بات للبنان وزارة لشؤون تكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي، في حكومة الرئيس نواف سلام. وهي حقيبة كان يجب أن تُضاف الى مجموعة الحقائب التقليدية بأي حال، وبمعزل عن إسم رئيس الحكومة، وذلك تحت طائلة تعريض البلد للخروج من الزمن.
تغيير كبير... أولاً...
ولكن التحديات المرتبطة بتلك الوزارة كثيرة جداً، تماماً كما أن المجهود المطلوب منها كبير جداً. فما هي فرص النجاح في بلد مثل لبنان؟ وماذا عن مستقبل احتمالات التعثُّر التكنولوجي المحلّي على "طريق الفِيَلَة" بين الولايات المتحدة الأميركية من جهة، والصين من جهة أخرى، بين أطراف محلية قد تدفع باتّجاه محاولة حصر التعامل مع شركات التكنولوجيا الصينية، وبين أخرى ستدفع الى التعاطي مع الشركات الأميركية أكثر، والى الاستفادة من المميّزات الأميركية في هذا المجال؟
هذا مع العلم أن الواقع يُفيد باستحالة حصول لبنان على أي نوع من تكنولوجيا متطورة، أو فائقة التطور، من دون التغيير السياسي والأمني والعسكري والاقتصادي، الواجب تحقيقه في البلد.
الحَوْكَمَة
رأى الخبير في الأمن السيبراني والتحوّل الرقمي رولان أبي نجم أنه "من دون التغيير السياسي والأمني المطلوب، فإن لبنان لن يتمكن بطبيعة الحال من تحقيق قفزة تكنولوجية نوعية".
ولفت في حديث لوكالة "أخبار اليوم" الى أن "وزارة شؤون تكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي هي من أهمّ الوزارات، وهي المرة الأولى التي يكون للبنان فيها حقيبة من هذا النوع. ولكن الحَوْكَمَة هي العامل الأساس لأي تحوّل رقمي وأمن سيبراني وذكاء اصطناعي، لأنها هي التي ستضع المعايير لكل ذلك، وهي التي ستديره".
قوانين وبنى تحتية
عن أول ما يجب أن يحصل الآن، بالمقدّرات الموجودة في البلد حالياً، أكد أبي نجم "ضرورة التعاطي مع مستقبل التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في لبنان من أُطُر عدة. فأولاً، وعلى غرار وجوب حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية، يجب حصر كل ما له علاقة بالتكنولوجيا والاتصالات بيد الدولة، وأن لا يُسمَح بأي إنترنت غير شرعي، ولا بأي شبكة اتصالات غير شرعية. وبَدْء تطبيق ذلك يحتاج الى أن تكون لدينا الإرادة السياسية اللازمة".
وأضاف: "الأمر الآخر هو وجوب إصلاح وتحسين البنى التحتية التي لدينا، على مستوى الكهرباء والإنترنت والاتصالات مثلاً، وهو ما يمهّد الطريق لتحقيق التحوّل الرقمي. فمن دون بنية تحتية، لا يمكن القيام بشيء. هذا طبعاً الى جانب ضرورة تطوير العامل البشري لتحقيق الأهداف أيضاً. فالكل يدرك أن موظفي الدولة لا يدركون شيئاً على مستوى التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، وأن معظمهم ليسوا مؤهَّلين، وأن أكثريتهم موجودة في الوظيفة العامة بالواسطة، ولا يُداومون أصلاً. وبالتالي، العامل البشري بحاجة الى إعادة تأهيل، والى صرف من يجب صرفهم من الخدمة، وتوظيف غيرهم يمتلكون الكفاءات اللازمة، وذلك كمقدمة للقول إننا بدأنا بمشوار التحوّل الرقمي".
وتابع: "هناك مسألة القوانين أيضاً. فلا يمكن إجراء أي تحوُّل رقمي، ولا تحقيق أي خطوة في عالم الذكاء الاصطناعي، من دون قوانين مرتبطة بذلك. وبالتالي، هذه الأمور من البديهيات والأساسيات".
بين أميركا والصين؟...
ردّاً على سؤال حول احتمال السّقوط بسجالات سياسية داخلية مستقبلاً، بين أطراف محلية تدفع باتّجاه الشركات الصينية، وأخرى نحو الشركات الأميركية، أجاب أبي نجم: "لا أعتقد أننا سنصل الى تلك المرحلة، لأن التوجُّه الذي تذهب فيه الأمور بالبلد واضح. فسواء رغبنا بذلك أم رفضناه، فإن لبنان تحت نوع من رعاية أميركية. وهذا يزيد من ترجيح كفّة التعاطي مع الولايات المتحدة الأميركية في المجال التكنولوجي، خصوصاً أن معظم التكنولوجيات في العالم هي أميركية أصلاً، فيما نحن لسنا مُصنّعين، أي اننا نحتاج الى مزوّدين للخدمات الإلكترونية من الخارج. وبين أميركا والصين، أعتقد أن الدفّة تميل نحو أميركا، نظراً الى أن لبنان تحت رعاية أميركية واضحة".
وختم: "لا يمكن للبنان أن يخرج من دائرة المساعدة الأميركية له في مجال التكنولوجيا، والبنية التحتية اللازمة لها أيضاً، لا سيّما على مستوى تأمين الكهرباء مثلاً. فهذا يتطلّب دعماً أميركيّاً، ولا مجال لاستقلالية محليّة مُطلَقَة في تلك المجالات، بطبيعة الحال".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك