كما تعلو المطالبات بتفعيل مطار القليعات عند كلّ أزمة أو مع كلّ تشكيل لحكومة جديدة، كذلك الأمر بالنسبة لمرفأ جونية الذي بدأت آخر خطط تطويره وتأهيله في العام 2017 وتوقفت مع اندلاع الأزمة الاقتصاية في 2019.
وسط الحديث والمطالبات بمطار بديل وضرورة تفعيل مطار القليعات، أعلن رئيس مجلس الوزراء نواف سلام خلال كلمته بعد نيل حكومته الثقة من مجلس النواب، عن نيّة الحكومة تطوير المرافئ في لبنان ذاكراً مرفأي بيروت وطرابلس وصيدا وصور، ليقاطعه النواب، مطالبين بضمّ مرفأ جونية أيضاً.
يتكوّن مرفأ جونية، من ثلاثة أحواض: واحد للصيادين وآخر للسياحة والثالث عسكري. علماً أن حوض الصيادين كان يستخدم خلال الحرب الأهلية لنقل المسافرين من جونية إلى لارنكا في قبرص في ظل استحالة الوصول إلى مطار بيروت. كذلك اعتمد الحوض العسكري لنقل البضائع للسفن التجارية الصغيرة. أما اليوم فإن المرفأ يضمّ حوض الصيادين وحوض السياحة الذي لا يصلح لشيء لعدم اكتمال أعمال إنشاء الحوض، واستحالة وصول السفن إليه، على الرغم من كون المرفأ مجهّزاً بصالة للمسافرين مع مكاتب مخصصة للأجهزة الأمنية ولإدارة المرفأ، لا تحتاج إلّا للتشغيل.
وفق آخر مخطط انطلق أواخر العام 2016 وقدّر تمويله آنذاك بقيمة 70 مليون دولار، بدأ إنشاء الحوض الرابع الذي يضم سنسولاً بطول 3 كيلومترات، بإمكانه استقبال ثلاث سفن «ميغا كروز» التي تتسع لخمسة آلاف راكب، ولكن تم رصد 15 مليار ليرة فقط من قبل وزارة الأشغال على مدى 3 أعوام، إلى ان توقفت الأعمال بسبب الأزمة الاقتصادية.
وقد أوضح رئيس بلدية جونية واتحاد بلديات كسروان جوان حبيش، أن المبلغ الذي تم رصده وهو ما كان يوازي 10 ملايين دولار لم يكن كافياً لاستكمال المشروع والمباني المخطط لها، لذا قدم اقتراحاً للحكومة آنذاك بتلزيمه لشركة خاصة عبر نظام الـ BOT «إلا أننا لم نلمس أي نيّة لدى الوزارة أو الرئاسات المعنيّة لتلزيمه، وبالتالي تمّ ردم جزء من البحر وإنشاء سنسول على مساحة 800 متر فقط إلى أن توقفت الأعمال بالكامل نتيجة الأزمة المالية».
واشار حبيش لـ»نداء الوطن» إلى أن مشروع تطوير مرفأ جونية يحتاج اليوم إلى رصد التمويل اللازم له والمقدّر حالياً بحوالى 100 مليون دولار لاستكماله خلال عام، إما من خلال موازنة الدولة إذا توفرت الأموال، او من خلال الشراكة مع القطاع الخاص BOT، «وهو الخيار الأنسب نظراً إلى وضع الدولة المالي». لافتاً إلى أنه في العام 2018 أبدت شركة روسية استعدادها لتطوير المرفأ من خلال الـ BOT إلا أن المسؤولين آنذاك لم يتجاوبوا مع العرض.
وشرح حبيش أن الجدوى الاقتصادية لهذا المشروع ضخمة على الصعيد الإنمائي والاقتصادي والسياحي وتشمل خلق آلاف فرص العمل، كما ان تداعياتها الاقتصادية الإيجابية ستطول المناطق التي تقع على مساحة 50 كلم حوالى المرفأ، حيث ستوفر السفن السياحية التي ستنقل إلى المرفأ 5 آلاف راكب يومياً إمكانية تعزيز السياحة ليس فقط في كسروان بل في جبل لبنان، بيروت، بعلبك وجبيل ايضاً.
وقال إنه تم التحضير سابقاً لـ24 برنامجاً سياحياً للسياح الوافدين عبر المرفأ من خلال البواخر التي تصل صباحاً وتغادر مساء والتي تسيّر رحلاتها عبر محطات عدّة في دول شرق البحر المتوسط مثل الإسكندرية، ليماسول القبرصية، تركيا، اليونان، إيطاليا، فرنسا وإسبانيا...
وفيما أكد حبيش أن السياحة رائجة حالياً بشكل كبير في البحر المتوسط، رأى أنه إذا توفرت الظروف الأمنية والسياسية المناسبة فإن لبنان ينضم إلى هذا النوع من السياحة البحرية. مؤكداً أن المرفأ بوضعه الحالي لا يصلح لأي استخدامات على الصعيد السياحي، باستثناء أن ترسو البواخر في وسط الخليج ويتم نقل الركاب بزوارق صغيرة إلى المرافئ الصغيرة المجاورة لمرفأ جونية. مؤكداً أن هذا الخيار غير مجدٍ على الصعيد الاقتصادي والسياحي لأنه لا يشمل البواخر السياحية الضخمة التي تجول في عدّة دول في المتوسط لمدّة أسبوع.
وأمل حبيش في ألاّ يكون الحديث المستجدّ عن تطوير مرفأ جونية مجرّد كلام، معتبراً أنه يمكن لمس جديّة الموضوع عندما يتم رصد التمويل اللازم له إما بالموازنة او عند تحضير ملف تلزيمه.
من جهته، اوضح النائب شوقي الدكاش لـ»نداء الوطن» أن المطالبة حالياً تتعلّق بإعادة فتح وتأهيل مرفأ جونية القديم لكي يستقبل البواخر السياحية الصغيرة، «أما المطالبة الأكبر فهي مرتبطة بالمخطط القديم الذي تم إطلاقه في السابق 3 مرات ولم تستكمل عملية الردم حتّى.
وقال إن استكمال مخطط تطوير مرفأ جونية السياحي ضرورة ملحّة داعياً للتغاضي عن كافة النقاشات والخلافات السياسية كون هذا المرفأ يعتبر مشروعاً سياحياً أساسياً يجب أن يستقبل البواخر الكبيرة التي تضمّ أكثر من 4 آلاف راكب والتي تجول بين تركيا وقبرص وباقي الدول الأوروبية والتي يجب أن يكون لبنان جزءاً من جولاتها.
ولفت الدكاش إلى أن التداعيات الاقتصادية لهذا المشروع تطول السياحة في مختلف المناطق اللبنانية وستحرّك الدورة الاقتصادية في مجمل القطاعات. معتبراً ان استكمال مخطط تطوير مرفأ جونية السياحي يمكن أن يستكمل لاحقاً بجعله مرفأً تجارياً أيضاً لأغراض الشحن.
وفيما أعلن أنه سيزور وزير الأشغال لهذا الغرض الأسبوع المقبل، قال إنه يجب بدء البحث مجدداً عن مصادر تمويل المخطط بالإضافة إلى إمكانية تطوير المرافئ الأخرى الموجودة على الساحل.
وكان النائب نعمة افرام قال خلال كلمته قبيل منح الحكومة الثقة، إنّ «مرفأ جونية القديم، ومن دونِ أي تكلفة تُذكر، يمكنُ تفعيلُهُ فوراً لإطلاقِ خطٍ بحريّ سياحيّ يستقطبُ ملايين السياح الذين يزورون قبرص، حيث يمكن استحداث رحلات بحريّة توفّرُ تجربةً ترفيهيّة مميزة على الباخرة، مع قضاء يومين في لبنان قبل العودة ِإلى قبرص، ما يُعزّز السياحة ويُدخل العملة الصعبة إلى البلاد». وأضاف: أمّا المرفأ الجديد، الذي لم يُستكمل بعد، فيمكنُ إنجازُهُ وفق نظامBOT ، وبأقل من ثلاث سنوات، ليصبح قادراً على استقبال البواخرِ العملاقة، بما يسمحُ له بأخذ دوره الطبيعي كمرفأ سياحي استراتيجي يخدُم لبنان بأكمله، تماماً كما خُطّط له منذ البداية.
اما النائب وليد البعريني فقد طالب الحكومة بإعادة تأهيل مرفأ العبدة العكاري وتحويله إلى مرفأ سياحي وربطه بمرفأ جونية السياحي ومن ثم الناقورة وفتح خط سياحي بحري مع قبرص، موضحاً لـ «نداء الوطن» أن الدراسات موجودة والقيمة التقديرية لتأهيل مرفأ العبدة لا تتجازو 6 ملايين دولار.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك