جاء في "الجريدة" الكويتية:
لا بد لسقوط النظام السوري أن يحدث تحولاً له انعكاسات كبيرة على لبنان، بدءاً من وقف استباحة الحدود، وقطع طريق الإمداد من العراق إلى سوريا وصولاً للأراضي اللبنانية. وهذا ما سيترافق مع إعادة تغيير في الموازين السياسية، التي لا بد لها أن تكون مبنية على التوازن.
كان العراق قد التقط كل هذه التحولات، وسط معلومات تفيد بنقاش جدي في الداخل العراقي حول الحفاظ على التوازن الداخلي وفي العلاقات الخارجية. ما جرى لا بد أن تتسع انعكاساته لتطال جهات مختلفة، ولا سيما إيران التي ستكون أمام مراجعة كبيرة لكل السياسات والاستراتيجيات، والتفضيل ما بين خيار الثورة أو الدولة، خصوصاً ما بعد عملية طوفان الأقصى إلى ما بعد سقوط نظام الأسد، وما بينهما الضربات التي تلقاها حزب الله، الذي بدوره أيضاً سيكون أمام تحديات كبيرة تتصل بدوره وحصر دوره بلبنان فقط.
في هذا السياق، تشير مصادر قريبة من حزب الله إلى أن الحزب يتعاطى بواقعية مع كل ما جرى، يعلم أن الضربات التي تلقاها محور إيران هي ضربات قاسية جداً، وستؤدي إلى تغييرات جذرية في دور المحور وموقعه.
تؤكد المصادر القريبة من الحزب أنه عمل على سحب كل قواته من سوريا، كما أن الإيرانيين انسحبوا. ويكشف المصدر أنه في الأيام السابقة لسقوط الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد حصلت معه مفاوضات حول إجراء سلطة انتقالية وتسليم الصلاحيات فيها للحكومة مقابل أن يبقى رئيساً لكنه رفض ذلك، وأن كل المعلومات كانت تفيد بحصول هجوم عسكري واسع للمعارضة لكن الحزب بدا متفاجئاً من سرعة تحركها وسيطرتها على المحافظات، ومن عدم قتال الجيش السوري وهو ما دفع بالحزب وحلفائه والإيرانيين إلى التراجع.
يعلم حزب الله أنه في لحظة تحول كبير ستكون لها ارتدادات على دوره وموقعه، فهو يسلّم بأنه سيواجه صعوبة كبيرة في مسألة استمرار خط إمداد السلاح عبر سوريا، ويقول إن ما يهمه من التطورات هو أن لا يقترب المعارضون من لبنان ومن مناطق ومصالح الحزب فيه. سقوط الأسد يشكل ضربة قوية للحزب تفوق الضربات الإسرائيلية التي تلقاها، لأن قطع طريق الإمداد يعني قطع الشريان العسكري الحيوي للحزب، وهذا سيفرض عليه اهتمامات أخرى أبرزها التركيز على الداخل اللبناني، وعلى إنجاز تسوية داخلية، وإنهاء الحقبة التي تحول فيها إلى قوة إقليمية.
لذلك فحزب الله يصرّ على ضرورة إنجاز تسوية سياسية وانتخاب رئيس للجمهورية في الجلسة التي حددها رئيس مجلس النواب نبيه بري، على قاعدة التوافق والتوازن السياسي، وعلى الرغم من تعاطي الحزب بواقعية ومن استعداده لتقديم التنازلات المطلوبة، لكنه في المقابل يرفض أن يتم التعاطي معه باستضعاف أو بوصفه مهزوم عسكرياً لأن برأيه هذا التعاطي سيرتد سلباً على أصحابه. ينتظر الحزب استكمال تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار، وبعدها وبعد انتخاب رئيس جديد للجمهورية سيكون مستعداً للبحث في الوصول إلى استراتيجية دفاعية تعالج مسألة السلاح.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك