فيما كان الاهتمام المحلي منصبا على مراسم تشييع الامينين العامين السابقين لحزب الله السيدين حسن نصرالله وهاشم صفي الدين أمس، كان رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون يطلق مواقف متقدمة سياديا ووطنيا، على مسامع وفد ايراني زاره في قصر بعبدا على هامش زيارته لبنان للمشاركة في التشييع.
فقد لفت الى انه "على مدى عقود طويلة، خسر لبنان زعامات كبيرة، وخلال العدوان الإسرائيلي الأخير، سقط شهداء دفاعاً عن وحدة لبنان واستقراره". وقال "لقد تعب لبنان من حروب الآخرين على ارضه، واوافقكم الرأي بعدم تدخل الدول في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وافضل مواجهة لاي خسارة او عدوان، هي وحدة اللبنانيين. ونشارككم في ما أشار اليه الدستور الإيراني في مادته التاسعة التي تؤكد على ان "حرية البلاد واستقلالها ووحدة أراضيها وسلامتها، هي أمور غير قابلة للتجزئة"، كما تؤكد على انه "تتحمل الحكومة وجميع افراد الشعب مسؤولية المحافظة عليها، ولا يحق لأي فرد او مجموعة او أي مسؤول ان يلحق ادنى ضرر بالاستقلال السياسي او الثقافي او الاقتصادي او العسكري للبلاد، او ان ينال من وحدة أراضي البلاد بحجة ممارسة الحرية".
اللافت في هذا الكلام توقيته ومضمونه والجهة الموجه اليها، بحسب ما تقول مصادر سيادية لـ"المركزية". فموقف عون لا يأتي فقط تزامنا مع تشييع نصرالله بل بعد ايام من الاستفزازات التي تحمل بصمات ايران والتي تعرض لها العهد الجديد، مِن بوابة المطار حيث تم في حرمه رفع اعلام ايران وحزب الله الى طريق المطار التي قطعها مناصرو الحزب متهمين رئيسي الجمهورية والحكومة بالخضوع لأميركا من أجل "طائرة إيرانية" منعتها السلطات اللبنانية من الهبوط في مطار بيروت بعد أن هددتها إسرائيل.
اما من حيث المضمون، فبدا عون حازما في رفض استخدام لبنان صندوق بريد او ساحة من قبل اي جهة محلية او خارجية، وقد قال هذا الكلام على مسامع الإيرانيين الذين كان لهم دور كبير في تشجيع حزب الله على اطلاق حرب الاسناد في ٨ تشرين. فشكّل كلامه، تتابع المصادر، ادانة لهذا السلوك الايراني وحمل تأكيدا على ان هذا السيناريو لن يتكرر بعد اليوم. ايضا، أصر عون على الجزم بأن مسؤولية الدولة اللبنانية من الآن فصاعدا حماية لبنان وصون أمانه واستقلاله، وتاليا، هذه المهمة لا يمكن ان يدعيها او يحتكرها أحد، وهو الامر الذي قام به حزب الله طوال الفترة السابقة.
هذه الرسالة أبلغها اذا عون الى الاصيل، اي ايران، بعد ان أبلغها الى الوكيل، اي حزب الله، والى الجميع في الداخل، في خطاب قسمه، وكأن به يقول لطهران إن عليها أن تقلع عن كل سياساتها السابقة لبنانيا وأن تعيد دوزنة عقارب حزب الله على التوقيت اللبناني الجديد. فهل فهمت الرسالة ؟ وهل يبدأ مسار لبننة الحزب، ويساعد حزب الله فعلا في ببناء الدولة تحت سقف الطائف، كما قال أمينه العام الشيخ نعيم قاسم امس، الامر الذي يبدأ بتسليم سلاحه للدولة.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك