآسٍ، وفي هذا الوقت الذي تجري فيه المحادثات بشأن مستقبل لبنان والمنطقة، تبقى الحاجة الملحّة إلى إنتخاب رئيس للجمهوريّة لكي يقود المحادثات الجارية، ولكي تستقيم المؤسّسات الدستوريّة، ولا سيما المجلس النيابيّ الفاقد صلاحيّة التشريع، ومجلس الوزراء الفاقد العديد من صلاحيّاته الدستوريّة. وعبثًا يحاولون إقناعنا بأنّ الدولة اللبنانيّة تسير من دون رئيس لها، فيما الواقع المرّ إنّما هو إنحلال الدولة وتفكيك أوصالها".
وختم الراعي: "لنصلِّ، أيّها الإخوة والأخوات الأحبّاء، لكي نصغي جميعنا إلى كلام الله الذي يحرّر ويوحّد ويجمع. فبدونه نهيم في ظلمات المصالح الفرديّة والفئويّة. لله عزّ وجلّ، كلّ مجد وتسبيح وشكر الآن وإلى الأبد، آمين".
وبعد القداس، استقبل البطريرك الراعي المشاركين في الذبيحة الالهية والمهندس جان مارك حكيم الذي شكر غبطته على رعايته وحضوره المؤتمر الذي نظمته جمعية حصرون للتنمية المستدامة حول أعلام من حصرون.
كما استقبل الراعي نائب رئيس الجامعة الاميركية للتكنولوجيا AUT مارسيل حنين، الذي سلمه دعوة لحضور حفل تخرج طلاب الجامعة، الذي يقام في 5 ايلول المقبل في حرم الجامعة في حالات- جبيل.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك