ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عودة قداساً بمناسبة عيد النبي الياس، في كنيسة النبي الياس في المصيطبة، حيث ألقى عظة استهلها بالقول: "نعيد اليوم لنبي عظيم لا يخلو بيت من اسمه، ولا نجد أحدا لا يحبه أو يطلب شفاعته. ولكن هل يقوم البشر بالتمثل بغيرته الإلهية؟".
وأضاف: "إذا نظرنا إلى سيرة النبي إيلياس الغيور، نلاحظ أن القديس صورة للرب يسوع. فكما أقام الرب ابن الأرملة، هكذا فعل النبي إيلياس مع الأرملة التي لم يكن لديها طعام كثير، بل القليل الذي لا يكفيها مع ابنها، لكنها اقتسمته مع النبي بقلب مليء بالمحبة، فعوضها الله عن محبتها بمحبة أعظم، أي بإعادة ابنها إلى الحياة. هذه المرأة الوثنية عرفت أن إيلياس هو رجل الله، فساعدته ونالت بركة عظيمة من قبل الرب. في أيامنا، كثيرون يدعون الإيمان لكنهم لا يقتنون المحبة في قلوبهم ولا يحبون أحدا، حتى إننا نجدهم يتكلمون بالسوء على إخوتهم البشر، وعلى الكنيسة ومن يخدم فيها. في المقابل، نجد بشرا غير معمدين، يحترمون الإنسان والكنيسة وخدامها، ويعتبرونهم بركة في وسط ظلمة هذا العالم".
وتابع: "النبي إيلياس ذهب إلى البرية أربعين يوما بعدما طلب الله منه القيام بذلك، وكان الرب يقوته هناك بواسطة الغراب. كلنا نعرف أن الغراب، متى جاع يأكل صغاره، أما هنا فقد كان يأتي بالطعام للنبي الجائع. الرب يسوع ذهب إلى البرية أربعين يوما أيضا، حيث جربه الشيطان فأعاد الشيطان مغلوبا. من كان مع الله، حتى وإن جاع أو عطش، يبقي اتكاله على الرب وهو يعتني به. نقرأ في سفر إشعياء قول الرب لشعبه: «هل تنسى المرأة رضيعها فلا ترحم ابن بطنها؟ حتى هؤلاء ينسين، وأنا لا أنساك» (49: 15). صعد النبي إيلياس إلى السماء، كما الرب يسوع. إيلياس صعد على مركبة نارية، أما الرب فأرسل بعد صعوده الروح القدس لتلاميذه على هيئة ألسنة نارية. الروح القدس حمل إيلياس إلى السماء، وسوف يحملنا الروح نحن أيضا، إذا قبلناه، إلى ملكوت السماوات. النبي إيلياس كان رجل صلاة منذ بداية حياته حتى صعوده إلى السماء. إذا صلينا بصدق واستمرارية، نرتفع مثله ونصبح أنوارا تضيء للجميع درب الفردوس. الإنسان المصلي يسكن السماء، ويكون بعد انتقاله من هذه الأرض في عداد الملائكة الذين يسبحون الرب بلا توقف. والإنسان المؤمن يقوى بالرب، حتى في أقسى ساعات ضعفه. هكذا كانت حياة النبي إيلياس، الذي كان قرب الرب، لكنه أخطأ حين قتل أنبياء بعل دفاعا عن إيمانه بالله، فهبت زوبعة وتزلزلت الأرض وسقطت النار، ولم يكن الرب فيها كلها، لكي يعلمه أن الغضب والقتل والقسوة ليست من شيم رجال الله. كان الرب في النسيم العليل، وهذا ما كانه الرب خلال حياته الأرضية، حيث أحب الجميع وعلمهم بالقول والفعل كيف يحبون حقا، ويضحون حتى موت الصليب".
وختم عودة: "دعوتنا اليوم ألا نغضب إلا حيث يجب، ولا غضب سوى أمام الخطيئة، خطيئتنا الشخصية لا خطايا الآخرين، وألا نخطئ عندما نغضب كما قال الرسول بولس «إغضبوا ولا تخطئوا» (أف 4: 26). علينا أن نقتل بذور الخطيئة التي يحاول الشيطان زرعها فينا، حتى نكون أبناء حقيقيين لله، مشتعلين بروحه القدوس، ومنيرين الجميع بنوره، آمين".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك