كتب كبريال مراد في "نداء الوطن":
كلّ المعطيات تشير إلى أنّ قطار الاستحقاق الرئاسي وُضع على سكّة الانتخاب، وأن مرحلة جديدة بدأت مع وقف إطلاق النار، وأن المشاورات والإتصالات ستتفعّل في الأيام والأسابيع الفاصلة عن موعد جلسة التاسع من كانون الثاني، في سعي جدّي لخروج النواب من بعدها للقول: "لقد بات لدينا رئيس".
وبهدف الوصول إلى نتيجة مختلفة عن الجلسات السابقة، يفترض أن تكون التحضيرات مختلفة. فقد علمت "نداء الوطن" أن غير المعلن عن المشاورات والإتصالات يفوق المعلن منها. وأن اسم قائد الجيش لا يزال متقدّماً، لكن الكواليس السياسية بدأت الحديث عن "plan B"، إذا استمر الفيتو الشيعي في وجه جوزيف عون، والفيتو المقابل على سليمان فرنجية.
فما الاسم الذي يمكن أن يؤيده الفريق المعارض ويأتي "بالثنائي الشيعي" أو بأصوات "التنمية والتحرير" على الأقل، فيتأمّن نصاب الجلسة والأصوات الكافية لفوزه؟
للإجابة على هذا السؤال، يشبّه نائب معارض فاعل في الكواليس الرئاسية المسألة بالبرنامج الشهير "من سيربح المليون"، حيث يسهّل الإتصال بصديق، أو حذف إجابتين، الوصول إلى الخيار الصحيح. وعودة الحراك إلى "لجنة التنسيق المنبثقة من المعارضة" في هذا التوقيت، يمكن وضعها في هذه الخانة، وقد بدأ معها وضع الأسماء التي تلبّي شروط المرحلة المقبلة على الطاولة.
في هذا السياق، لا شكّ أن مقاربة الاستحقاق الرئاسي ما بعد وقف إطلاق النار، تختلف عما قبل الحرب. وأن أسماء باتت منتهية الصلاحية، على غرار وزراء سابقين أو سفراء سابقين، شغلوا مناصب في عهود سابقة، ويُطرحون خصوصاً كنقطة تقاطع بين "التيّار الوطنيّ الحرّ" وما يُعرف بقوى "الثامن من آذار".
حتى أن أسماء عدّة من "سلّة الأسماء" التي جمعتها بكركي نتيجة الإتصالات مع القوى السياسية المسيحية، لم تعد صالحة اليوم للتوافق عليها بمواصفات المرحلة الجديدة، ولكونها لا تمرّ لدى حركة "أمل" و"حزب الله". وقلّة من بينها فقط يمكن أن تحقق التوافق المطلوب. فهذا التوافق، هو بين طرفين من موقعين مختلفين، لا بين مكونات اللون الواحد. فلا المعارضة وحدها يمكن أن تصنع الرئيس، ولا "الثنائي" يستطيع أن يفرض الرئيس.
إلى عين التينة
من هنا، يبرز مسار تتجه إليه الأنظار المحلية والدولية، وهو التقاطع ما بين "القوات اللبنانية" و"الثنائي" على اسم يحمل "مواصفات المرحلة" وما سيرافقها من استعادة للثقتين المحلية والدولية، وإعادة الإعمار، وتطبيق القرار 1701، والسير بالخطوات الآيلة إلى الحفاظ على الاستقرار.
فيأتي المجتمع الدولي ليدعم سياسيّاً ومالياً، هذه الولادة الجديدة للدولة اللبنانية، التي كانت حتى الأمس القريب، على "قاب قوسين" من الترهّل الأمني والمؤسساتي والاقتصادي والنقدي والاجتماعي. وقد سمع عاملون على الخط الرئاسي كلاماً واضحاً من سفراء دول خليجية وأوروبية، عن الاستعداد لاستثمارات كبيرة في لبنان في حال سلوك هذا المسار، "وإبقاء الحنفية مقفلة" في حال استمر البعض في التعاطي مع المرحلة الجديدة بذهنية ما قبل آلية الـ 1701 وأدواتها.
ووفق معلومات "نداء الوطن" فإن لقاء سيجمع في الساعات المقبلة رئيس مجلس النواب نبيه برّي مع وفد من "القوات اللبنانية"، في سياق تلمّس إمكان سلوك هذا المسار الجديد. لا سيما أن بقاء الإصطفاف على حاله، سيبقي لبنان بلا رئيس، بينما كسر هذا الجمود، بمدّ الجسور بين المتباعدين، يفتح الطريق أمام جلسة منتجة وأمام ملء الشغور الرئاسي.
إذاً، دينامية التحضير لجلسة مطلع العام الجديد تختلف عن الحراك الذي سبق الجلسات الماضية و"ثبات الهدنة" على المستوى العسكري وتداعياته، سيبقي الطريق إلى الانتخاب "سالكاً وآمناً".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك