ريمون مارون مركز الشرق الأوسط للأبحاث والدراسات الاستراتيجية- MEIRSS
عندما تفقد الدولة سيادتها، تفقد ماهيتها. تصبح مجرد إطار فارغ، تملؤه قوى أخرى تتنازع على السلطة، فيما يبقى اسم الدولة قائمًا شكليًا دون أن يحمل مضمونه الحقيقي. فالسيادة ليست امتيازًا، بل هي جوهر الدولة، وما دونها ليس إلا فراغًا سياسيًا لا ينتج إلا أزمات متكررة. وهذا هو التحدي الأكبر الذي يواجه لبنان اليوم: كيف يمكن الحديث عن إصلاح وإنقاذ في غياب سلطة فعلية للدولة على أرضها؟
لا دولة دون سيادة، لأن السيادة هي التي تحدد من يمتلك القرار، من يضع القوانين، ومن ينفذها. وعندما يكون القرار متشظيًا بين أطراف متعددة، فإن الدولة تتحول إلى ساحة نزاع، لا إلى كيان سياسي قادر على الفعل. فالبيان السياسي الذي يضع السيادة في قلب مشروع الإنقاذ لا يعبر فقط عن موقف سياسي، بل يعكس حقيقة جوهرية: لا يمكن بناء دولة قادرة، إن لم تكن هذه الدولة صاحبة القرار في الحرب والسلم، في الأمن والاقتصاد، في رسم السياسات وحماية المجتمع.
إن غياب السيادة لا يعني فقط غياب القرار العسكري للدولة، بل يعني غياب الاستقرار، وغياب أي إمكانية لتحقيق العدالة والازدهار. فالناس، "بحاجة إلى العيش الطبيعي"، لكن هذا العيش الطبيعي لا يمكن أن يتحقق في ظل دولة فاقدة للسلطة على حدودها، غير قادرة على ضبط أمنها، وعاجزة عن فرض سياساتها. فكل إصلاح اقتصادي، وكل محاولة لاستعادة الثقة، ستبقى مجرد أوهام إن لم يكن للدولة سلطتها الكاملة على أراضيها، وحدودها، ومؤسساتها.
وهنا تبرز أهمية القرار السياسي في استعادة السيادة. فالدولة ليست مجرد جهاز إداري، بل هي إرادة سياسية تتجسد في سلطة واضحة المعالم، غير متنازع عليها. وعندما تكون هذه السلطة موزعة بين جهات متعددة، فإن فكرة الدولة ذاتها تصبح موضع شك. ولهذا، فإن حصر السلاح بيد القوى النظامية ليس مجرد مسألة أمنية، بل هو إعادة تأسيس للدولة على قاعدة واضحة: الدولة وحدها هي صاحبة السيادة، ولا يمكن لأي كيان آخر أن ينازعها هذا الحق.
لكن استعادة السيادة ليست مجرد قرار سياسي، بل هي مسار تاريخي يتطلب مواجهة الواقع بكل تناقضاته. فهناك من اعتاد على واقع اللاسيادة، ووجد فيه مساحة للتحرك والمناورة، وهؤلاء لن يسلموا بسهولة بمنطق الدولة القادرة. ولهذا، فإن استعادة السيادة تتطلب حسمًا لا مهادنة فيه، لأن أي تراجع عن هذه الفكرة يعني الاستمرار في الأزمة ذاتها، وتكريس واقع الدولة العاجزة.
فوضع السيادة في صلب مشروع الإصلاح ليس مجرد وثيقة سياسية، بل هو إعلان عن مرحلة جديدة، حيث يصبح وجود الدولة مرتبطًا بقدرتها على فرض سلطتها. وهذه ليست مسألة نظرية، بل هي المسألة الجوهرية التي يتوقف عليها مستقبل لبنان. فإما أن تكون هناك دولة قادرة على القرار، وإما أن يبقى لبنان رهينة قوى تتنازع على أرضه، فيما يظل المواطن محاصرًا في دوامة الفوضى وعدم الاستقرار.
إن استعادة السيادة ليست مجرد ضرورة سياسية، بل هي الأساس الذي يُبنى عليه كل شيء آخر. فكما لا يمكن أن توجد حرية بلا قانون، لا يمكن أن توجد دولة بلا سيادة. وحين تستعيد الدولة قرارها، تستعيد نفسها، وتصبح قادرة على الفعل، بدلًا من أن تكون مجرد رد فعل على ما يفرض عليها. وهذا هو جوهر الأزمة: هل يريد لبنان أن يكون دولة فاعلة، أم أن يظل كيانًا هشًا تحكمه التوازنات لا الإرادة الوطنية؟ الإجابة على هذا السؤال هي التي ستحدد مستقبله.
السيادة أو العدم: معركة الدولة لاستعادة ذاتها
الــــــســــــابــــــق
-
النائب محمد يحيى: لرفع الغبن والحرمان عن عكار التي تعضّ على جرحها وعسى أن تلتزم الحكومة شعار الإنقاذ والإصلاح الذي أطلقته وأن يطال المناطق المهمّشة ومنها عكار
-
محمد يحيى: للإلتزام بالقرار 1701 كاملًا ووضع إستراتيجية دفاعية وحصر السلاح بيد الدولة وتأمين العدالة للجميع ولإجراء التعيينات والتشكيلات القضائية واعتماد سياسة مالية رشيدة
-
محمد يحيى: انسجاماً مع خطاب القسم والبيان الوزاري أمنح الحكومة الثقة
-
النائب نبيل بدر: سعينا جاهدين إلى إيصال رئيس حكومة يُحاكي إرادة اللبنانيين ويتكامل مع رئيس الجمهورية ومع وصول سلام استبشرنا خيرًا بأن يأتي بحكومة مخالفة عن سابقاتها لكن للأسف ما كنّا نطمح إليه لم يتحقق
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك