كتبت ميريام بلعة في "المركزية":
"تحليق مسيّرة انطلقت من لبنان فوق حقل "كاريش" وإسقاطها من قبل الجيش الإسرائيلي"، حدثٌ حَمَل أكثر من رسالة رداً على التهديدات الإسرائيلية الأخيرة بشنّ عدوان قاسٍ على لبنان كردّة فعل ناريّة على مجزرة مجدل شمس في هضبة الجولان.
فقد استوقف إطلاق المسيّرات في اتجاه حقول الغاز الإسرائيلية، الساحتَين الداخلية والإسرائيلية لكون هذه الخطوة تؤشّر إلى أن حقل "كاريش" ليس استثناءً في بنك أهداف "حزب الله" المحتمَلة في المرحلة المقبلة في حال قرّرت إسرائيل المضي في تنفيذ تهديداتها.
خبيرة النفط والغاز في منطقة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لوري هايتايان تعلّق على هذا التطوّر في حديث لـ"المركزية" لتقول: "يواجه "حزب الله" ارتفاع منسوب التهديدات الإسرائيلية، بتكثيف طلعات المسيّرات التابعة له فوق حقل "كاريش" في رسالة مباشرة لإسرائيل رداً على تهديداتها، بأنه قادر على استهداف هذا الحقل وهو تحت مرمى صواريخه وبالتالي على إسرائيل التفكير ملياً قبل تنفيذ تهديداتها للبنان".
وتذكّر بأن "حقل "كاريش" كان مستبعداً من أي استهداف طوال الأشهر العشرة الأخيرة، وذلك تلبيةً لنصيحة الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين. لكن حال نفذ الحزب تهديده باستهداف "كاريش" رداً على أي عدوان إسرائيلي موسَّع على لبنان، فسيُلحِق الأذى بمنصّة "كاريش" العائمة التي تشهد حالياً أنشطة بترولية تطويرية، وبالتالي استهدافها يشكّل خطراً كبيراً على كميات الغاز الموجودة في الحقل بما يسبّب بكارثة بيئية وخسائر اقتصادية كبيرة ستتكبدّها إسرائيل لا محالة".
من هنا، تتابع هايتايان، "في حال توسّعت رقعة المعركة، قد تلجأ إسرائيل إلى إقفال منصّة "كاريش" لحمايتها من أهداف الحزب. لكن ذلك لن يردع الحزب من ضربها، لاعتباره أن استهدافها حتى لو كانت متوقفة، سيدمّرها بالكامل بما يصيب اقتصاد إسرائيل بضربة موجِعة".
وتلفت في السياق إلى أن "الحكومة الإسرائيلية أنجزت خططاً عديدة في حال اندلاع حرب واسعة مع لبنان وإصابة منصّاتها النفطية بصواريخ الحزب. فقد وضعت ما يسمّى بـPlan B على أن تقفل كامل حقول الغاز التابعة لها والانتقال إلى إنتاج الكهرباء عبر استخدام الديزل والفحم، مع احتمال لجوء الحزب إلى استهداف مخازن الديزل أو أي مواد تستخدمها إسرائيل لإنتاج الكهرباء، بهدف الضغط في اتجاه قطع التيار الكهربائي عن إسرائيل وخلق جوّ من البلبلة والفوضى".
أما في لبنان، تُضيف هايتايان "فلا خوف من انقطاع الكهرباء، كون الأزمة موجودة أصلاً والاعتماد هو على المولدات الخاصة التي نتمنى ألا تتضرّر في حال توسيع العدوان على لبنان".
في المقلب الآخر، تُشير هايتايان إلى أن "عمليات الاستكشاف والتنقيب عن النفط في لبنان مؤجَّلة إلى آذار عام 2025 بفعل إرجاء جولة التراخيص الثالثة إلى هذا التاريخ. وفي الوقت ذاته لا نرى أي إشارة من مجموعة "توتال" توحي باستعدادها للقيام بأي أعمال إضافية في البلوك 9 وهو الرقعة الوحيدة التي وُقِّع اتفاق في شأنها بين ائتلاف الشركات "توتال" و"إيني" و"قطر للطاقة" من جهة والحكومة اللبنانية من جهة أخرى، ما يعني غياب أي أنشطة هيدروكربونية في لبنان حالياً وفي المدى المنظور".
وتعتبر أن "هذه الوقائع تؤشّر إلى أن هذا الملف لا يدخل في أجندة الصراع القائم بين إسرائيل و"حزب الله" وحساباته، علماً أنه لا يوجد في مياه لبنان الإقليمية ما يشكّل هدفاً للعدوان الإسرائيلي! إذ لا توجد أي باخرة ولا بنى تحتية ولا منصّة أو معدات لاستهدافها".
في المقابل، "هناك حقل "كاريش" الأقرب إلى الحدود اللبنانية، وكذلك بعض البنى التحتية المرتبطة بحقل "ليڤياثان" للغاز الذي يقع في شرق بحر المتوسط، وهذان الموقعان يمكن أن يكونا هدفاً لصواريخ "حزب الله" في حال توسّعت إسرائيل في حربها على لبنان" بحسب هايتايان.
في حرب البنى التحتية ومنشآت الطاقة، يبقى لبنان الرابح الأكبر في المعركة مع إسرائيل، كونها غير موجودة أصلاً وفي حال وُجدت فهي مهترئة وتحتاج إلى الإصلاح والتحديث...
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك