كتب معن بشور في "اللواء":
كم كان محقّاً رئيس وزراء الكيان الصهيوني، ومجرم الحرب، نتنياهو، حين وصف يوم الأحد في الثامن من أيلول 2024، يوم عملية «معبر الكرامة» على الحدود الأردنية - الفلسطينية «باليوم الصعب»، فهو أكثر المدركين لخطورة هذه العملية، والعملية التي سبقتها في مثل هذه الأيام قبل عام في أغوار الأردن التي نفّذها مقاتل من جنين اسمه أيضاً ماهر تركمان وابنه الشهيد أحمد وابن شقيقه وليد، وأدّت الى مقتل 3 مستوطنين صهاينة.
فأكثر ما يقلق تل أبيب منذ تأسيس الكيان هو أن تتحوّل الحدود بين الضفة الشرقية والغربية وطولها مئات الكيلومترات الى ساحة مواجهة مفتوحة مع المقاومين الفلسطينيين والأردنيين والعرب، وأن تنطلق العمليات من شرق نهر الأردن كما من غربه.
كما أن نتنياهو يعرف أكثر من غيره كم لها رمزية تلك العملية في موقعها (معبر الكرامة)، الذي يذكّر بمعركة الكرامة في آذار 1968، والتي كانت الرد العربي الأول على نكسة حزيران 1967، حين خاضتها حركة "فتح" بالتنسيق مع الجيش العربي في الأردن الذي كان يقوده اللواء مشهور حديثة الجازي الذي ينتمي الى عشيرة الحويطات الواسعة الانتشار في عدة بلدان عربية وذات التاريخ الوطني المشهود، والتي ينتمي إليها بطل العملية الشهيد ماهر جازي، كما ينتمي إليها الشيخ هارون جازي الحويطي قائد سرية متطوعي أبناء الحويطات في معركة القسطل بالقدس في حرب 1948.
كما يدرك نتنياهو وأركان حربه ان هذه العمليتين اللتين وقعتا في أغوار الأردن هما إنذار بأن السيطرة على الموقف الأمني على الحدود مع الأردن لم تعد كالسابق، خصوصاً ان العلاقات بين الأردنيين والفلسطينيين ليست علاقة عادية، بل هي وثيقة الوشائج والروابط على غير صعيد، ناهيك عن المسؤولية المعنوية والوطنية والأخلاقية التي يتحمّلها الأردن، بصفته صاحب الرعاية الرسمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، ولا سيّما المسجد الأقصى المبارك، وقد بات عنواناً لأطول حروب الصراع العربي - الصهيوني، وحيث دفع الاحتلال في هذه الملحمة من الخسائر البشرية والعسكرية والاقتصادية والإعلامية ما لم يدفعه في أي حرب أخرى.
ولا ينسى نتنياهو ان بطل العملية سائق الشاحنة هو «شرق أردني» وينتمي الى واحدة من أكبر العشائر العربية الممتدة من معان في جنوب الأردن الى فلسطين ومصر وسورية والعراق وبلدان عربية أخرى، وان دوافع بطلها كانت «فردية» كما جاء في بيان وزارة الخارجية الأردنية بمعنى انها تعبير عن حجم الاحتقان الشعبي في الأردن من جرائم العدو الصهيوني، وانها تعبير عن غضب شعبي ملأ ويملأ الشوارع في عمّان والمدن الأردنية من الشمال الى الجنوب منذ بدء «ملحمة طوفان الأقصى» قبل 11 شهراً.
لقد تحدث نتنياهو دوماً عن جبهات سبع يخوض جيشه المعارك عليها، ولكن اليوم سيجد نفسه متحدثاً عن الجبهة الثامنة وهي الحدود مع الأردن التي إذا تم اشعالها من الصعب على جيش العدو اخمادها... فالجبهة الثامنة المتكاملة مع جبهة الضفة الفلسطينية المشتعلة منذ أيام تشكّلان التهديد الأكبر للأمن الصهيوني والتأكيد على ان ساحات المقاومة تتسع فعلاً ونوعاً...
وما يجب أن ينتبه إليه نتنياهو وهو يتحدث عن اليوم الصعب، انه سيواجه مع فريقه المتطرف أياماً أكثر صعوبة على كافة الجبهات، بما فيها جبهة غزة والضفة، وإن كل التباهي الذي يحرص على الظهور به في تصريحاته ستتحوّل الى فضائح كبرى في تاريخ المشروع الصهيوني.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك