في مقابل الانسداد الجزئي في وضع الجنوب، ومحاولات إسرائيل الحصول على التمديد الثاني للهدنة، انفراج من نوع آخر في العاصمة بيروت يريح المواطنين بعد سنوات من الحواجز والإقفال القسري. وسط العاصمة أصبح "آمناً وسالكاً" بعد إزالة المكعّبات الإسمنتية التي كانت تقطِّع أوصاله ففتحت شوارعه على بعضها، كما كانت وكما يجب أن تكون.
في المقابل، وبشكلٍ لم يفاجئ أحداً من المراقبين، رمت إسرائيل حجراً في مستنقع هدنة الجنوب، فحرَّكت المواقف لبنانياً وإقليمياً ودولياً. فنقلاً عن "مسؤول لبناني ودبلوماسي أجنبي"، أوردت وكالة "رويترز" أن إسرائيل طلبت إبقاء قواتها في خمس نقاط في جنوب لبنان حتى 28 شباط الجاري. وتابعت "رويترز" أن هيئة البث العامة الإسرائيلية، نقلت عن مسؤولين كبار في الحكومة أن إسرائيل حصلت على إذن من الولايات المتحدة الأميركية بالبقاء في عدة نقاط في لبنان بعد الموعد المتفق عليه لانسحابها.
حيال هذا الواقع، تحرك لبنان الرسمي، وعلمت "نداء الوطن" أن رئيس الجمهورية جوزاف عون كثف اتصالاته أمس مع الأميركيين والفرنسيين لتحقيق الانسحاب الإسرائيلي في 18 شباط. وقد أبلغه الأميركيون بأنهم لا يزالون يجرون اتصالات مع الإسرائيليين لحثهم على احترام المهلة وتأمين الانسحاب لينتشر الجيش اللبناني ويبدأ بتطبيق القرار 1701.
وعن تأخير اجتماع لجنة المراقبة، جاء الجواب أن السبب يعود إلى وجود رئيس اللجنة في إسرائيل من أجل إتمام الانسحاب وتنسيق الأمور.
وكان رئيس الجمهورية أكد "إصرار لبنان على الانسحاب الكامل للعدو الإسرائيلي ضمن المهلة المحددة في 18 شباط الجاري". وأعلن عبر مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية أن "لا صحة لما بثته محطة "الحدث" عن اتفاق بين لبنان وإسرائيل على تمديد وقف النار لما بعد عيد الفطر".
كما صدر عن المكتب الإعلامي لرئيس مجلس النواب نبيه بري أن "ما نسبته قناة "الحدث" عن مصادر حول اتفاق بين الرئيس نبيه بري و"حزب الله" على تمديد وقف النار مرة ثانية هو محض اختلاق ومزيف تماماً".
ولفتت مصادر البيت الأبيض إلى أن ما يتم تداوله في أروقة الإدارة الأميركية هو أن مهلة الـ 60 يوماً لم تكن كافية، وأنه لو كان الموضوع بيد الإدارة الحالية لما وافقت عليه. وبالرغم من ذلك، قال الدبلوماسي الأميركي السابق والباحث في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي "آرون ديفيد ميلر" لـ"نداء الوطن" إنه "على الرغم من انحياز ترامب الواضح إلى جانب رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو في الاتفاق بين إسرائيل وحماس، فإن الإدارة الأميركية تريد التمسك بالتزاماتها في لبنان وتتجنب الانطباع بأنها لعبة بيد نتنياهو"، مضيفاً أن "تأخير الانسحاب من شأنه أن يضعف الحكومة اللبنانية التي تشكلت حديثاً ويعزز قوة "حزب الله"، وهو ما تريد الولايات المتحدة تجنبه".
كما أشارت مصادر ديبلوماسية إلى أن نائبة الموفد الأميركي إلى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس ستصل إلى بيروت في 16 الحالي. وأضافت المصادر: "ستكون زيارة التفاوض الأخيرة لتأكيد الانسحاب الإسرائيلي في 18 الشهر الحالي".
بين الموقف الإسرائيلي الذي يقول إنه يحوز موافقة واشنطن، وموقف لبنان الذي يرفض تمديد الهدنة لِما بعد الثامن عشر من شباط، إلى الثامن والعشرين منه، كيف ستتطور الأمور؟ إسرائيل تواصل التصعيد، فمساء أمس خرق الطيران الحربي الإسرائيلي جدار الصوت فوق العاصمة بيروت وكسروان، وهو التطور الأول منذ وقف إطلاق النار. وتندرج في سياق التصعيد أيضاً، ثلاثة تفجيرات متتالية وعنيفة شهدتها بلدة كفركلا، وتفجير ضخم في بلدة حولا.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك