كتبت جوانا فرحات في "المركزية":
لم تمر أزمة منع المحامي محمد صبلوح من دخول المحكمة العسكرية بقرار من رئيسها بسلاسة وصمت كما كان مُرجى منها وسبحة مواقف الإستنكار والتضامن تتوالى في انتظار أن يتحول رد الفعل إلى فعل.
مستهجناً ما حصل، أطلق عضو تكتل الجمهورية القوية النائب إيلي الخوري موقفا ضد تصرف القضاة في المحكمة العسكرية ضد المحامي محمد صبلوح بعد منعه من ممارسة حقه في المرافعة عن احد المحكومين مؤكداً متابعته الموضوع مع نقيب المحامين في الشمال الأستاذ سامي الحسن .إلا أنه أبدى اطمئنانه للطريقة التي تعالج بها القضية من قِبل النقابة والنقيب شخصياً. وطالب المحكمة العسكرية من جهة والمحامين من جهة ثانية بتطبيق القوانين والإمتثال لها ليعمّ العدلُ والعدالة بين الجميع".
بدوره كتب النائب أشرف ريفي: "إن قرار رئيس المحكمة العسكرية منع المحامي محمد صبلوح الدخول إلى المحكمة غير قانوني ويترجم سلوك المحكمة الإستنسابي الذي لا يتوافق مع روح العدالة. أدعو نقابة المحامين للتحرك إزاء هذا التجاوز للقانون، ولمهنة المحاماة".
قد لا تكون المرة الأولى التي تتحول فيها المحكمة العسكرية إلى عنوان لقضية تعنى بالقانون والحق والعدالة. إلا أن ما حصل مع صبلوح يشكل سابقة قانونية بحسب ما يروي لـ"المركزية"، "كمحام متخصص بملفات حقوق الإنسان والإرهاب تعودت أن أقول الحق ولا أسكت عنه وفي كل مرة كان يصدر عن المحكمة العسكرية حكم جائر، كنت أعبّر عن موقفي القانوني عبر صفحات التواصل الإجتماعي".
في التفاصيل وفق صبلوح أن الحكم الصادر على أحد موكليه الذي أوقفه الجيش اللبناني عام 2023 بتهمة الإنتماء إلى عصابة إرهابية كان صادما علما أنه كان تم إلقاء القبض على رئيس العصابة وأعضائها عام 2007 وصدرت بحق موكله مذكرة توقيف غيابية في حين كان يعمل في دكانه في منطقة القبة.
يضيف صبلوح "أمضى موكلي 18 يوما في التحقيق الأولي وتعرض للضرب والتعذيب ولم يسمح بإرساله إلى قاضي التحقيق إلا بعد زوال آثار الضرب. وبعد اعتراف المتهم بتعرضه للضرب وتوقيعه على محاضر من دون أن يقرأ المضمون طلب صبلوح من رئيس المحكمة إخضاع موكله للمعاينة من قبل طبيب شرعي إلا أنه رفض طلبه وتم فتح 5 ملفات للمتهم، الأول في ملف الحكم الغيابي وانتمائه إلى تنظيم القاعدة ، والثاني ويتعلق بالملف الأول علما أن القانون لا يجرم مرتين في نفس الملف بحسب المادة 182 من قانون العقوبات، والملف الثالث بتهمة الإعتداء على الجيش ورمي قنبلة على إحدى الدوريات".
ويشير صبلوح الى أنه طلب داتا الإتصالات للتأكد من مكان تواجد موكله عند وقوع حادثة بحنين المتهم فيها بالإعتداء على الجيش اللبناني بمشاركة خالد حبلص. فتبين انه في ذاك التاريخ كان المتهم في عكار. في نهاية الجلسة دخل صبلوح مكتب العميد جابر وقال له "أتمنى أن تجد العدالة طريقها".
صدور الحكم شكل الضربة القاضية، إذ صدر الحكم بسجن موكل صبلوح مدة 12 عاما في ملف المشاركة في الإعتداء على الجيش علما أنه تم التحقق وإثبات أنه كان موجودا في عكار عند وقوع الحادثة، في حين حكم على رئيس المجموعة خالد حبلص 10 سنوات.
عندها يقول صبلوح كتبت على صفحة الفايسبوك التالي: "متهم بترؤس عصابة يحكم عليه مدة 4 سنوات ومتهم بانتمائه للمجموعة وتمت تبرئته بحسب الداتا وشهود عيان يحكم عليه مدة 12 عاما إنها ساكسونيا القضاء العسكري". وأرفق ما ورد على صفحته بهاشتاغ "إلغاء القضاء العسكري".
ومعلوم أن محاكم الساكسونية اشتهرت في القرون الوسطى بأحكامها الجائرة لا سيما على الفقراء في حين كان يُنفذ حكم الإعدام بقطع الرأس للمجرمين من طبقة النبلاء على الظل !.
صباح الأربعاء الماضي وعند دخوله قاعة المحكمة العسكرية للمرافعة عن أحد المتهمين فوجئ صبلوح بقرار أصدره رئيس المحكمة العميد جابر ويقضي بمنعه من دخولها، ما دفعه إلى كتابة منشور يتحدّث فيه عن سبب إصدار هذا القرار وخلفياته. ويؤكد أن المنشور أزعج رئيس المحكمة فأصدر قرارا بمنعه من دخول المحكمةالعسكرية مدة 3 أشهر .وعلى رغم الرد الذي استند فيه صبلوح وفق المادة 59 قضاء عسكري لم يتراجع العميد جابر عن قراره فقرر المدعى عليه الإستئناف أمام القضاء وفسخ القرار.
أكثر ما يحز في قلب صبلوح هو صمت المحامين الذين كانوا موجودين في قاعة المحكمة العسكرية عند طرده منها "لم أسمع كلمة اعتراض من أي محام علما أن عددهم كان يقارب ال 15 محاميا ولم ينسحب أحد" . ويشير إلى أنه أرسل ملفه إلى كل من نقابتي المحامين في بيروت وطرابلس والمنظمات الدولية ونقابات المحامين في الدول والمقررين الخواص في مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة.
دخول نقابتي على خط التهدئة لم يقلل من اهتمام وثورة صبلوح المحقة بحسب تعبيره "هذه سابقة قانونية لعدة أسباب أولها تعرضي للإهانة وتشويه سمعتي أمام موكلي ولا محاسبة على بوست منشور على الفايسبوك ووجود نية بإسكات الصوت الذي يفضح الإنتهاكات خلال التحقيق في المحكمة العسكرية. لن أرضى بالمصالحة، وأطالب بأن ياخذ القانون مجراه".
ماذا لو لن يسلك القانون سكة العدالة؟ "السكوت عن هذه السابقة القانونية يعني إسكات صوت كل محام يجرؤ على فضح انتهاكات حقوق الإنسان ويمنعهم من مواجهته"، يختم صبلوح.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك