يمثل الحلّ الثابت والمستدام لمعضلة سلاح «حزب اللّه» شرطاً أساسياً لتطبيع الوضع اللبناني أولاً، ولتطبيع علاقات لبنان العربية والدولية ثانياً، وبالتالي فإن التحدّي الأكبر أمام الحكومة الجديدة، وبعد تعطيل المفاعيل السياسية للسلاح بنسبة كبيرة، هو تعطيل التهديد الفعلي الذي يمثله للأمن والاستقرار في لبنان، بعد انتفاء دوره، بل تحوُّله إلى طعم لاستدراج الاعتداء على لبنان.
وبحسب عارفين، فإن رئيس مجلس النواب نبيه بري لم يخفِ تحفّظه عن التورّط في أي حرب في المدى المنظور وربّما في المدى الأبعد، لا سيّما في ضوء النتائج الكارثية «لحرب الإسناد»، علماً أنه سمع ما يكفي من ملاحظات ومواقف تنضح بالأسى والخيبة من شخصيات شيعية ورجال أعمال ومغتربين سابقين وظفوا أموالهم في لبنان.
وبحسب العارفين، فإن الرئيس بري قال لرئيس الجمهورية العماد جوزاف عون خلال اللقاء الثلاثي الأخير في قصر بعبدا، بحضور رئيس الحكومة نواف سلام: نحن لا نريد الحرب ولا أحد يريد الحرب، وهل يعقل أن يكون أحد يرغب في الحرب في ضوء كل ما حصل من نتائج ميدانية وسياسية؟
موقف رئيس المجلس ورئيس «حركة أمل» تبلور في أكثر من تصريح وكلام لوزير المالية ياسين جابر، الذي اعتبر أنه لم يعد من ضرورة «للمقاومة» راهناً بقوله «إن المقاومة وُجدت لأنها كانت ضرورة، وطالما أن الاستقرار متوافر يشعر الناس بالأمان. لا أظنّ أن أحداً يريد أن يُقتل أولاده، أما إخراج إسرائيل من النقاط الخمس فسيكون بالعمل الدبلوماسي».
أما في ما خص مسألة مزارع شبعا، والتي راهن عليها «حزب اللّه» طويلاً كحجة لاستمرار المقاومة وتالياً للاحتفاظ بسلاحه، فإن النظام السوري الأسدي الذي استمرّ خمسة وخمسين عاماً، لم يكلّف نفسه مرة واحدة التبرع بإعلان الاستعداد على الأقلّ لمناقشة موضوع لبنانية المزارع.
وإذا كان من بدّ للاعتراف بحق لبنان فيها، فثمّة حاجة إلى إطلاق مسار منهجي يبدأ بانتزاع الاعتراف السوري بلبنانية المزارع، كي يتمّ تكريسها في القانون الدولي عبر الأمم المتحدة. ولذلك اللوم الكبير يقع على عاتق «حزب اللّه» ومحور الممانعة ككل، إذ لم يرغب «الحزب» في الضغط على النظام السوري السابق كي يعترف بلبنانية المزارع، على الرغم ممّا قدّمه من تضحيات هائلة دعماً لاستمرار هذا النظام.
ومن الواضح بحسب الدبلوماسي المخضرم، أن «حزب اللّه» وبالتوافق مع نظام الأسد، هو الذي أراد أن تبقى المزارع سورية، كي يبقى محتفظاً بما يعتبره حق المقاومة، وفي ذلك خدعة فاضحة، لا سيّما أن المزارع تعتبر جزءاً من الجولان المحتل وتخضع للقرارين 242 و338، وليس للقرار 452 الخاص بالجنوب اللبناني.
أما الأولوية الثانية، فهي إعادة إطلاق المسار الديمقراطي من خلال الانتخابات البلدية والاختيارية بعد الانتخابات الرئاسية وقبل الانتخابات النيابية. وإذا كانت الانتخابات البلدية تمثل اختباراً معبّراً، فلأن معظم القوى السياسية على اختلافها، تسعى هذه المرة إلى خوضها صراحة، وفق منطق التحالفات المحلية، كي تشكل بروفة تمهيدية للاستحقاق النيابي، ولتثبيت تقدّم هذا «الحزب»، أو تعويم ذاك «الحزب» بعد النكسات التي مني بها.
أما في ما خص الاستحقاق النيابي، فقد لوحظ أن البيان الوزاري لم يأت على ذكره إلّا من باب أهمية حصوله، بينما أغفل كلياً مسألة إعداد قانون جديد أو إجراء تعديلات أساسية على القانون الحالي، كما أوحى بذلك خطاب القسم.
ولكن رئيس الجمهورية لم يخف أمام زوّاره أن «الأهم هو إجراء الانتخابات النيابية المقبلة في موعدها، ولو أن لديه تساؤلات حول بعض ثغرات القانون الحالي، لا سيّما أن البلاد أمام أوضاع استثنائية حسّاسة ترتبت على الحرب الأخيرة وتداعياتها».
لا شكّ أن الأولوية هي لاستعادة السيادة الكاملة وإعادة الإعمار والإصلاح الجدي، وهو ما لن يسمح كثيراً بالانصراف إلى البحث في قانون انتخابي جديد، علماً أن الوقت داهم نسبياً مع الانصراف للانتخابات البلدية الوشيكة والانتقال مباشرة بعدها لتحضير الانتخابات النيابية.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك