كتبت مريم حرب في موقع mtv:
كلّما برز تقدّم في مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة وإطلاق الأسرى، يأتي ردّ إسرائيلي على شاكلة ما حصل في المواصي جنوبي القطاع، بعد استهداف خيم نازحين بحجة اغتيال قائد "كتائب القسام" محمد الضيف الموجود في فيلا قريبة من الخيم. وأشارت المعلومات إلى أنّ جهود المفاوضات مستمرّة ولم تتوقف كما سرّب سابقًا. وعمليًّا الاجتماعات شكليّة وبلا نتائج.
تبادل الاتهامات سيّد الموقف؛ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اتّهم "حماس" بعرقلة المفاوضات وجدّد تمسكه بإحدى نقاط الخلاف مع "حماس"، قائلًا إنّ لإسرائيل "الحق في الاستمرار بالحرب حتى تحقيق كلّ أهدافها". أمّا "حماس" فعدّت "تصعيد نتنياهو وحكومته ضدّ الشعب الفلسطيني أحد أهدافه لقطع الطريق على التوصل إلى اتفاق". وعلى ما يبدو أنّ مراوغة نتنياهو ومماطلته مقصودة.
إطالة أمد المفاوضات من دون حسم القضايا الخلافية يخدم مصلحة نتنياهو ويبعد عنه هاجسين. فالأخير، وفق الصحافي ابراهيم ريحان، "يراوغ لتمرير الوقت، إنطلاقًا من حساباته الداخلية لعدم خسارة الأكثرية "بعد الدعم الذي ناله من "اليمين المتطرف" المتمثّل بدعم وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش والذهاب إلى انتخابات". وأضاف ريحان، في حديث لموقع mtv: "استطلاعات الرأي ترجّح فوز الوزير السابق بالمجلس الحربي الإسرائيلي بيني غانتس وتسلّمه رئاسة الوزراء، لذلك يسعى نتنياهو لإطالة وجوده في الحكم قدر المستطاع لتحسين شعبيته علمًا أنّ شعبيته عادت لترتفع قليلًا مقارنة مع بداية بعد الحرب على غزة".
يبحث نتنياهو، المتهم بالفساد وخيانة الأمانة، عن صورة انتصار ما لترميم مكانته بالمشهد الإسرائيلي وإبعاد المحاسبة والمحاكمة عنه في أحداث 7 أكتوبر. وأشار ريحان إلى أنّ نتنياهو يحاول، عبر مواقفه وخطاباته في الأسبوعين الأخيرين، توجيه أصابع الإتهام وإلقاء اللوم على المؤسسة العسكرية والقيادات الأمنية في الإخفاق الذي حصل في 7 أكتوبر لإبعاد نفسه عن الملامة". وتابع: "لم يعد خفيًّا الخلاف بين نتنياهو والقيادة العسكرية بعدما ظهر إلى العلن عدم التوافق في الخيارات والقرارات".
بعد مجزرة المواصي، لا يزال مصير محمد الضيف مجهولًا. ولفت ريحان إلى أنّ "نتنياهو أعطى الأمر بالقصف في محاولة منه لإعطاء الداخل الإسرائيلي مبرّرات بأنّه يقوم بما عليه لجهة القضاء على قيادات "حماس" ومعاقبة كل من وقف خلف 7 أكتوبر، وفي الوقت عينه يضغط على "حماس" في المفاوضات لتقبل بإطلاق الأسرى من دون وقف لإطلاق النار".
دائمًا ما التزمت الإدارة الأميركية بتأمين أمن إسرائيل ودعمها بالمال والعتاد لهذا الغرض، وبالتالي رهان البعض على فكرة أنّ نتنياهو يراوغ بغية "انتظار وصول صديقه الرئيس السابق والمرشح "الجمهوري" دونالد ترامب ساقطة". فـ"ما قدّمه الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن إلى إسرائيل، وخصوصًا زيارتها وهي في حالة الحرب، لم يفعله أي رئيس أميركي سابق"، على حدّ تعبير ريحان.
في الأيّام المقبلة التي تسبق زيارة نتنياهو إلى واشنطن ولقاءه بايدن، قد نشهد تصعيدًا في العمليات وفي نوعيتها، ومشهد النصيرات قد يتكرّر، وتوسعة الحرب في الجنوب اللبناني مستبعدة في ظل غياب الضوء الأخضر الأميركي لإسرائيل لشنّ حرب أوسع.
وأوضح ريحان أنّ " نتنياهو قد يعمد إلى تقديم شيء في المفاوضات قبل لقائه بايدن في البيت الأبيض، علمًا أنّه يراوغ كثيرًا حتى مع الوفد الإسرائيلي المفاوض".
المشهد حسّاس جدًّا والمفاوضات مستمرّة ولا يمكن توقّع موعداً للتوصّل إلى نتيجة. ووسط هذا كلّه، يحاول نتيناهو أن يصنع لنفسه صورة توحي بأنّه يعرف ماذا يفعل ليبقى واقفًا على رجليه، رغم اشتداد الهجوم عليه من خصومه في الداخل الإسرائيلي.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك